ما إن حددت نتيجة الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة أن الإعادة ستكون بين مرسى وشفيق حتى بدأ كثيرون يقولون: «سنعصر على أنفسنا ليمونة وننتخب مرسى»، لكن الأفضل هو أن نعصر كل حدائق الليمون فى مصر على رؤوس قادة الإخوان لينتبهوا إلى أن «الشراكة الوطنية الكاملة» هى السبيل الوحيد أمامهم الآن لإنقاذ أنفسهم وجماعتهم، فازوا بالرئاسة أم خسروها، ناهيك بالطبع عن إنقاذ الثورة والوطن، إن أرادوا ذلك. وتعالوا نحسبها بالعقل. لو فاز الإخوان بالرئاسة لن يكون بوسع رئيسهم أن يدير البلاد دون أن تتعاون معه القوات المسلحة وأجهزة الأمن وبيروقراطية الدولة ومجتمع المال والأعمال الذى تربى وسمن فى زمن مبارك، وولاؤه لنظامه. وقد يعرقل المجلس العسكرى وكبار رجال الأمن قرارات «الرئيس مرسى»، ووقتها لن يستطيع أن يواجه هذا إلا بتعبئة الشعب خلفه، وكيف له أن يفعل ذلك فى ظل تراجع شعبية الإخوان، حسبما ظهر من نتائج الجولة الأولى؟ ومن ثم فإن قيادة «شراكة وطنية» هى السبيل الوحيد الآن لاستعادة هذا الزخم الشعبى والثورى وإلا سيواجه الإخوان العسكر وحيدين معزولين. وهنا لن يكون أمامهم إلا خوض صراع ضار يمنيهم بخسارة فادحة قد يكون أولها وليس آخرها حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان الانتخابات البرلمانية، أو يضطرون إلى الدخول فى صفقة مستخدمين أوراقا تفاوضية بأيديهم هى الدستور والبرلمان وتهييج الشارع، وهنا سيستثمر العسكر هذا مؤقتا قبل أن يضربوا الإخوان على رؤوسهم ضربة جديدة قاصمة. أما إن خسر مرسى الكرسى، فالويل والثبور وعظائم الأمور، إذ قد يعقب ذلك بطلان الانتخابات البرلمانية، كما قلت، أو يبقى البرلمان مقيدا، ويشتد الصراع بين شفيق والإخوان، ووقتها ستبدأ الألاعيب القديمة. فمثلا، بعد تبرئة مساعدى حبيب العادلى وتحميله فقط مسئولية «الامتناع» عن وقف القتل، لا بد الآن من البحث عن قاتل، وغالبا سيحملون الإخوان المسئولية، ومهدوا لذلك بالقول: «الرصاص مش ميرى» وقال عمر سليمان: «الإخوان وحماس حرقوا الأقسام والسجون»، ثم رددت هذا إحدى القنوات الفضائية التابعة لأجهزة الأمن، كما ادعوا أن «التنظيم الخاص شارك فى أحداث ماسبيرو» .. لاحظوا، وافهموا أن الظالمين لا حدود لتبجحهم، قتلونا وهم من سيحددون القاتل. وغداً، بهذا الحكم، سيقولون «الثورة مؤامرة» وسيحاكمون الثوار ومعهم الإخوان. والأفضل أن نواجه هذا مجتمعين. لا حل إذن أمام الإخوان إلا «الشراكة الوطنية الكاملة» وهى كما قلت مرارا وتكرارا ليست اقتساما لغنائم، لأنها لا توجد أصلا، إنما توزيع لأعباء جسيمة وأحمال ثقيلة تنتظر القوى الثورية فى الفترة المقبلة، وهذا هو التطبيق الأفضل لشعار الإخوان فى الجولة الثانية «قوتنا فى وحدتنا» قبل أن يحل الندم على انتصار من يخدعنا ويقول: «الأفعال.. وليس الكلام».