شابان من العريش لقيا حتفهما إثر تعذيب دام أسبوعين وسط شكاوى من اعتقالات عشوائية وتلفيق تهم لأي مشتبه به من سيناء، ومنسق لجنة "دعم سجناء سيناء" ينفي رواية الشرطة حول المتهم الرئيس في مذبحة جنود رفح الثانية. في حين أن استهداف حافلات نقل الجنود لم يتوقف، حيث قتل جنديين وأصيب ستة آخرون في إطلاق نار عند جسر وادي العريش ظهر الأربعاء. كما لم تتوقف المواجهات والاشتباكات في محيط مدينة النخيل والزيتون. . خرجت من جامع أبو بكر الصديق بحي الفواخرية عصر الأربعاء جنازة مهيبة شيع فيها أهالي مدينة العريش جثمان عبد الله محمود رباع، 28 سنة ووالد لطفل، وسط دعوات رافضة لمشاركة من قاموا بتفويض وزير الدفاع بما أسماه مواجهة العنف و"الإرهاب المحتمل". كان أبو رباع قد اعتقل قبل 15 يوماً من نشر أحد المواقع الإخبارية المقربة من الأجهزة الأمنية خبر وفاته قبل وصوله للنيابة العسكرية في مدينة الإسماعيلية، وهو و"مازن مجدي سليم". باستفسار أهله، أبلغتهم الشرطة بأن جثمان ابنهم راقد في مشرحة زينهم بالقاهرة دون أو تفسير إبداء أسباب، حيث فوجئوا بتغيير ملامح ابنهم وظهور آثار التعذيب واضحة على جثمانه. . كانت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري على موقع فيسبوك قد نشرت صورتي القتيلين عقب توقيفهما وقد بدوا وقتها بصحة جيدة. في حين اتهمتهما الشرطة بالضلوع في مقتل جندي عند مقر الرقابة الإدارية في شمال سيناء زاعمة أنها قد ظبطت معهما سلاح قناص به كاتم للصوت، وهو ما نفته أسرة عبد الله أبو رباع بشدة. وقد نشرت الصحافة السيناوية المحلية عن مرافقين لأسرة آل أبو رباع وقائع استلامهم جثمان ولدهم أنهم قد تعرضوا لضغوط لتوقيعهم على ما يفيد انتحاره أو موته في حادث سير. وقد أظهر التقرير المبدئي للطب الشرعي أن سبب وفاة أبو رباع هو سجحات في جميع أجزاء الجسم وارتجاج في المخ وكسور في الأضلاع وإصابة في الرئة، وأن سبب وفاة سلمان هو العديد من الكسور والكدمات وسجحات بجميع أنحاء الجسم وكدمات بالرأس نتج عنها نزيف فوق السحايا وتحتها (بين العظام والمخ). أوضح التقرير عدم وجود أثر لأية طلقات نارية في جسدي القتيلين، وشددت النيابة العسكرية على عدم تسليم الجثتين لذويهما إلا عبرها. . لم يكن التكذيب والنفي مقتصراً فقط على رواية الشرطة بخصوص انتحار القتيلين قبل عرضهم على النيابة العسكرية. ففي الأول من أيلول / سبتمبر أصدر حسن عبد الله النخلاوي، منسق لجنة دعم السجناء السياسيين في سيناء، بياناً بعنوان "توضيح حقائق" نفى فيه بشكل قاطع ما ادّعته وزارة الداخلية حول "عادل حبارة"، المتهم الرئيس في مذبحة جنود رفح الثانية التي وقعت الشهر الماضي. فقد تناقلت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي زعم الجهاز الإعلامي لوزارة الداخلية أن "حبارة" محكوم بالإعدام في قضية تفجيرات طابا ونويبع وأنه قد أفرج عنه بموجب عفو رئاسي من الرئيس المعزول محمد مرسي، وقد أكد النخلاوي أن المحكومين الستة في القضية المذكورة، وليس من بينهم "حبارة"، موجودن في سجن العقرب وتعاد محاكمتهم منذ أكثر من عام أمام محكمة "أمن الدولة عليا طواريء"، وأن أياً منهم لم يحصل على أي عفو من أي نوع. وقد انتقد النخلاوي ما أسماه "مهرجان العفو" الذي شمل محكومين في قضايا إرهاب أخرى وكذا قضايا مخدرات، واعتبر أن استثناء متهمي قضية طابا من العفو كان استجابة لضغط دولة الاحتلال الصهيوني التي أعربت عن قلقها إزاء الإفراج عنهم. . وفي بيان "السلفية الجهادية" التي أصدرته صباح الأربعاء ردا على ادعاء الجيش استهدافه مخزن للسلاح وقتله وإصباته لعشرات المسلحين في قريتي "الثومة" و"المقاطعة" جنوب الشيخ زويد، فإن البيان نفى وجود أي تنظيم يحمل اسم "القاعدة" في سيناء. مصادر محلية قريبة من الجماعات الجهادية أكدت ل "الأخبار" صحة هذه المعلومة في بيان السلفية الجهادية؛ حيث تقتصر التنظيمات الجهادية المعروفة في سيناء على "أنصار بيت المقدس"، و"مجلس شورى المجاهدين – أكناف بيت المقدس"، وبقايا تنظيم "التوحيد والجهاد"، وأخيراً تنظيم "السلفية الجهادية". وبذلك تم تكذيب الشق الثاني في رواية وزارة الداخلية حول عادل حبارة، الذي وصفته بأنه زعيم تنظيم القاعدة في سيناء، علماً بأنه من سكان محافظة الشرقية في دلتا وادي النيل وصادر بحقه حكم بالإعدام في قتل جندي في محافظة الشرقية عام 2012، وليس من أبناء سيناء. استمرار الاشتباكات والكمائن ضد الشرطة والجيش على الجانب الآخر، لم يتوقف استهداف جنود الشرطة والجيش ودورياتهما ونقاط ارتكازهما الأمني. فظهر الخميس سقط جندي أمام مدرسة أحمد عرابي برصاص مسلحين لاذوا بالفرار، وقبلها بساعات انفجر لغم أرضي زرعه مسلحون أمام جرافة للجيش أثناء قيامها بتقطيع أشجار الزيتون في محيط الارتكازات الأمنية جنوبالعريش. كان الجيش قد بدأ في إنشاء عوازل مكشوفة حول ارتكازاته في طريق مطار العريش تفادياً للهجمات التي تأتي من المزارع المجاورة، وفق الرواية الأمنية. وقد تأثرت الجرافة بالانفجار دون وقوع إصابات. في وقت متزامن، تم استهداف نقطة ارتكاز أخرى بقذيفتين صاروخيتين، حسب الصحافة المحلية في سيناء. وهو القصف الثاني في أقل من 24 ساعة في الجهة ذاتها. ظهيرة الأربعاء، استقبل المستشفى العسكري في العريش جثماني جنديين وستة مصابين آخرين تعرضوا جميعاً لهجوم مسلح استهدف حافلة تنقل جنوداً للشرطة والجيش ناحية جسر سد وادي العريش، ولم يصدر بيان رسمي بمزيد من التفاصيل.