الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : "إسرائيل" فى حساب التاريخ    فيلم "سيكو سيكو" يواصل التحليق في الصدارة ويقترب من رقم قياسي جديد    «تنمية للبترول» تحقق 533 مليون جنيه صافي ربح خلال 2024    «الضرائب» توضح تفاصيل خضوع المطاعم والكافيهات ل«القيمة المضافة» وتحذر من حملات تحريضية    تظلمات سكن لكل المصريين 5.. اعرف آخر موعد لاستقبال رسائل الأولوية    جهاز تنظيم الاتصالات يناقش أبرز تحديات المستخدمين في عصر الجيل الخامس    «الأعلى للجامعات» يعلن آليات اختبارات القدرات تنسيق 2025 (التفاصيل)    وزير الدفاع الباكستاني: قرارات مجلس الأمن تمنح شعب كشمير حق تقرير المصير ويجب احترامه    الأندية تصوت على إلغاء الهبوط.. 10 موافقة و5 ممتنعة    أتالانتا يتمسك بماتيو ريتيجي رغم اهتمام ميلان ويوفنتوس    النصر أم البرازيل؟.. رونالدو يخطط للاستمرار في الملاعب موسمين آخرين    متى وقفة عرفات وموعد عيد الأضحى 2025 في مصر؟.. تعرف على توقيت الإجازة الرسمي وأيام العطلة    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    مصر تسترد 20 قطعة أثرية من أستراليا    مصر تسترد 20 قطعة أثرية من أستراليا    أنغام تتألق في "ليلة العمر" بالكويت وتستعد لحفل عالمي على مسرح "رويال ألبرت هول" بلندن    أستاذة علوم سياسية: كلمة الرئيس السيسى ببغداد شاملة تتفق مع السياسة الخارجية المصرية    "جلسة جديدة".. بايرن ميونخ يكشف تطورات المفاوضات مع ساني    احتفالا بذكرى مجمع نيقية.. اجتماع ممثلي الكنائس الأرثوذكسية    إغلاق ميناء الغردقة البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    استعدادات «تعليم قنا» لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة كورنيش شبين الكوم    محافظ المنوفية يترأس اللجنة العليا للقيادات لاختيار مدير عام التعليم الفني    علاء عبد العال: "بيراميدز لا يلوم إلا نفسه"    هل تزوج عبدالحليم من سعاد حسني؟.. وثيقة تشعل الجدل وأسرة العندليب تحسم الأمر    رئيس الهيئة القومية لجودة التعليم: الفنون قوة مصر الناعمة في كل العصور    اقرأ وتدبر    شراء الذهب بالتقسيط    هيئة الدواء تعقد ملتقى للتعريف بالدليل الاسترشادي عن دور صيدلي الأورام في العلاج الإشعاعي    بدء التصويت في الانتخابات التشريعية بالبرتغال    توريد 200 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    تواضع رغم النجاح| 4 أبراج لا تغريها الأضواء وتسعى للإنجاز بصمت    بداية من اليوم.. السكة الحديد تتيح حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2025    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    ما العيوب التي تمنع صحة الأضحية؟ الأزهر للفتوى يجيب    الحج رحلة قلبية وتزكية روحانية    حكم قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن؟.. علي جمعة يوضح    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    ترحيل المهاجرين لسوريا وأفغانستان.. محادثات وزيري داخليتي النمسا وفرنسا غدا    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيديو. الحلم النووى أصبح خرابًا
نشر في أخبار النهاردة يوم 21 - 01 - 2012

«كان صرحا من خيال فهوي».. لا أتحدث عن قصة حب فاشلة بين عشيقين فرقتهما الليالي، وباعدت بينهما الأيام، وإنما أتحدث عن الحلم النووي المصري
الحلم الذي ولد في الخمسينيات ونما في الستينيات وترعرع في الثمانينيات.. وخبا حتي مطلع القرن الحالي، وبعدها عاد للظهور من جديد
وداعب خيال المصريين، بعدما أكدت حكومة نظيف أن مصر ستصبح دولة نووية بنهاية 2012.
وإذا كنت ممن يحلمون بدخول مصر العصر النووي هذا العام، فاستيقظ من فضلك، وافتح عينيك، وتوقف عن الأحلام فقد ضاع كل شىء.. كيف ضاع؟.. ولماذا؟.. ومن الذي ضيعه؟.. هذه الأسئلة كلها لدي إجاباتها القاطعة.. ولكن لنبدأ المأساة من البداية.
البداية كانت الأخبار المتوالية عن الصدام بين أهالي الضبعة وقوات الجيش والشرطة اللتين تحميان مقر المحطة النووية بمطروح.. لماذا الصدام.. وإلي متي؟.. وما هدفه؟.. ومن يشعله؟.. هذا ما رحت أبحث عنه هناك.. في الضبعة، التي تحمل اسم أنثي الضبع والتي أطلق الناس عليها هذا الاسم بعدما لاحظوا ان سكان المنطقة، يحرصون دائما علي تحذير أطفالهم من الضباع ويقولون لهم صباح مساء «أوعي الضبعة تاكلك».. ومن هنا صار اسمها الضبعة.
وطوال الطريق من القاهرة إلي الضبعة «حوالي 350 كيلو متراً» وأنا أحاول أن أتخيل حال المحطة النووية التي تعهدت حكومة نظيف بأن تبدأ في إنتاج الكهرباء في نهاية 2012 وأن يصل إنتاجها من الكهرباء إلي 100 ميجاوات عام 2019.
وبمجرد ان تركت طريق (مصر - إسكندرية) الصحراوي واتجهت إلي طريق العلمين المؤدي للضبعة مباشرة، حيث يوجد مقر الحلم النووي، كانت البدايات تثير التفاؤل وتبعث علي السعادة، فالأشجار تحيط بالطريق من الجانبين، واللون الأخضر يمتد علي مدد الشوف.. مرة بمزارع العنب، وأخري بمزارع الزيتون، وثالثة بالنخيل وأحيانا بنباتات الشعير والطماطم.
حتي المسجد الذي ستمر عليه في طريق العلمين يبعث علي الفرح، فاسمه مسجد السعداء.
أما الأراضي التي مازالت بكرا ولم تمسها يد إنسان فتنتشر بها أعشاب الصحراء، وبدا الأمر وكأن هذه الأرض البكر تصرخ: هل من مزارع!
ورغم أنني كنت في أقصي شمال مصر، هاجم رأسي مشهد حدث قبل عقود طويلة في أقصي جنوب البلاد .. مشهد بناء السد العالي، وهو المشروع العظيم الذي من أجله ضحي أبناء النوبة بمسقط رأسهم وبيوتهم وأرض جدودهم، وقدموها طواعية من أجل عيون السد العالي.. حلم كل المصريين - في الستينيات.
وقلت في نفسي: هل أبناء الضبعة أقل وطنية من أبناء النوبة؟
لم أفكر طويلا في هذا السؤال فلقد وصلت لبداية الحلم.. أقصد بداية المكان المخصص للمشروع النووي.. وهناك وجدت فاجعة في انتظاري.. السور المحيط بالمشروع متهدم وأعمدته أشبه بأشلاء جنود قُتلوا ومزقوا في معركة غير متكافئة!
اقتربت من المكان أكثر وأكثر.. ففوجئت ببعض الشباب يكسرون خرسانة الأعمدة المتهدمة لاستخراج الحديد.. وبيعه بالكيلو كان المشهد يشبه إلي حد كبير بيع جثة قتيل لم يعد يملك حولا ولا قوة!
خراب ومخربون
دخلت المكان الذي تتعلق به قلوب المصريين فلم أجد أثرا لمحطة نووية ولا حتي لمحطة أتوبيس!
فقط.. وجدت 7 مبان إدارية بعضها متهدم وبعضها محترق، وكلاهما - المتهدم والمحترق - مسروق النوافذ والأبواب والمصابيح والأسلاك الكهربائية، حتي دورات المياه تم سرقة مقاعد حماماتها، والحنفيات ومواسير المياه..
وتحت الركام وجدت وثائق وأوراق المحطة النووية كلها مدفونة، والذي لم يغطه الركام عبثت به الرياح فتناثر في كل مكان وبعض تلك الوثائق أكلتها النار فحولتها إلي رماد..
أما الأجهزة فجميعها محطم أو محترق وكذلك حال المواد الكيماوية التي كان يستخدمها العاملون بالمحطة، حتي سقف المباني تم نهبها وكذلك فعل الفاعلون بالأجهزة التي كان العاملون بالمحطة يحتفظون بها في المخازن لزوم التشغيل!.. نفس الجريمة كرروها مع الخزائن التي كانت موجودة داخل المحطة.
وقعت عيني علي كل هذه الكوارث، فوجدتني أتمتم بعفوية «يا نهار أسود.. يا نهار أسود».
كنت أرددها بعفوية وعندما وقعت عيني علي بعض الشباب فمن يخربون المباني ويحطمون ما بها من أثاثاتها والمواد الكيميائية، وفوجئت ببعضهم يحمل ما يستطيع من أخشاب وأرفف وحديد ويضعها علي سيارة نصف نقل وينطلق بها خارج المكان!
اقتربت من هؤلاء وقلت: إيه يا جماعة.. ليه بتخربوا المكان كده؟.. وفي لحظات أحاط بي أكثر من عشرة من هؤلاء وقال أحدهم «ملعون أبوالنووي.. دول كانوا حرامية وإحنا مش لاقيين ناكل».
استوقفني ان أحدا لم يعترض علي نهب مخلفات مباني المحطة النووية، وبدا لي الأمر لغزا محيرا، ولكنني اكتشفت ان أغلب الناهبين والسارقين والمحطمين يحملون أسلحة آلية وعندها بطل العجب.. فلقد عرفت السبب.
وعلي مسافة غير بعيدة من المباني الإدارية للمحطة النووية وجدت خياما منصوبة، وأغناما ترعي، ورجالا تغدو وتروح.
توجهت مباشرة إلي أحد رعاة الأغنام واسمه «مفتاح سالم عطية»، وهو رجل في العقد السابع من عمره، قابلني بترحاب ولما سألته: إيه اللي بيحصل هنا؟.. فقال بهدوء: دا نصرة ربنا.. أصحاب الضبعة استعادوا أرضهم وبيوتهم التي تم تهجيرهم منها ظلما وعدوانا».
تركته يستكمل كلامه فواصل قائلاً: وهو يشير إلي أشجار زيتون قريبة: شجر الزيتون هذا أنا الذي زرعته بيدي عام 1965 .. ثم أشار بيده إلي أطلال منزل قريب وقال: هذا بيتي ولكن الحكومة هدمته وطردوني من المكان أنا وحوالي 5 آلاف أسرة كانت كلها تقيم في منطقة الضبعة وغزالة.. طردونا دون ذنب وقالوا هنعمل هنا محطة نووية ومرت 30 عاماً أقاموا محطة ولا عملوا نووي.. ولذها استرددنا أرضنا.. فهل نحن مخطئون؟!».
وقبل أن أجيبه تدخل شاب اسمه «سالم عطية» وقال إحنا لو حسينا انهم جادون في عمل المحطة النووية كنا سيبنا الأرض.. إحنا بنحب مصر ولكن اللي حصل انهم كانوا بيضحكوا علينا وأخذوا الأرض بالقوة علشان يوزعوها علي المحظوظين.
ويبدو ان خبر وجودي وزميلي المصور داخل أرض الضبعة قد انتشر في الضبعة بسرعة كبيرة ولهذا تزايدت أعداد الرجال الداخلين إلي الضبعة وكان الكل يدافع عما حدث وجري.. والغريب ان بعضهم لم يكن من أصحاب أراضي الضبعة.. إبراهيم راغب - الشهير ب «شيبو» كان أحد هؤلاء الذي دافع بحماس عن استعادة أهل الضبعة لأراضيهم وقال «لعن الله قوما ضاع الحق بينهم» واللي حصل دا هو الحق».
وواصل «أنا ترشحت في مجلس الشعب 4 مرات علشان أدافع عن حق أهل الضبعة في أراضيهم والحمد لله أنني عشت لليوم الذي تحقق فيه هذا الأمر».
قلت ولكن المشروع اتخرب ومبانيه تهدمت وأجهزته احترقت فقال بغضب: اللي بيعمل كده بلطجية مش من الضبعة وياريت الشرطة ترجع تأمن المكان.. وبعد من أجهزة إيه دول كانوا شوية مكاتب وكام جهاز تليفزيون وكام كرسي وشوية مواد كيماوية».
سألته: والشرطة انسحبت ليه؟
فقال: اسألهم.
قلت: مش تم الاعتداء عليهم وضربهم بالطوب.
فقال: لا .. صحيح حصل صدام بين بعض الشباب ورجال الشرطة والجيش اللي كانوا بيحموا المحطة ولكن دا مش مبرر أنهم ينسحبوا من المكان ويتركوه للبلطجية تسرقه وتحرقه».
(الانفجار)
لماذا انفجرت الأحداث الآن واصطدم أبناء الضبعة بقوات الجيش التي كانت تحرس المحطة؟.. هذا السؤال طرحته علي عدد كبير من أهالي الضبعة.. فقال أغلبهم إن ما حدث هو إحدي ثمار الثورة مؤكدين أنهم لم يكن ليجرؤ علي استعادة أرضهم قبل 25 يناير وقالوا: من كان يتحدث في هذا الأمر قبل الثورة كان يتم اعتقاله فورا ولما نجحت ثورة 25 يناير صار من حق الجميع استعادة حقوقهم.
هكذا قال الكثيرون ولكن «العمدة مهنا» كان أكثر دقة وتحديدا وقال: «بعد الثورة طلبنا من المسئولين الانصاف ولم نجد استجابة، وقبل 55 يوم منعنا دخول العمال والموظفين من دخول المحطة حتي يصل صوتنا للمسئولين، وبالفعل طلب اللواء «طه السيد» محافظ مطروح ان يلتقي بممثلين عن أهالي الضبعة، فذهبت ومعي حمودة حداد ومستورد أبو شيكار. ومجموعة من الأهالي وقلنا للمحافظ: إحنا مش لاقيين ناكل وعايزين أرضنا «فقال الموضوع مش في إيدي.. قلنا: عايزين نقابل رئيس الوزراء.. فقال: طيب فهموني الموضوع كله .. فحكينا له وقلنا ان هناك أكثر من 5 آلاف أسرة تم طردهم من أرضهم في الضبعة وغزالة لإقامة محطة نووية علي الأرض الممتدة بطول 17 كيلو من غزالة حتي الردار بالضبعة. وقلنا ان الحكومة طردت الأهالي شر طردة وألقتهم في الشارع مثلما كان يفعل الإسرائيليون بالفلسطينيين».
وواصل العمدة مهني «طلب المحافظ مهلة للتفكير في حل الأزمة وبعد فترة أخبرنا أنه توصل إلي 3 مقترحات أولها إلغاء المشروع والثاني تقليص مساحته إلي 2 كيلو متر مربع بدلا من 60 كيلو مترا والاقتراح الثالث هو إقامة المشروع ولو بالقوة وطبعا رفض أهالي الضبعة المعتصمون مقترح قامة المشروع علي كامل الأرض وقالوا سنأخذ أرضا ولن نتركها وهنموت فيها وعندها قال المحافظ: طيب سأرد عليكو في نصف ديسمبر.. ولكنه لم يرد فطلبنا يوم 20 ديسمبر لقاء اللواء نبيل فهمي قائد المنطقة العسكرية الشمالية والتقي مع ممثلين عن المعتصمين وقيادات مدينة الضبعة وعوائل قبائلها بمن فيهم الشيخ «أبو بكر الجراري» شيخ الدعوة السلفية وانتهي الاجتماع بوعد قائد المنطقة الشمالية بحل الأمر بعد انتهاء الانتخابات وقال ان الحل في الغالب سيكون بالاكتفاء بإقامة المحطة النووية علي مساحة 2 كيلو متر مربع مع تعويض أصحاب هذه الأرض تعويضا مناسبا وإعادة باقي الأرض لأصحهابها».
وفي 30 ديسمبر الماضي اجتمع أهالي الضبعة مع اللواء مدحت النحاس قائد المنطقة الغربية العسكرية فأكد لهم مرة أخري أن الحل الذي اقترحه اللواء «نبيل فهمي» قابل للتنفيذ، وهنا أعلن الأهالي رفضهم للمشروع خوفا علي أسرهم من حدوث تسرب إشعاعي.
وعلي الفور أعلن أهالي الضبعة رفضهم للمشروع ورفعوا لافتات تقول «لو الطاقة النووية آمنة ومتطورة.. اعملوا المشروع في القاهرة» وقالوا في لافتة ثانية «لو فوايد كثير.. اعملوا في التحرير» ولافتة ثالثة تقول «يا مشير يا مشير.. النووي مشروع خطير».
وانضم عدد كبير من أبناء مطروح مع أهالي الضبعة - فوصل عدد المعتصمين إلي عدة آلاف وحسب تأكيدات «العمدة مهني» انتهت الانتخابات في 11 يناير. ولم يجدوا استجابة من المسئولين فاقتحموا المكان واستعادوا أرضهم».
سألت العمدة مهني: دخلتم الأرض فلماذا هدمتم المباني وأحرقتم الأجهزة وهدمتهم السور الممتد بطول 20 كيلو متر؟
فقال: الذي فعل كل ذلك هم البلطجية وطلبت من اللواء طارق بمجلس المدينة حماية المكان وقلت ان البلطجية مسلحين وهيخربوا الدنيا فقال انه عرض الأمر علي وزارة الكهرباء فجاءه الرد بان وزير الكهرباء مسافر لليبيا ولا يستطيع أحد إصدار أمر في هذا الشأن».
قلت: ولماذا لم تحموا المكان أنتم؟
فقال: البلطجية مسلحون ولهذا لم نتمكن سوي من حماية محطة الكهرباء ومحطة المياه كما احتفظنا بعدد من الثلاجات والغسالات التي كانت موجودة بالمكاتب الإدارية أما باقي الأجهزة فلم تتمكن من حمايتها ولهذا خربا البلطجية وخلال الأيام القادمة قد يسرقون أعمدة الكهرباء.
غرباء في الضبعة
ويكشف ما قاله لي «منعم هنداوي» جانبا مهما من خفايا ما حدث في الضبعة.. قال «كل أهالي الضبعة مش عاوزين محطة نووية هنا.
قلت: هتموت ولادنا.
قلت: يعني لو تم إقامة المحطة طبقا لأقصي اشتراطات الأمان هل ستوافقون علي إقامتها؟
فقال: الحكومة كدابة.. وإحنا معندناش ثقة في حاجة وبعدين فيه ناس قالت إنها خطر.
قلت: ناس مين؟
فقال: ناس من القاهرة جاءوا إلينا وقالوا النوي خطر عليكو.
قلت: مين الناس دي؟
فقال: دكاترة.. وبصراحة مش عارف أسمائهم.
كلام «هنداوي» تعني ان هناك من سعي بكل قوة لهدم المشروع النووي.. والغريب ان أهالي الضبعة يعترفون صراحة بان كثير من رجال الأعمال حطين عينهم علي أرض الضبعة وحدد «شيبو إبراهيم راغب» اسماء الطامعين في الضبعة منذ سنوات وقال «أنا لا أخاف».. «إبرهيم كامل» عايز من زمان ياخد أخد الضبعة وكمان «محمود الجمال» نفسه فيها من زمان «وجمال مبارك» كان عايز يستولي علي الأرض ويعمل فيها قرية سياحية».
وأضاف «إبراهيم كامل اشتري 450 فدانا ملاصقة لأرض الضبعة من محافظة مطروح بسعر 15 ألف جنيه للفدان وجمال مبارك كان ناوي يقيم محطة نووية علي مساحة 4 كيلو مترا مربعا وباقي المساحة التي تزيد علي 56 كيلو مترا مربعا فسيقيم عليها جمال مبارك قرية سياحية هو وحماه محمود الجمال وصديقه أحمد عز والحمد لله الثورة رحمتنا من كل هذه المخططات».
إيد واحدة!
«أحمد العاقوري» شاب يكشف وجوده في الضبعة جانبا مهما من المشهد هناك.. «العاقوري ليس مصريا وإنما ليبي، وهو ما يعكس اهتمام أطراف كثيرة بأرض الضبعة».. «العاقوري» جاء من ليبيا إلي الضبعة .. لماذا؟.. أجاب لكي أساند أخوالي وهم أصحاب الأرض.
وأضاف «أرض الضبعة يملكها بدو من قبائل «أولاد علي» و«الجمعيات» وهؤلاء تعرضوا لظلم لا أول له ولا آخر ويتعرضون حاليا لعملية تشويه ممن يحاولون تصوير البدو علي أنهم جهلاء وهذا عكس الحقيقة فالبدو في مصر وطنيون ويحبون وطنهم بشدة أما اعتراضهم علي إقامة محطة نووية في الضبعة فله أسباب علمية أولها أن الرياح تتحرك في الضبعة باتجاه القاهرة والإسكندرية وهذا خطر كبير يكفي لعدم إقامة المحطة في الضبعة.
وواصل «أفضل مكان لإقامة المحطة النووية هو سيدي براني أو في جنوب مصر علي البحر الأحمر أما اختيار الضبعة فليس سوي عملية خداع هدفها سرقة الأرض وإقامة قري سياحية عليها ولا يصح ان يشرد أصحاب الأرض ويتركوا أرضهم للكبار لكي يقيموا قري سياحية..
وأكد العامري ان كل ما أعلنته الحكومة عن المحطة النووية كاذب.. وقال ضمن الأوراق التي عثر عليها البعض داخل أحد المباني الإدارية وجدنا الخرائط الخاصة بالمشروع فوجدنا أماكن مخصصة لإقامة مسارح وملاه ليلية فأي مفاعل هذا الذي يقام داخله مسارح وملاه ليلية».
كذبة أخري يؤكد «فايز حسين» - أحد أبناء الضبعة - ان الحكومة كذبتها وحاولت ترويجها وهي تعويض أصحاب الأرض وقال الحكومة قالت إنها عوضت أصحاب الأرض. والحقيقة انها دفعت حوالي 6 آلاف جنيه لعدد قليل من أصحاب الأرض ودفعت لآخرين ثمن الأشجار التي كان يمتلكها بمقدار 10 جنيهات عن شجرة الزيتون ولما طلب البعض استئجار أشجار الزيتون المزروعة علي أرض الضبعة أجرتها الحكومة مقابل 90 جنيها للشجرة الواحدة.
والغريب يواصل «فايز حسين» ان المسئولين يؤكدون ان أرض الضبعة المخصصة لإقامة محطة نووية ليس فيها سوي 300 شجرة زيتون ثم يقول ان إيجار هذه الأشجار سنويا 500 ألف جنيه فهل هذا معقول»!
والمفاجأة ان أبناء الضبعة يشكرون الجيش والشرطة فكل من قابلتهم كرروا لي عبارة «نشكر الجيش والشرطة».
وكلهم أيضا يشعرون انهم بدأوا عهدا جديدا وقالوا لقد شردتنا الحكومات السابقة وحولتنا من أصحاب أراض إلي متسولين وصيادي سمك وسمان وأجراء نرعي الأغنام مقابل أجر شهري.. والآن عدنا إلي أرضنا وسنودع سنوات القهر والحرمان وسنزرع أرضنا.
سألت الكثيرين: ولو حاولت الشرطة أو قوات من الجيش إبعادكم عن الأرض مرة أخري: فقال الجميع وكأنهم متفقون: إحنا عدنا لأرضنا وهنموت فيها.
ولما سألتهم: يعني مفيش نووي في الضبعة.. قالوا: النووي لن يقام إلا علي جثثنا مؤكدين ان عددهم يزيد علي 30 ألف مواطن.
بقي ان نقول ان البعض يقدر الخسائر التي لحقت بمباني المحطة النووية بحوالي 500 ألف جنيه مؤكدين ان مصر ستخسر 3 مليارات جنيه أخري بسبب تأخر المشروع النووي الذي كان مقدرا له ان يبدأ في نهاية العام الجاري 2012.
وهكذا انهار الحلم النووي في الضبعة التي تحولت الآن الي مراع للأغنام ومقصد للآلاف من أبناء الضبعة الذين أقاموا فيها خياماً متناثرة بطول الأرض وعرضها.. وهؤلاء يقضوا يومهم في الحديث عن ذكرياتهم القديمة في الأرض التي عادت إليهم.. والشاطئ شديد الروعة الممتد بطول الضبعة.. ويقضون جانبا من اليوم في ذبح الذبائح وإعداد الولائم لمئات المهنئين الذين يتوافدون عليهم من جميع أنحاء محافظتي مطروح والإسكندرية وعندما يأتي المساء يتجمعون في مجموعات ويشعلون النار ويتأهبون لرد أي عدوان!.. ولا أراكم الله مكروها في حلم نووي.
شاهد الفيديو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.