15/01/2012 11:29:36 ص محمود سعيد التمامي "لقد أعطيت لهذه الثورة عمري وسيبقي لهذه الثورة عمري ولسوف أبقي هنا ماأراد الله لي أن ابقي أُقاتل بجهدي كله من أجل مطالب الشعب . لقد أعطتني هذه الأمة من تأييدها مالم يكن يخطر بأحلامي وليس عندي ماأعطيه غير كل قطره من دمي". كانت هذه أشهر الأقوال التي حفرت لنفسها نقطة في ذهن كل مصري وعربي عاش لحظات ظلم وقهر تجاه ظلم ملك طاغي , وحفرت لقائلها أنبل المواقف وأكثرها رجولة في أعين كل مصري وعربي فهذه المقولة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر . ولد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918 في 18 شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية . التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه في عامي 1923 ، 1924 . وفي عام 1925 دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبه في العطلات المدرسية، وحين وصل في الإجازة الصيفية في العام التالي – 1926 – علم أن والدته قد توفيت قبل ذلك بأسابيع ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها، ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه. وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف 1928 عند جده لوالدته فقضي السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية . ثم التحق جمال عبد الناصر في عام 1929 بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضي بها عاماً واحداً، ثم نقل في العام التالي – 1930 – إلي مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلي العمل بمصلحة البوسطة هناك . وفي تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففي عام 1930 استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور 1923 فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور. ولما أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل علي البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش، ولقد أيقن بعد التجربة التي مر بها في العمل السياسي واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التي أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكري بجيش وطني. فتقدم جمال عبد الناصر إلي الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولمشاركته في مظاهرات 1935. ولما رفضت الكلية الحربية قبول جمال، تقدم في أكتوبر 1936 إلي كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلي أن عقدت معاهدة 1936 واتجهت النية إلي زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة في خريف 1936 وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلي مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره علي أن يصبح ضابطاً فوافق علي دخوله في الدورة التالية؛ أي في مارس 1937. شهد عام 1945 انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار، فقد قال جمال عبد الناصر "وقد ركزت حتي 1948 علي تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجري الأمور في مصر مبلغ استيائي، والذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي للإقدام علي التغيير اللازم. وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا العامة في هدف مشترك وفي خطة مشتركة". وفي صباح يوم 23 يوليه وبعد احتلال دار الإذاعة أذاع جمال عبد الناصر بيان الثورة وهو : "اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير علي الجيش، وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة علي الجيش، وتولي أمره إما جاهل أو فاسد حتي تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلي ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولي أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خُلقهم وفي وطنيتهم، ولا بد أن مصر كلها ستتلقي هذا الخبر بالابتهاج والترحيب. أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب، وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقي فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب علي مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم، والله ولي التوفيق". وتم تعيين محمد نجيب رئيسا للجمهورية , وفي فبراير 1954 استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء. ليقضي عبد الناصر 18 عاما في رئاسة مصر عرف الشعب فيهم معني الوفاء والإخلاص للوطن . وقد كانت آخر مهام عبد الناصر الوساطة لإيقاف أحداث "أيلول الأسود" بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية في قمة القاهرة في 26 إلي 28 سبتمبر 1970. وبعد عودتة من الاردن بعدة ايام داهمته نوبة قلبية ، وأعلن عن وفاته في 28 سبتمبر 1970 عن عمر 52 عاما ، ليتولي الحكم من بعده نائبه محمد أنور السادات