الغضب المصرى من التصريح الوقح والمستفز الذى أدلى به إيال زامير رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلى حول الخط الأصفر له ما يبرره. فقد كشفت كلمات زامير ما تحاول تل أبيب إخفاءه والالتفاف عليه والتنصل منه. فحين يتحدث رئيس الأركان عن الخط الأصفر الذى يفصل قطاع غزة إلى جزءين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً لإسرائيل، وحين يقول فى بيان له يوم الأحد الماضى أمام الجيش إن «الخط الأصفر» الفاصل فى قطاع غزة هو «الحدود الجديدة» للقطاع مع إسرائيل « !؛ فإنه يثبت بما لا يدع مجالًا للشك رغبة إسرائيل فى الالتفاف على اتفاق وقف إطلاق النار الذى رعاه الرئيس الأمريكى ترامب، وعدم تنفيذ ما تبقى منه من مراحل. وهو القول الذى يؤكد أن تصرفات إسرائيل الاستعمارية التى استشعرها المراقبون ورصدوها على الأرض لم تكن مجرد شائعات بل إنها عكست حقيقة عزم إسرائيل على إعادة احتلال قطاع غزة. كما توحى تحركاتها فى المنطقة الصفراء ونشاط الجيش الإسرائيلى الذى يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل، برغبتها فى تثبيت وجود عسكرى دائم فى غزة وبالقرب من الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومى المصرى من ثم فإن موقف القاهرة واضح وثابت فى أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكرى الإسرائيلى فى الخط الأصفر، أو فى أى منطقة من غزة. وترفض محاولة إسرائيل لعرقلة خطة السلام التى تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلى من جميع أراضى غزة. معروف أنه بموجب المرحلة الأولى من الخطة التى أوقفت الحرب فى قطاع غزة، يسيطر الجيش الإسرائيلى حالياً على 53 % من القطاع، أى أكثر قليلا من نصف مساحته بما فى ذلك معظم أراضيه الزراعية، إلى جانب رفح فى الجنوب ومناطق حضرية أخرى، وتمتد على طول شرق القطاع. ويفصل الخط الأصفر هذه المنطقة عن 47% من الأراضى فى المنطقة الغربية التى يسيطر عليها الفلسطينيون، وقد نزح جميع الفلسطينيين فى غزة تقريبًا إلى المنطقة الغربية من الخط. وقد أشارت الولاياتالمتحدة إلى المنطقة الغربية التى يسيطر عليها الفلسطينيون باسم «المنطقة الحمراء» والمنطقة الشرقية التى تسيطر عليها إسرائيل باسم «المنطقة الخضراء». يحدد حاليًا خط الترسيم جزئيًا بواسطة كتل خرسانية مطلية باللون الأصفر وضعها الجيش الإسرائيلى؛ اعتبارًا من 28 أكتوبر 2025، تم إكمال حوالى 10-20٪ من هذا العمل. بحلول عام 2025، تتواجد الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة، البالغ عددهم مليونى نسمة تقريبًا، فى الجزء الغربى الخاضع للسيطرة الفلسطينية. وتختلف التقديرات بشأن عدد السكان المتبقين شرق الخط. فقد ذكر تقرير صادر فى أكتوبر 2025 أن مئات الفلسطينيين كانوا يعيشون فى الجزء الشرقى الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، بمن فيهم بعض سكان غزة الذين انتقدوا حماس خلال الحرب. وتشير تقديرات أخرى إلى أن أقل من 2٪ من سكان غزة يعيشون حاليًا شرق الخط الأصفر. وبات من المحتمل أن يتحول الخط الأصفر إلى حدود دائمة ، بعد أن كان من المفترض أن يكون خط وقف إطلاق نار مؤقت. وترفض إسرائيل الانسحاب من المنطقة إلا بعد نزع سلاح حركة حماس تمامًا وهى حجة واهية، أكد هشاشتها مصدر للقناة 12 الإسرائيلية حين ذكر أن قوات الجيش الإسرائيلى العاملة على طول الخط الأصفر تنهى حاليا بعد شهرين ونصف من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، عملية تطهير المنطقة بأكملها». وتابع: «هذا يعنى أن الجيش الإسرائيلى قد أوشك على الانتهاء من تطهير 52 بالمئة من مساحة قطاع غزة، التى تسيطر عليها إسرائيل». التطهير هنا يعنى عمل 6 ألوية داخل الخط الأصفر، دمرت عشرات الكيلومترات من البنية التحتية فوق الأرض وتحتها» تمهيدًا لبقاء إسرائيلى أطول.