في السنوات الأخيرة، دخل الذكاء الاصطناعي عالم الفن كرفيق غير متوقع، يرسم ويعزف ويكتب ويخرج. بين الدهشة والقلق، وبين سؤال: «هل يهدد الفنان أم يمنحه أجنحة جديدة؟» «آرتيفيشيال نيوز» يأخذنا في رحلة لاكتشاف كيف يعيد المستقبل كتابة لغته الفنية. في خطوة تعكس تحولا استراتيجيا كبيرا في صناعة الترفيه العالمية، أعلنت شركة "والت ديزني" عن شراكة كبرى مع شركة Open AI، تتضمن استثمارا ضخما وترخيصا رسميا لاستخدام شخصيات "ديزني" الشهيرة داخل أدوات توليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها أداة "Sora." هذه الخطوة لا تمثل مجرد تعاون تقني، بل تشير إلى إعادة تعريف علاقة هوليوود بالذكاء الاصطناعي بعد سنوات من التوتر والقلق بشأن حقوق الملكية والإبداع. الصفقة تتيح دمج مئات الشخصيات التابعة لعوالم "ديزني" المختلفة، من ديزني الكلاسيكية إلى "مارفل" و"بيكسار" و"Star Wars"، داخل بيئة إنتاج مرئي تعتمد على الأوامر النصية. للمرة الأولى، يصبح بإمكان المستخدمين إنتاج فيديوهات قصيرة تستخدم شخصيات أيقونية مثل "ميكي ماوس" أو أبطال "مارفل" ضمن إطار قانوني ورسمي، وهو ما يضع حدا فاصلا بين المحتوى المولد المرخص، والمحتوى العشوائي الذي انتشر في السنوات الأخيرة دون ضوابط واضحة. هذا التحول يعكس إدراكا من "ديزني" بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد تهديدا يمكن تجاهله، بل أداة لابد من احتوائها وتنظيمها. فبدلا من الاكتفاء بالملاحقات القانونية ضد المحتوى غير المرخص، اختارت الشركة أن تدخل قلب المعركة، وتوفر بديلا منظما يسمح بالإبداع، ولكن داخل حدود واضحة تحمي العلامة التجارية وحقوقها التاريخية. أحد الجوانب اللافتة في هذه الشراكة هو البعد التشاركي الجديد في علاقة الجمهور بالمحتوى. فبدلا من أن يظل المشاهد متلقيا سلبيا، تفتح "ديزني" الباب أمام الجمهور ليصبح جزءا من عملية السرد نفسها. إنتاج فيديوهات من صنع المستخدمين، مع إمكانية عرض نماذج مختارة منها عبر منصات "ديزني"، يشير إلى تحول في مفهوم الملكية الإبداعية، حيث يصبح التفاعل الجماهيري جزءا من منظومة الترفيه الرسمية. لكن هذا الانفتاح لا يخلو من القيود. ف"ديزني" و"OpenAI" شددتا على أن استخدام الشخصيات سيقتصر على الشكل البصري العام، دون تقليد أصوات الممثلين أو ملامحهم الحقيقية. هذه النقطة تحديدا تأتي استجابة مباشرة لمخاوف النقابات الفنية، التي طالما حذرت من استغلال الذكاء الاصطناعي في تقليد الأداء البشري دون موافقة أو مقابل عادل. ردود الفعل داخل الصناعة جاءت متباينة. فبينما يرى البعض أن "ديزني" اتخذت خطوة ذكية تضمن لها السيطرة على مستقبل المحتوى المولد، يخشى آخرون من أن تؤدي هذه الشراكات إلى تقليص المساحة المتاحة للمبدعين التقليديين، خصوصا في مجالات الرسوم المتحركة والكتابة. القلق لا يتعلق بالتقنية نفسها، بقدر ما يرتبط بكيفية استخدامها ومن يملك مفاتيحها. في السياق الأوسع، يمكن النظر إلى هذه الصفقة باعتبارها مؤشرا على مرحلة جديدة في علاقة شركات الترفيه الكبرى بالذكاء الاصطناعي. فبدلا من المواجهة المباشرة، تتجه الشركات الآن إلى نماذج الشراكة والترخيص، في محاولة للاستفادة من القدرات التقنية، مع الحفاظ على السيطرة القانونية والاقتصادية. ديزني، بتاريخها الطويل في صناعة الخيال، تبدو وكأنها تراهن على أن الذكاء الاصطناعي ليس نهاية الإبداع البشري، بل أداة جديدة لإعادة تدويره وتوسيعه. لكن السؤال الأهم يبقى مطروحا: هل ستنجح هذه المعادلة في تحقيق توازن حقيقي بين الابتكار والحماية، أم أننا أمام مرحلة يعاد فيها تشكيل مفهوم الإبداع نفسه تحت مظلة الخوارزميات؟ ما هو مؤكد أن خطوة "ديزني" لن تكون الأخيرة، وأن ما نشهده الآن ليس مجرد خبر عابر، بل بداية فصل جديد في تاريخ الترفيه العالمي، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي شريكا رسميا في صناعة الحلم. اقرأ أيضا: «ديزنى» تلجأ للذكاء الاصطناعى.. مستقبل الترفيه بمليار دولار