تصاعدت خلال الأيام الماضية موجة انتقادات حادة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى، حيث يشهد العالم الإبداعي اليوم واحدة من أشرس المواجهات بين الإنسان والآلة، بعدما بات الذكاء الاصطناعي التوليدي يزاحم المبدعين في مجالات الفن والإعلام والترفيه. وبينما تُبهر التقنيات الجديدة الجمهور بقدرتها على إنتاج صور ومقاطع فيديو كاملة من مجرد أوامر نصية، يتصاعد الغضب بين الفنانين وصُناع المحتوى الذين يرون في ذلك تهديدًا لجوهر الإبداع الإنساني، بل ولأرزاقهم أيضًا. * غضب عاطفي وفي لفتة أثارت جدلاً واسعًا، خرجت زيلدا ويليامز، ابنة الممثل الراحل روبن ويليامز، عن صمتها لتهاجم استخدام الذكاء الاصطناعي في إعادة إحياء صوت والدها في مقاطع رقمية مزيفة. وقالت في قصتها عبر "إنستجرام "الذكاء الاصطناعي لا يُعيد أبي إلى الحياة، بل يسرق صوته ليخلق نسخة بلا روح"، كما وصفت هذه المقاطع بأنها "نقانق رقمية مقززة مصنوعة من حياة البشر"، معتبرة أن استخدامها لا يكرم المبدعين، بل ينتهك إرثهم الفني والإنساني. وجاءت تصريحاتها في وقت تتزايد فيه المخاوف داخل الأوساط الفنية الأمريكية من توسع استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة السيناريوهات أو استبدال الممثلين بصور وأصوات رقمية دون موافقتهم، وهو ما دفع نقابات الممثلين والكتّاب إلى المطالبة بتشريعاتتحمي الحقوق الإبداعية. * تحذير واقعي وفي العالم الرقمي، عبّر جيمي دونالدسون، المعروف باسم MrBeast وهو أكبر منشئ محتوى على "يوتيوب"، عن قلقه من سرعة تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها إنشاء مقاطع فيديو واقعية بالكامل. وقال في منشور على منصة إكس" ماذا سيحدث لملايين المبدعين عندما تصبح مقاطع الفيديو التي يصنعها الذكاء الاصطناعي بنفس جودة المقاطع الحقيقية؟ هذا مخيف حقًا". وجاءت تصريحاته بعد إطلاق شركة OpenAI لتطبيقها الجديد Sora، القادر على تحويل الأوامر النصية إلى مقاطع فيديو كاملة، مما أثار موجة من القلق بشأن حقوق الملكية الفكرية واحتمال سرقة محتوى منشئي الفيديوهات دون إذنهم. * سباق الشركات لمواكبة المستجدات ورغم الجدل، تواصل شركات التكنولوجيا الكبرى المضي قدمًا في دمج الذكاء الاصطناعي في أدواتها الإبداعية، حيث أطلقت شركة جوجل مولد الفيديو Veo، فيما بدأت شركة يوتيوب في اختبار أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتوليد الأفكار وتحسين النصوص والترجمة التلقائية. لكن هذا التطور يثير تساؤلات حول مدى التزام هذه الشركات بحقوق المبدعين الأصليين، خصوصًا أن تدر يب هذه النماذج يعتمد على بيانات ومقاطع مأخوذة من أعمال بشرية حقيقية. * من يملك المستقبل؟ وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا جديدة للإبداع، يرى آخرون أنه يهدد بتحويل الفن إلى خوارزمية باردة خالية من المشاعر، وبين هوليوود ومنصات الإنترنت، يبدو أن المبدعين حول العالم بدأوا يرفعون راية التمرد دفاعًا عن ما تبقى من الجوهر الإنساني للإبداع.