د. طارق فهمى من غير المتوقع ألا يحدث صراع على السلطة الفلسطينية أو الدخول فى خيار الفوضى أو الصراع أو الاقتتال الداخلى كما تسوّق إسرائيل سيدخل المشهد الفلسطينى العام 2026 ولا تزال حالة عدم الاستقرار قائمة وواضحة نتيجة لعدم تحقق سياسات حقيقية ومهمة فى سياق توحيد موقف الفصائل الفلسطينية وإعادة ترتيب الأولويات السياسية والأمنية مع التوقع بأن السلطة ستكون طرفًا مباشرًا محتملًا بصورة أو بأخرى من اللجنة الإدارية وبرغم عدم ارتباطها بالسلطة باعتبارها لجنة فصائلية إلا أن السلطة لا تزال تسعى للتعامل كرد فعل للمواقف والاتجاهات وليس كفاعل رئيسى ومباشر فيما يجري. باتت الأطراف الدولية على يقين بصورة إقدام السلطة الفلسطينية وقيادتها على إصلاح حقيقى داخل مؤسسات السلطة التى تحتاج بالفعل إلى أطر محددة وإجراءات وتدابير تتعلق بالنظام الفلسطينى ومؤسساتها والإطار الحاكم لمنظمة التحرير الفلسطينية خاصة أن السلطة تسعى إلى طرح نفسها كطرف رئيس فى إدارة القطاع فى وقت لاحق وستعمل السلطة الفلسطينى على التأكيد على خياراتها الرئيسة باعتبارها المثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى وليس مجرد طرف فرعى أو فصيل عابر ضمن فصائل المقاومة الفلسطينية . ستظل السلطة فى كل الأحوال تعانى أزمات متتالية بسبب الإجراءات الإسرائيلية واستمرار أعمال الاستيطان ومحاول تقويض أركان حركة فتح مع الاستمرار فى نهج رد الفعل وليس المبادر كما ليس من المتوقع أن تجرى انتخابات أو تدابير سياسية مطلوبة فى هذا التوقيت كما ستبقى على وسائل تعاملها نظريًا وإن كانت ستعمل القيادة السياسية على طرح بعض الأسماء فى بعض المواقع الرئيسية منها قيادة السلطة ومنظمة التحرير مثلما جرى بعد تعيين حسين الشيخ وستبقى السلطة على خياراتها العربية ومحاولة منازلة حركة حماس وإقصائها من المشهد الراهن وعدم إعطاء فرصة لحماس لتكون الطرف الموجه للمشهد الفلسطينى بالكامل فى الفترة المقبلة كما تتوقع السلطة مزيدًا من التحدى الرئيسى لوجودها فى ظل تجفيف منابع الدعم وتقديم المساعدات الاقتصادية وإن كانت ستنظر إلى وسائل التعامل مع الولاياتالمتحدة وخاصة أن الإدارة الأمريكية لا تزال تتعامل وفق معادلة صعبة قائمة على التأكيد على دور السلطة فى حال تلبيتها لأهدافها وهو ما سيدفع إسرائيل وبرغم كل ما يجرى للتأكيد على استمرارية التنسيق الأمنى مع مؤسسات القوة وعدم إغفال الدور السياسى للسلطة فى الواقع العربى أو الدولى خاصة أن الحكومة الإسرائيلية رغم كل ما يجرى من تطورات سلبية حريصة على بقاء السلطة الفلسطينية فى موقعها وإن كان التخلى عن التزامات أوسلو سيظل قائمًا خاصة فى استهداف السلطة ومؤسساتها واستئناف أعمال الاستيطان ما يؤكد على أن إسرائيل لن تتراجع فى مخططها لإضعاف السلطة وعدم تمدد أو إحياء دورها فى العام 2026 بل بالعكس ستعمل على الاستفادة وظيفيًا من وجود السلطة فى حدود منضبطة كما سيستمر تأكيد الوسطاء مثل مصر والأردن على ضرورة إصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية ومحاولة الدفع بها فى توقيت لاحق، وهو ما سيعطى بارقة الأمل فى التوصل لمقاربات مرحلية قد تفضى للقبول بكيان فلسطينى مثلما دعت خطة الرئيس ترامب وبما يؤكد على أن السلطة ستظل طرفًا مقبولًا يتمتع بشرعية قانونية لا تتوافر لأى فصيل آخر فى الداخل الفلسطينى ومن المتوقع أن تعمل السلطة على مسارات عدة وفى حال رحيل الرئيس محمود عباس- أمد الله فى عمره- فإنه من غير المتوقع ألا يحدث صراع على السلطة الفلسطينية أو الدخول فى خيار الفوضى أو الصراع أو الاقتتال الداخلى كما تسوق إسرائيل عن عدم علم بما يجرى فى مؤسسات السلطة الفلسطينية ومراكز القوى التى تحكم عملها. ومن ثم فإن السلطة الفلسطينية ستبقى فى الواجهة برغم كل محاولات إسرائيل إقصاءها وهو ما تدركه كل الأطراف الدولية بما فيها الولاياتالمتحدة والتى تتخوف من فراغ سلطوى فى الضفة قد يشجع على الدخول فى مواجهات مع قطعان المستوطنين الذين ينازلون السلطة فى مواقعها عبر مشروعات التهويد واستئناف أعمال الاستيطان ومحاولة بناء عشرات المستوطنات الرئيسة والفرعية وإحياء دور مجلس الاستيطان القومى والذى يباشر دوره فى مشروعات الاستيطان وشرعنة أعمال الاستيطان العشوائى من خلال البؤر العشوائية ومن ثم فإن السلطة ستظل تعمل فى دوائر المواجهة السياسية والاستراتيجية كطرف فاعل ورئيسى ولن تتقبل أن تكون طرفًا فرعيًا أو غير مؤثر .. فى هذا السياق من التوقعات فإن السلطة ستعمل على أن تكون جزءًا من الترتيبات الأمنية والاستراتيجية الجارى العمل عليها انطلاقًا من غزة على اعتبار أنها صاحبة الحق الأصيل فى إدارتها بصرف النظر عما يجرى من خيارات أخرى مقابلة قد تكون مطروحة وفق الخطة الأمريكية التى لا تزال تواجه إشكاليات عديدة وإن تم تنفيذ وإقرار بعض الخطوات فى هذا السياق وهو ما يؤكد على أن السلطة ستظل تعمل وفق رؤيتها وأن تقبل بمزيد من الضغوطات السلبية التى قد تؤدى إلى دفعها إلى حافة الهاوية وهو ما لن تقبله وستراهن على فشله مسبقًا .. فى كل الخيارات المتوقعة لن تواجه السلطة سيناريوهات صفرية بل سيكون هناك مزيد من المشاهد المتعلقة بمواقف الولاياتالمتحدة وإسرائيل بل والإقليم وهو ما سيجعلها تتبنى خيار المناورة والعزف على خيارات عدة ومن المستبعد أن تقبل بأنصاف الحلول فى هذا التوقيت حيث لا توجد بدائل حقيقية قابلة للعمل أو التنفيذ ما دامت لا تعبر عن مواقف السلطة وأهدافها ووجودها على الأرض .