شهد العالم خلال العقدين الأخيرين انتشارًا واسعًا لمواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبحت جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية لملايين المستخدمين، وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة التى تقدمها هذه المنصات، فإنها أسهمت بصورة مباشرة وغير مباشرة فى زيادة معدلات الجريمة على المستويين العالمى والعربي، سواء من خلال توفير بيئة خصبة للجريمة الإلكترونية أو عبر تعزيز أنماط سلوكيات منحرفة خارج الفضاء الرقمي. وقد أسهمت مواقع التواصل الاجتماعى فى توسّع الجرائم الإلكترونية بكافة أشكالها، مثل الاحتيال المالي، وانتحال الهوية، والابتزاز الإلكتروني، والقرصنة. وسهلت هذه المنصات على المجرمين استغلال قلة وعى بعض المستخدمين بالإجراءات الأمنية، مما أتاح لهم الوصول إلى بيانات شخصية وحساسة قد تُستغل لأغراض غير مشروعة. كما باتت الحسابات الوهمية منتشرة على نطاق واسع، وتُستخدم لارتكاب أعمال احتيالية أو للتلاعب بالعقول ونشر التضليل. ولعبت مواقع التواصل، دورًا فى زيادة الجرائم المرتبطة بالعنف والسلوكيات الخطرة، فانتشار المحتوى العنيف أو المحرض على الكراهية قد يشجع بعض الأفراد على تقليد ما يشاهدونه، إضافة إلى تعزيز الشعور بالإفلات من العقاب بسبب الطابع الافتراضى للمنصات، وفى العديد من الحالات، كانت الخلافات البسيطة التى تبدأ عبر التعليقات أو الرسائل سببًا لتطور النزاعات إلى مواجهات واقعية خطيرة. أما فى العالم العربي، فقد ازداد تأثير مواقع التواصل الاجتماعى على الأنماط الإجرامية نتيجة الانتشار السريع للهواتف الذكية وارتفاع نسبة استخدام الإنترنت بين الشباب، وبرزت جرائم التشهير و«الابتزاز العاطفي» بشكل خاص، حيث يقع العديد من الضحايا - خصوصًا من النساء - فريسة لأساليب خداع منظمة تستغل الثغرات الاجتماعية والثقافية، كما شهدت بعض الدول العربية، ارتفاعًا فى عمليات التجنيد الإلكترونى عبر منصات التواصل، سواء لأغراض إرهابية أو لأعمال مخالفة للقانون، مما يستوجب دق ناقوس الخطر للحفاظ على شبابنا من هذا الخطر الجديد الذى يهددهم.