في الأيام الأخيرة، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتشارًا واسعًا لادعاءات تزعم أن أقراص منع الحمل المركبة تسبب سرطان الثدي، مع نسب هذه المعلومات المضللة إلى جهات دولية دون أي دليل علمي حقيقي، تلك الشائعات لم تكن مجرد كلام عابر، بل قنبلة يتم إلقاؤها على وعي المرأة وصحتها ومستقبل أسرتها. يوضح د. عمرو حسن، أستاذ أمراض النساء والتوليد بالقصر العيني، الحقيقة العلمية التي تؤكد أن أقراص منع الحمل ليست "مصنعًا للسرطان"، بل تعد من أكثر الأدوية التي خضعت لأبحاث دقيقة وصارمة على مدار أكثر من خمسة عقود، شملت ملايين النساء حول العالم، ومن يروج لهذه الاتهامات يعتمد على معلومات مبتورة، متجاهلًا أن هذه الحبوب تقلل على المدى الطويل من مخاطر الإصابة بسرطانات شديدة الخطورة مثل سرطان المبيض وسرطان بطانة الرحم، فالعلم لا يقول إن أقراص منع الحمل تسبب السرطان، بل يشير بوضوح إلى دورها في حماية المرأة من سرطانات قاتلة. اقرأ أيضًا | فيديو| هل تسبب أقراص منع الحمل السرطان؟.. تعرف على الإجابة ويشير إلى أن الشائعة تنتشر لأن كلمة "هرمونات" تثير الخوف لدى البعض رغم أنها جزء طبيعي وأساسي من كيمياء الجسم، ولأن منصات التواصل الاجتماعي تمنح صوتًا أعلى لمن ينشر الفزع، وليس لمن يقدم الحقيقة المبنية على الأدلة. ونتيجة لذلك، تتوقف نساء كثيرات عن استخدام وسيلة آمنة وفعّالة لتنظيم الأسرة، ليس اعتمادًا على رأي طبي، بل بسبب منشور مجهول أو فيديو غير موثوق. وتأثير هذه الشائعات لا يقف عند حدود المعلومة الخاطئة، بل يمتد ليشكل خطرًا على مصير الأسرة بأكملها، عبر حمل غير مخطط له أو قرارات صحية خاطئة أو خوف غير مبرر من وسيلة علاجية آمنة، فالمعلومة الخاطئة ليست رأيًا عابرًا، بل تدخل مباشر في صحة المرأة واستقرار الأسرة. وتبقى خارطة الطريق الصحيحة واضحة: ضرورة عدم استخدام أقراص منع الحمل دون تقييم من طبيب متخصص، والالتزام بفحص الثدي الدوري، وإجراء الماموجرام بعد سن الأربعين أو قبل ذلك لمن لديهن عوامل خطورة، إلى جانب اتباع نمط حياة صحي يشمل الغذاء المتوازن وممارسة الرياضة والابتعاد عن التدخين، فالمكان الطبيعي لاتخاذ القرارات الصحية هو العيادة الطبية، وليس صندوق التعليقات. وفي رسالة للمجتمع والإعلام، تؤكد الحقائق أن صحة المرأة قضية وطنية، وأن تمكينها يبدأ من تقديم معلومة صحيحة لا من فيديو مفزع أو عنوان مضلل، ومن حق المرأة اختيار وسيلتها المناسبة لتنظيم الأسرة، لكن هذا الحق يجب أن يقوم على علم لا على خوف، فالأقراص ليست خصمًا لصحة المرأة، بل أحد أدوات تمكينها، والعلم يبقى الدرع الوحيد القادر على حماية المجتمع من الفوضى الصحية.