في عالم الآثار، قلّما نجد عملاً فنياً يجمع في ملامحه بين الحميمية العائلية، ودقة الرسم الكلاسيكي، وروح الطقوس المصرية القديمة كما يفعل "بورتريه الأخوين". اقرأ أيضا | في اليوم العالمي للتطوع.. كيف سبق الأنبياء والصحابة العالم في صناعة هذه اللوحة الدائرية النادرة، القادمة من قلب أنتينوبوليس، تُعد من أكثر الأعمال تأثيرًا ضمن بورتريهات الفيوم؛ فهي لا تُظهر مجرد وجهين، بل تنقل إلينا حكاية زمن كامل، حيث تمازجت الثقافات، وتداخلت الهويات، وتجلّى الفن في أسمى صوره. في هذا التقرير نقدم لكم حكاية بورتريه الأخوين (قرص أنتينوبوليس) - وصف عام للعمل الفني يُعرض بورتريه الأخوين اليوم في المتحف المصري بالقاهرة قاعة 14 (علوي)، ويُعد من أبرز القطع التي تمثل المدرسة الفنية الرومانية في مصر. اللوحة تُعرف باسم Tondo of the Two Brother قرص أو تندو أنتينوبوليس، وهي قطعة فريدة ضمن مجموعة بورتريهات الفيوم التي تُعد أهم الشواهد الباقية على فن الوجوه الجنائزية في مصر الرومانية. - الأصل والاكتشاف الفترة التاريخية: العصر الروماني عهد الإمبراطور هادريان (117–138م)، ومكان الاكتشاف: منطقة الشيخ عبادة (أنتينوبوليس التاريخية) في مصر الوسطى، على الرغم من ارتباطها بالفيوم، إلا أنها اكتُشفت في مدينة أسسها الإمبراطور هادريان تخليدًا لذكرى أنتينوس، رفيقه الشهير. الشكل والحجم اللوحة دائرية الشكل (Tondo)، وهو أمر نادر في بورتريهات المومياوات التي تكون عادةً مستطيلة، و الأبعاد: ارتفاع 24 سم × عرض 38.5 سم، و مرسومة على لوح خشبي (نوع الخشب غير محدد). - التكوين الفني يجسد البورتريه شقيقين يقفان جنبًا إلى جنب، يتوجهان بنظرهما إلى المشاهد مباشرة، ما يخلق حالة من التواصل العاطفي القوي. الشقيق الأكبر (يمين اللوحة): بشرة داكنة نسبياً شعر قصير ذقن خفيف يرتدي ثوبًا أبيض بسيطًا الشقيق الأصغر (يسار اللوحة): بشرة أفتح ملامحه أكثر نعومة وشبابًا يرتدي عباءة أرجوانية مثبتة ببروش ذهبي وأخضر - القيمة الفنية والتاريخية تُظهر اللوحة مزيجًا واضحًا بين الرسم الكلاسيكي اليوناني الروماني وأساليب التصوير الجنائزي المصري. تُعتبر من أهم الأدلة على التنوع العرقي والثقافي في مصر خلال العصر الروماني، توفر مثالًا نادرًا على البورتريهات الدائرية المخصصة للاستخدام الجنائزي، حافظت على مستوى مذهل من الواقعية والتفاصيل الدقيقة، مما يجعلها نموذجًا لأسلوب "فن المومياوات" الذي ازدهر في مصر بين القرن الأول والثالث الميلادي. - أهمية بورتريهات الفيوم يمثل هذا العمل جزءًا من تقليد فني يُعد الأهم في العالم القديم، حيث كانت البورتريهات تُثبت فوق وجه المتوفى بعد تحنيطه، لتبقى صورته الخالدة معه في رحلته الأبدية. بورتريه الأخوين، تحديدًا، يكشف عن: العلاقات الاجتماعية والعائلية الأزياء المتأثرة بالعالم الروماني التقنيات اللونية ومواد الرسم هوية المجتمع المصري في فترة تداخل فيها الشرق والغرب.