البيان مكتوب بصيغة عدائية ويقلب الحقائق معتمدًا على أكاذيب.. ومصر لن تفرط أبدًا فى حقوقها المائية بعد 24 ساعة من اتصال هاتفى معلن أجراه وزير خارجية إسرائيل بنظيره الإثيوبى شنت إثيوبيا هجومًا ضاريًا على مصر عبر بيان صادر عن الخارجية الإثيوبية مساء الأربعاء الماضى وصف مسئولى القاهرة بأنهم متأثرون بعقلية الحقبة الاستعماربة ويؤمنون باحتكارهم لمياه النيل. واستخدم البيان عبارات شديدة اللهجة وكال الاتهامات لمصر وزعم أن القاهرة تتمسك بحقوق تعود إلى الحقبة الاستعمارية.. كما ادعى أن مصر تسعى إلى زعزعة استقرار منطقة القرن الإفريقى للتأثير على إثيوبيا. بيان كما هو واضح مكتوب بصيغة عدائية تتهم مصر برفض الحوار وضاعفت من خطابها العدائى ضد إثيوبيا بنية واضحة للتصعيد.. وما زاد الطين بلة توجه البيان للاعتماد على أكاذيب حيث ذكر - على غير الحقيقة- أن النيل الأزرق الذى ينبع من المرتفعات الإثيوبية يسهم بنحو 86٪ من مياه حوض النيل ويمثل حوض النيل الأزرق 70٪ من المياه السطحية فى إثيوبيا ولإثيوبيا -شأنها شأن جميع الدول المشاطئة الأخرى- الحق فى استغلال هذا المورد الطبيعى. وإثيوبيا غير معنية بطلب إذن من أى جهة لاستخدام مواردها الطبيعية داخل حدودها!.. وأكد البيان أن أديس أبابا ترى أن السد على أراضيها وأن نهر النيل يخضع لسيادتها!! نظرة سريعة على البيان تؤكد ضعف الموقف القانونى لإثيوبيا ولهذا تلجأ لقلب الحقائق والاتهامات الباطلة بالإضافة لحالة الذعر التى تسيطر عليها من التواجد المصرى فى القرن الإفريقى. وحسبما أكد د. محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولى العام فى تصريحات إعلامية فإن البيان يمثل قلبًا صارخًا للحقائق القانونية ومحاولة يائسة لتبرير انتهاكات إثيوبيا المتكررة للقانون الدولى المائى واتفاق المبادئ الموقع عام 2015 والذى ينص على التزام الأطراف الموقعة عليه بحل الخلافات الناشئة عن تفسيره بالتوافق أو من خلال آلية تتفق عليها الأطراف. وإثيوبيا هى التى رفضت كل الآليات التى اقترحتها مصر على مدار 15 عامًا من المفاوضات. البيان أيضًا يتجاهل المادة الثالثة من إعلان المبادئ الخاصة بعدم التسبب فى أى ضرر والتى تلزم إثيوبيا باتخاذ التدابير المناسبة لتجنب التسبب فى أى ضرر لدولتى المصب «مصر والسودان».. والفيضانات الأخيرة فى السودان جاءت نتيجة التصريف الأحادى من سد النهضة ما يؤكد انتهاك إثيوبيا الصارخ لهذا المبدأ.. وبالنسبة لوصف إثيوبيا للحقوق المائية المصرية بأنها ناشئة من معاهدات استعمارية فهذا تجاهل متعمد للمادة «4» من الاتفاقية الإطارية التى تنص على مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول والذى يأخذ فى الاعتبار الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول المجرى المائى والسكان الذين يعتمدون عليه، فهناك 115 مليون مصرى يعتمدون كليًا على مياه النيل وهذا واقع لا يمكن تجاهله بادعاءات الاستعمار. ولا ننسى أيضًا أن حق مصر فى الدفاع عن أمنها المائى مؤكد وجزء أصيل من سيادتها الوطنية المحمية بالقانون الدولى والمادة «51» من ميثاق الأممالمتحدة التى تكفل حق الدول فى الدفاع الشرعى عن النفس ضد التهديدات الوجودية. وبالنسبة لادعاءات إثيوبيا أن النيل الأزرق يسهم بنحو 86٪ من مياه حوض النيل أكد د.عباس شراقى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية فى تصريحات إعلامية أيضًا أن إيراد النيل الأزرق يبلغ 50 مليار متر مكعب سنويا تمثل 60٪ فقط من مياه حوض النيل وليس 86٪ كما تدعى إثيوبيا وأن ال41٪ إجمالى المياه السطحية من جميع الأنهار تبلغ 12 مليار متر مكعب. وأضاف أن إثيوبيا تدعى أنها غير ملزمة بطلب إذن للاستفادة من مواردها الطبيعية. والحقيقة أن الأنهار الدولية ليست ملكًا خاصًا للتصرف فيها ولكنها أنهار مشتركة خاضعة للاتفاقيات والأعراف الدولية واستغلالها يتم بعد إجراءات قانونية أهمها الإخطار المسبق وعدم الإضرار. وشدد د. عباس شراقى على أن إثيوبيا تنكر الاتفاقيات التاريخية بحجة أنها وقعت إبان الاستعمار ما يعتبر مبدأ مخالفًا للقوانين الدولية وميثاق الأممالمتحدة ومناقشة هذه الاتفاقيات مرة أخرى قد يوقع معظم دول العالم فى حروب مباشرة. وأكد أن التصريحات المصرية لم تكن أبدًا مهددة لإثيوبيا بل كانت دائمًا متزنة ولم تخرج عن حق الدفاع عن مصالحها المائية وفقًا لما يكفله القانون الدولى وميثاق الأممالمتحدة.. فى المقابل خرجت تصريحات إثيوبية غير مسئولة بالتهديد المباشر تلو الأخرى! نخلص من كل ما سبق إلى أن القيادة الإثيوبية استخدمت السد كقضية سياسية خارجية لتجميع الشعب حولها للتغطية على مشاكلها الداخلية وفشلها الاقتصادى وعدم جدوى سد النهضة وبعد انتهاء بناء السد بدأت فى فتح ملف خارجى آخر وهو حصول إثيوبيا على منفذ بحرى من خلال الصومال أو إريتريا وخلق صراع جديد.. وما يجب أن تدركه إثيوبيا جيدًا أن مصر لن تفرط أبدًا فى حقوقها المائية.. وعلى إثيوبيا أن تراجع نفسها!!