إيمان مصيلحى مازالت أصداء حادث اطلاق النار على جنديين من الحرس الوطنى فى العاصمة واشنطن، تتردد فى الأوساط السياسية والأمنية الأمريكية بعد ان كشفت عن ثغرة أمنية لا تغتفر خاصة مع وقوع الحادث على بعد كيلو مترات بسيطة من البيت الأبيض. وعلى أثر الحادث الذى أسفر عن مقتل وإصابة اثنين من أفراد الحرس الوطنى، تحولت العاصمة الأمريكية إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، مع نشر 500 عنصر إضافى من الحرس الوطنى، ليصل إجمالى القوة إلى 2500 عنصر، فيما اتخذ الرئيس ترامب على الفور عددا من القرارات السياسية المتشدة فى ملف المهاجرين، حيث أعلن عبر حسابه على منصة «تروث سوشيال» وقف الهجرة بشكل دائم من جميع ما وصفها ب «دول العالم الثالث»، معلناً أن هذا الإجراء يأتى من أجل أن «يتعافى النظام الأمريكى بشكل كامل». اقرأ أيضًا | ترامب: الولاياتالمتحدة لن تستسلم في مواجهة الإرهاب وجاء القرار رداً على المعلومات التى أفادت بأن مرتكب الحادث، وفق التحقيقات، مهاجر من أفغانستان، وفى ضوء ما وصفته إدارة ترامب بأنه «فشل سياسات الهجرة السابقة» التى سمحت بدخول أشخاص يشكلون «خطراً أمنياً» على المجتمع الأمريكى. وفى منشوره، قال ترامب إنه ينوى كذلك إنهاء «جميع الإعانات والمزايا الفيدرالية» الممنوحة لغير المواطنين، وإنه سيُجرى مراجعة شاملة وإعادة فحص كامل لبطاقات الإقامة «جرين كارد» الصادرة لمهاجرين من 19 دولة اعتُبِرت دول قلق أمنى. وأضاف أنه سينزع الجنسية أو يُرحّل أى مهاجر يُعتبر غير مفيد لأمريكا أو لا ينسجم مع قيم الحضارة الغربية. وتشمل الدول ال 19 أفغانستان، وبورما، وتشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتى، وإيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن، وبوروندى، وكوبا، ولاوس، وسيراليون، وتوجو، وتركمانستان، وفنزويلا.. وفى هذا الصدد قالت مساعدة وزير الأمن الداخلى، تريشيا ماكلولين، فى بيانٍ لشبكة CNN: «اعتبارًا من الآن، سيتم إيقاف معالجة جميع طلبات الهجرة المتعلقة بالمواطنين الأفغان لأجلٍ غير مسمى فى انتظار مزيد من المراجعة لبروتوكولات الأمن والتدقيق». كما أعلنت السلطات المعنية تعليق معالجة طلبات الهجرة أو اللجوء الجديدة من بعض الجنسيات، ووقف أى إجراءات قبول جديدة مؤقتاً، فى انتظار إعادة تقييم الأمن والسياسات بحسب ما أشار مكتب الهجرة الأمريكى. ويقول المسئولون إن المهاجر الأفغانى المشتبه به دخل الولاياتالمتحدة عام 2021 بموجب برنامج إعادة توطين. وقد أثارت قرارات ترامب ردود فعل واسعة داخل أمريكا وخارجها، حيث اعتبر كثيرون أن استعمال تعبير «دول العالم الثالث» مصطلح فضفاض وغير قانونى، ما يفتح الباب لقرارات تمييزية وقد تؤدى لطعون فى المحاكم الفيدرالية. فيما حذّرت منظمات حقوقية من العواقب الإنسانية المحتملة على ملايين المهاجرين واللاجئين. ويرى الخبراء ان الهجوم سلط الضوء على مشكلة خطيرة تتعلق بتجزئة المعلومات داخل المنظومة الاستخباراتية الأمريكية،إذ تعمل الجهات الفيدرالية والولايات والمحليات غالبًا بمعزل عن بعضها، ما يخلق فجوات واسعة فى تبادل المعلومات. وفى هذه القضية، يُعتقد أن بعض الجهات كانت تملك بيانات عن المشتبه به، سواء حول سجله أو نمط سلوكه أو تحركاته، لكن عدم دمج هذه البيانات فى منظومة مركزية موحدة أدّى إلى فشل اكتشاف التهديد مبكرًا. وهذا النوع من الثغرات يعتبره الخبراء نقطة ضعف مزمنة تجعل من السهل على الأفراد ذوى النوايا المتطرفة استغلال الفجوات للاندماج داخل المجتمع دون رصد كافٍ.. ومن أبرز النقاط التى أثارت الجدل أيضًا ضعف عمليات الفحص الأمنى التى مرّ بها العديد ممن تم إجلاؤهم من أفغانستان عام 2021. فقد تمت عملية التوطين حينها بشكل عاجل وبإجراءات مختصرة، دون استكمال عملية تدقيق أمنى عميق أو إعادة تقييم لاحقة «Re-veting» بعد وصولهم. تحليل الخبراء يشير إلى أن المشتبه به ربما لم يكن ليتجاوز فحصًا أكثر صرامة لو كانت قواعد التحقق الأمنى أكثر إحكامًا. هذا النقص فى التدقيق أدّى إلى اندماج أفراد داخل الولاياتالمتحدة مع عدم امتلاك السلطات صورة استخباراتية دقيقة عن خلفياتهم أو ارتباطاتهم السابقة. وعلى ضوء كل هذه الثغرات، اعتبر خبراء الأمن القومى أن حادثة إطلاق النار ليست حادثًا عابرًا، بل جرس إنذار يكشف حاجة ملحة لإعادة بناء سياسات الفحص الأمنى، وتعزيز تبادل المعلومات بين الجهات المختلفة، وتبنى إطار قانونى محدث للتعامل مع الإرهاب الداخلى، وكذلك مراجعة سياسات استقبال اللاجئين وإعادة التوطين لضمان أنها لا تخلق نقاط ضعف تستغلها العناصر الخطرة. وبحسب التحليل الأمنى، فإن هذه الحادثة كانت «قابلة للمنع» لو كانت المنظومة تعمل بتناغم ووضوح أكبر.