يحتفى العالم في 20 نوفمبر من كل عام بيوم الطفل العالمي من أجل نشر البسمة على وجه أطفال صغار من مختلف أنحاء العالم، فهؤلاء الذين لا يزالون في نعومة أظافرهم لم يحملوا بعد كاهل الحياة وصعوباتها التي تنتظرهم حينما تشتد سواعدهم ويصلون إلى مراحل الكبر. لكن هناك في قطاع غزة يبدو الوضع مختلفًا فالأطفال يعيشون أشد المعاناة، وتحديدصا أولئك الذين ساقهم الاحتلال الإسرائيلي إلى سجونه ومعتقلاته، لتتواصل تلك المعاناة رغم انتهاء الحرب في قطاع غزة بعد عامين من المجازر المرتكبة، والتي كان الأأطفال في طليعة ضحاياها. رصد جرائم إخفاء قسري وقال تقرير مشترك صادر عن مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني ومؤسسة الضمير)، إنه "مع بدء حملات الاعتقال في غزة في ضوء حرب الإبادة، والتي طالت بحسب المؤسسات وما تمكنت من رصده، العشرات من الأطفال، إلا أنّ جريمة الإخفاء القسري، والقيود التي فرضت على الزيارات، حالت دون معرفة العدد الدقيق لهم داخل سجون الاحتلال والمعسكرات التابعة للجيش، وكما كافة معتقلي غزة فقد فاقت شهادات وإفادات الأطفال منهم، القدرة على التصور نتيجة لجرائم التعذيب الممنهجة، واستخدامهم كدروع بشرية خلال عمليات الاعتقال، وممارسة بحقهم جرائم طبية، إلى جانب جريمة التجويع، والعزل الجماعي، والاعتداءات الممنهجة، ومنها عمليات القمع والاقتحامات التي تشكل أبرز السياسات التي تستخدم بحقّ الأسرى عمومًا". وأضاف التقرير أن جزءًا من هؤلاء الأطفال جرى تحويلهم إلى "مقاتلين غير شرعيين"، القانون الذي استخدمه الاحتلال بحق معتقلي غزة المدنيين، والذي ساهم في ترسيخ جرائم التعذيب الممنهجة، التي أدت إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة. دروع بشرية واستعرضت مؤسسات الأسرى في تقريرها واقعة حصلت مع طفل يبلغ من العمر 15 عامًا، اكتفت بنشر الأحرف الأولى من اسمه، حيث جرى استخدامه كأحد الدروع البشرية لجنود جيش الاحتلال رغم حداثة سنه. وأشار التقرير إلى أن الطفل (ص.ر)، البالغ من العمر 15 عامًا، وقع اعتقاله القاسي على يد قوات الاحتلال خلال إخلاء حي السلطان في رفح، حيث تم استخدامه منذ اللحظة الأولى ك"درع بشري" في عمليات الاقتحام والتمشيط، وتعرّض لضرب يومي، وتكبيل وتعصيب متواصلين، واحتجاز داخل بيوت مدمّرة، قبل أن يُجبر على تنفيذ مهام خطرة داخل مناطق قتال لمدة 48 يومًا. وتابع التقرير قائلًا: "اعتُقل (ص. ر) بعد أن أجبره الجنود على نقل الأوامر للسكان لإخلاء المنطقة. وبعدها تم وضعه على دبابة عسكرية، ونُقل إلى منطقة الشابورة، حيث احتُجز في منزلين متتاليين لمدة عشرة أيام وهو مكبّل اليدين والقدمين ومعصوب العينين، وتعرّض خلال هذه الفترة لضرب ممنهج كل صباح". وأشارت مؤسسات الأسرى في تقريرها إلى أنه بعد عشرة أيام، بدأ الاحتلال بإجبار الطفل على دخول البيوت قبل القوات لإجراء "تمشيط"، بينما كان الجنود يختبئون خلفه مسافة 30 مترًا، مستخدمينه كدرع بشري كامل، بعد أن ألبسوه "زيًا عسكريًا" بلون زيتي. وواصل التقرير: "خلال هذه الفترة تعرّض لعدة مخاطر مباشرة على حياته، منها هدم منزل فوقه بالجرافة دون علم السائق بوجوده داخله، وإطلاق رشقات من دبابة أصابت المنزل الذي كان فيه. استمر ذلك لمدة 48 يومًا، كان خلالها يتعرض للعقاب والضرب كلما رفض دخول المنازل". وبحسب مؤسسات الأسرى، لفإنه في آخر خمسة أيام، تم احتجاز الطفل داخل غرفة مغلقة دون السماح له بالحديث مع أحد، ثم أفرج عنه بطريقة تعسفية عبر إجباره على السير وحيدًا مسافة كيلومترين في منطقة عسكرية، مُحددًا له اتجاه الخروج عبر"خريطة" وإضاءة بعيدة، مهددًا إياه بالقتل إذا لم يمتثل لأوامرهم، إلى أن وصل منزل عمه وهناك وجد جده ووالده.