تصعيد في واشنطن بعد اتهام ترامب للديمقراطيين ب«التحريض المعاقب عليه بالإعدام»

فجر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب موجة غضب عارمة بعدما اتهم مجموعة من المشرعين الديمقراطيين بالخيانة والتحريض الذي "يعاقب عليه بالإعدام"، على خلفية نشرهم مقطع فيديو يحث العسكريين على رفض الأوامر غير القانونية.
ولم يتوقف الجدل الذي تفجر عقب منشورات ترامب على منصة "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي، عند حدود الردود الديمقراطية الغاضبة، وامتدّ إلى نقاش وطني حول معنى واجب الطاعة العسكرية، وحدود الخطاب السياسي، ومدى خطورة الدعوات التي قد تُفهم كتوجيه للعنف ضد مسؤولين منتخبين.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يشهد فيه الداخل الأمريكي توترًا متصاعدًا حول دور الجيش الأمريكي في النزاعات السياسية، وسط مخاوف متزايدة من تطبيع لغة التهديدات، خاصة بعد أحداث اقتحام الكونجرس في يناير 2021، التي ما تزال تداعياتها تلقي بظلالها على الحياة السياسية الأمريكية.
اقرأ أيضًا| شبكة نفوذ من واشنطن لتل أبيب.. الكونجرس ينشر وثائق تربط «إبستين» بنخب عالمية
أولًا| فيديو الديمقراطيين.. رسالة «رفض الأوامر غير القانونية»
ترمب يقترح عقوبة الإعدام لمشرعين ديمقراطيين قال إنهم حرضوا الجيش على عصيان الأوامر pic.twitter.com/LgsJh5Km6H
— NOW الشرق (@AsharqNOW) November 21, 2025
أفادت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن ستة مشرعين ديمقراطيين من قدامى المحاربين وخبراء الاستخبارات من بينهم السيناتوران إليسا سلوتكين ومارك كيلي، والنواب ماجي جودلاندر وكريس ديلوزيو وكريسي هولاهان وجيسون كرو نشروا مقطع فيديو مدته 90 ثانية، قالوا فيه لأفراد الخدمة الفعلية إن الدستور الأمريكي يمنحهم الحق في رفض الأوامر المخالفة للقانون.
وأكدوا في رسالتهم: "مثلنا، أقسمتم جميعًا على حماية هذا الدستور والدفاع عنه.. والتهديدات اليوم تأتي من الداخل كما تأتي من الخارج، قوانيننا واضحة: يمكنكم ويجب عليكم رفض الأوامر غير القانونية".
واتّجه الفيديو للتأكيد على أن الالتزام بالقانون والدستور الأمريكي، يسبق أي توجيه قد يخرق المبادئ المؤسسة للدولة الأمريكية.
ثانيًا| ردّ ترامب.. اتهامات بالخيانة ودعوات للعقاب
كشفت «الجارديان» أن هذا الفيديو أثار غضب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي نشر صباح الخميس سلسلة منشورات على "تروث سوشيال"، قال فيها إن المشرعين ارتكبوا "سلوكًا تحريضيًا على أعلى مستوى".
وكتب ترامب: "يجب اعتقال كل واحد من هؤلاء الخونة ومحاكمتهم"، "سلوكٌ مُحرِّضٌ من الخونة... يُعاقَب عليه بالإعدام!"
وأعاد ترامب نشر منشور يتضمن العبارة: "اشنقوا جورج واشنطن!"
واعتُبرت هذه التصريحات الأكثر صدامًا منذ أشهر، وأثارت قلقًا واسعًا بشأن لجوء ترامب لمصطلحات ترتبط بشكل مباشر بالعنف السياسي.
ثالثًا| الديمقراطيون يردون: تهديدات «خطيرة وبغيضة»
أصدر قادة الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز، كاثرين كلارك، وبيت أجيلار بيانًا قوي اللهجة أدانوا فيه منشورات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مؤكدين: "لا مكان للعنف السياسي في أمريكا.. تهديدات ترامب بالقتل ضد أعضاء الكونجرس الأمريكي خطيرة وبغيضة".
وأوضح البيان أن القيادة الديمقراطية تواصلت مع شرطة الكابيتول ورقيب الأسلحة لضمان حماية أعضاء الكونجرس الأمريكي وعائلاتهم.
وطالب البيان ترامب بحذف منشوراته "غير المتوازنة" والتراجع عن خطابه "العنيف" قبل أن يتسبب في إراقة دماء.
رابعًا| النواب المستهدفون يردّون: «لن نخضع للترهيب»
أصدر النواب الستة المشاركون في الفيديو بيانًا مشتركًا قالوا فيه: "نحن محاربون قدامى نحب هذا الوطن وأقسمنا حماية الدستور.. هذا القَسَم يدوم مدى الحياة، ولن تثنينا أي تهديدات أو دعوات للعنف".
وأوضحوا أن ما قاموا به لم يكن سوى "تذكير أفراد الجيش الأمريكي، بواجبهم القانوني"، وأن فكرة اعتبار ذلك جريمة "يعاقب عليها بالإعدام" أمرٌ مقلق وخطير.
وأضافوا: "على كل أمريكي أن يدين دعوات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للقتل والعنف السياسي.. هذا وقت الوضوح الأخلاقي".
خامسًا| شومر يدخل على الخط: "دعوة لإعدام مسؤولين منتخبين"
أدان تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي، تصريحات ترامب، ونشر على منصة إكس: "دعونا نكون واضحين تمامًا: رئيس الولايات المتحدة يدعو إلى إعدام مسؤولين منتخبين".
وأشار شومر إلى أن هذا الخطاب يمثل تهديدًا مباشرًا ويجب أن يواجه إدانة فورية من كل الأطراف السياسية.
اقرأ أيضًا| ترامب يكشف موقفه من فضيحة «إبستين» ويأمر بخطوات للتحقيق مع شخصيات بارزة
سادسًا| الجمهوريون ينقسمون.. ودفاع عن ترامب من رئيس مجلس النواب
على الجانب الجمهوري، دافع رئيس مجلس النواب مايك جونسون عن رؤية ترامب، معتبرًا أن الفيديو الذي نشره الديمقراطيون "غير لائق على الإطلاق"، وأنه يشجّع على عصيان سلسلة القيادة العسكرية.
وقال جونسون إن ترامب كان "يحدّد جريمة التحريض على الفتنة"، مضيفًا: "تشجيع أفراد الجيش الأمريكي على عصيان الأوامر أمر غير مسبوق".
لكن تقارير أشارت إلى أن بعض الجمهوريين رفضوا التعليق، في إشارة إلى الانقسام داخل الحزب بشأن خطاب ترامب المتصاعد.
سابعًا| موقف البيت الأبيض: لا.. الرئيس لا يدعو للإعدام
ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض على جدل تلميح ترمب إلى إمكانية إعدام أعضاء في الكونجرس، وأكدت أن الرئيس "لا يريد ذلك". pic.twitter.com/Nruv6xLU1P
— Asharq News الشرق للأخبار (@AsharqNews) November 21, 2025
خلال مؤتمر صحفي، سأله مراسل: "هل يدعو الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى إعدام أعضاء الكونجرس الأمريكي؟"، فأجابت السكرتيرة الصحفية كارولين ليفيت بوضوح: "لا".
وأكدت ليفيت أن الفيديو الذي نشره الديمقراطيون يمثل "تشجيعًا خطيرًا لكسر سلسلة القيادة"، وهو ما "قد يخلق فوضى ويعرض حياة الناس للخطر".
ثامنًا| سياق أوسع.. مخاوف من تصاعد الخطاب العنيف
تأتي هذه الأزمة في ظل تنامي القلق الأمريكي من ربط المؤسسة العسكرية بالصراعات السياسية.
وحذر منظمات حقوقية وخبراء قانونيون خلال الأشهر الماضية من: تزايد استخدام خطاب "الخيانة" و"العنف" في الحملات السياسية، ومخاطر تحريض مباشر أو غير مباشر يمكن أن يدفع أنصار ترامب للعنف، وتكرار سيناريوهات مشابهة لما حدث في الكونجرس الأمريكي عام 2021.
بينما يرى مراقبون أن الأزمة الحالية تؤكد استمرار هشاشة المناخ السياسي، وأن تصريحات ترامب لا تزال قادرة على إعادة إنتاج أجواء التوتر والانقسام.