يشارك رئيس الوزراء المصرى الدكتور مصطفى مدبولى، فى قمة مجموعة العشرين G20 التى تنطلق اليوم فى مدينة جوهانسبرجبجنوب إفريقيا التى تستضيف القمة على مدار يومين. وتعّد هذه المرة السادسة فى 6 سنوات متتالية التى تشارك فيها مصر فى القمة الدورية لهذه المجموعة التى تضم أكبر اقتصادات العالم، بعدما نجحت على مدار السنوات الأخيرة فى ترسيخ حضورها رغم عدم عضويتها الرسمية، وشاركت فى عدد من القمم المتتالية بدعوات من الدول المضيفة أو بصفتها ممثلة للاتحاد الإفريقى. اقرأ أيضًا | رامابوسا: جنوب أفريقيا ستسلم رئاسة مجموعة العشرين إلى كرسي أمريكا الفارغ وقد بدأ هذا الزخم مع قمة أوساكا التى استضافتها اليابان فى 2019، والتى كانت نقطة تحول فى حضور مصر للمحافل الاقتصادية الكبرى، إذ دُعيت القاهرة بصفة رئيس الاتحاد الإفريقى آنذاك، وقامت خلال القمة بإبراز حضورها من خلال طرحها لرؤية متكاملة لدعم البنية التحتية والتحول الرقمى فى إفريقيا. وتواصل الدور فى قمة الرياض 2020 التى شهدت دعم مصر لمبادرة تعليق الديون للدول النامية خلال جائحة كورونا، ثم قمة روما 2021 التى ركزت خلالها القاهرة على إصلاح النظام المالى العالمى وتعزيز تمويل مشروعات الطاقة المتجددة. وفى قمة نيودلهى 2023 اكتسب الحضور المصرى ثقلاً إضافيًا مع إعلان انضمام الاتحاد الإفريقى عضوًا دائمًا بالمجموعة، الأمر الذى منح القاهرة مساحة أوسع للتعبير عن أولويات القارة فى قضايا المناخ، وأمن الغذاء، وتمويل التنمية. وواصلت مصر المسار خلال قمة البرازيل 2024 بدعمها آليات تمويل أكثر عدالة لمشروعات الطاقة النظيفة وتخفيف أعباء الديون. ويرى المحللون أن مصر برزت فى السنوات الأخيرة، كأحد أهم الأطراف الفاعلة داخل قمة مجموعة العشرين، وتعكس مشاركاتها المتكررة إدراك المجتمع الدولى لدورها السياسى والاقتصادى، ومكانتها كإحدى الدول المحورية فى الشرق الأوسط وإفريقيا. ومع تولى جنوب إفريقيا رئاسة قمة 2025، يبرز دور مصر كأحد أهم الأصوات الإفريقية القادرة على صياغة أولويات القارة داخل أكبر محفل اقتصادى دولى، والذى يمثل 85٪ من إجمالى الناتج المحلى وحوالى ثلثى سكان العالم. وتُعقد القمة تحت شعار «التضامن، المساواة، الاستدامة»، حيث حددت جنوب إفريقيا أولويات طموحة تشمل تعزيز القدرة على مواجهة الكوارث، وضمان استدامة ديون البلدان منخفضة الدخل، وتمويل «تحول عادل فى مجال الطاقة»، وتسخير المعادن الأساسية لتحقيق نمو شامل. وكلّفت الدولة المضيفة، فريقا بقيادة الخبير الاقتصادى الحائز على جائزة نوبل، جوزيف ستيجليتز، بتحليل التفاوت العالمى فى توزيع الثروة كما دعت لجنة الخبراء إلى إنشاء هيئة حكومية دولية لمعالجة ما أسمته «حالة طوارئ عدم المساواة» التى تؤثر على 2.3 مليار جائع حول العالم. وتُمثل القمة فرصة تاريخية للدبلوماسية الإفريقية، واختبارًا لمرونة مجموعة العشرين فى ظل ديناميكيات القوة العالمية المتغيرة. وتعمل جنوب إفريقيا على تحويل القمة لمنصة لدعم الحوار المتعدد الأطراف وتعزيز دور الدول الصاعدة فى صياغة النظام العالمى. وتأتى القمة فى وقت يمر فيه النظام الدولى بمرحلة انتقالية شديدة التعقيد، تتسم بتآكل الهياكل التقليدية للهيمنة الغربية وصعود متسارع لقوى «الجنوب العالمى» التى تسعى لإعادة صياغة قواعد اللعبة الدولية. وفى هذا السياق، تكتسب قمة جوهانسبرج، همية استثنائية تتجاوز كونها مجرد منتدى اقتصادى سنوى. حيث أنها القمة الأولى التى تُعقد على الأراضى الإفريقية، ما يحمل رمزية جيوسياسية عميقة تشير لانتقال ثقل القرار الدولى نحو القارة السمراء والاقتصادات الصاعدة. ومن هنا تبرز مصر كفاعل استراتيجى محورى من موقعها كعضو فى تكتل «بريكس»، وكدولة مؤثرة ومدعوة بانتظام فى مجموعة العشرين، وكممثل لصوت إفريقيا والعالم العربى. يذكر أن مصر استضافت الاجتماع الثالث ل «فريق عمل الأمن الغذائى» لمجموعة العشرين سبتمبر الماضى 2025، فى تطور غير مسبوق منذ تأسيس المجموعة عام 1999 وشهد الاجتماع مشاركة واسعة من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية.