تعٌتبر مرحلة المراهقة من أكثر المراحل حساسية في حياة الأبناء، فهي مرحلة انتقالية تتشكل فيها الهوية وتتغير فيها الأفكار والمشاعر بشكل سريع وإذا لم يفهم الأهل طبيعة هذه المرحلة واحتياجاتها، قد تتكون فجوة كبيرة بينهم وبين أبنائهم يصعب تجاوزها لاحقًا. وتوضح د. سماح عنتر، دكتوراه في الصحة النفسية وعلم النفس الإرشادى والإسرى، أن إدراك الوالدين للاحتياجات النفسية الأساسية للمراهق هو المفتاح الحقيقي لبناء علاقة قوية ومتوازنة. اقرأ أيضًا | نصائح ذهبية لتسهيل التعامل مع المراهقين وتعزيز علاقتك بهم تشير د. سماح إلى أن أول احتياجات المراهق هو الحب والشعور بالأمان العاطفي؛ فالمراهق غالبًا يعيش اضطرابًا داخليًا يجعله بحاجة إلى دعم الأسرة وثقتها. يحتاج الابن إلى من يعزز شعوره بالمسؤولية وقدرته على اتخاذ القرارات، بينما تحتاج الابنة إلى اهتمام واحتواء وتشجيع يكسبها ثقة أكبر في نفسها. وتضيف أن القبول واحترام الاختلاف يمثلان ركيزة مهمة في التواصل مع المراهقين، فالأبناء ليسوا نسخة مكررة من آبائهم، بل شخصيات مستقلة لها ميولها واهتماماتها الخاصة دور الوالدين هو التوجيه لا الفرض، والدعم لا المقارنة، حتى تنضج شخصية المراهق دون ضغط أو صراع. كما توضح د. سماح أن المراهق يحتاج إلى خصوصية تُشعره بالثقة وبأنه شخص مسؤول عن حياته مراقبة هاتفه أو تفتيش أغراضه قد يهدم الجسر العاطفي بينه وبين أسرته الحفاظ على خصوصيته خطوة أساسية لبناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل. وتلفت الانتباه إلى تأثير الأصدقاء في حياة المراهق، فدوائر العلاقات في هذا العمر تشكل جزءًا كبيرًا من هويته من المهم تعليم الأبناء كيفية اختيار الأصدقاء المناسبين دون إجبارهم على التقرب من أشخاص معينين أو الابتعاد عن آخرين، لأن الضغط في هذه المرحلة غالبًا ما يؤدي إلى العناد. أما ما يتعلق بالانجذاب والاحتياج العاطفي والجسدي، فتؤكد د. سماح أن شعور المراهق بهذه المشاعر أمر طبيعي، وعلى الأهل احتواؤه دون خوف أو توتر. يجب الحديث بكل وضوح عن الحدود والتصرفات المقبولة وغير المقبولة، مع التأكيد أن الإحساس نفسه ليس خطأ، إنما السلوك هو ما يحدد الصحة أو الخطأ. وأخيرًا، تشدد على أهمية التقدير والاحترام المتبادل، فالمراهق الذي لا يجد تقديرًا داخل المنزل سيبحث عنه خارج البيت، وغالبًا في أماكن قد تكون غير آمنة. إظهار الامتنان لمجهوده، واحترام مشاعره، وسماع آرائه، كلها خطوات تمنحه الثقة وتجعله أكثر قربًا من أسرته.