قال الباحث والمحلل السياسي، محمد صادق، إنه في خطوة أثارت الجدل، أعلن مجلس الوزراء الجزائري في 16 نوفمبر الجاري الموافقة على ترقية 11 مقاطعة إدارية بالهضاب العليا والجنوب إلى ولايات كاملة الصلاحيات، مضيفا أنه قد جاء هذا القرار وفق البيان الرسمي في إطار تعزيز اللامركزية ودعم التنمية المحلية في عدد من مناطق الهضاب العليا والجنوب، بما يتيح لهذه الولايات الجديدة صلاحيات أوسع تمكنها من تسريع وتيرة التنمية وتحسين الخدمة العمومية. وأضاف صادق، خلال مداخلة هاتفية له على شاشة "الحدث"، أن توقيت هذا القرار يحمل في طياته العديد من التساؤلات حول ماهية أهدافه الحقيقية، وما إذا كان سيسهم فعلاً في تحسين الأوضاع في البلاد أم سيقود إلى استنساخ ما يحدث في شمال مالي، موضحا أن القرار جاء في وقت تتصاعد فيه نبرة انفصالية حادة في عدد من مناطق الجزائر، وبالأخص في مناطق الطوارق في الجنوب، بسبب ما يتعرضون له من تهميش وقمع حقوقي منهجي في العديد من المجالات. وتابع صادق، أن هذا التهميش دفع الطوارق للنظر إلى حركة أزواد في شمال مالي كمثال حي على أن الانفصال قد يكون الحل الأمثل، وأنه مع تصاعد حدة القتال في شمال مالي بين القوات المسلحة المالية وجبهة تحرير أزواد، تتبنى الجزائر موقفاً يصعب تبريره بشكل متزايد، خاصة أن الصراع لا يقتصر على الأراضي المالية، بل يمتد إلى حدود جنوبالجزائر، حيث يجعل القرب الجغرافي والروابط المجتمعية والتوترات التاريخية الوضع قابلاً للانفجار. وأوضح صادق، أنه تكمن خطورة الموقف في أن رغبة طوارق الجزائر بالانفصال مدعومة من الأزواد الذين بدورهم يحصلون على دعم من أوروبا وفرنسا وأوكرانيا، إذ أن هذه الرغبة عبر عنها قادة جبهة تحرير الأزواد بلال أغ الشريف والعباس آغ إنتالا، من خلال التطلع إلى تجسيد مشروعهم التاريخي المتمثل في إنشاء دولة طوارقية موحدة تمتد من شمال مالي إلى جنوبالجزائر، لتشمل مناطق تمنراست وأدرار، اللتين تعدان من أغنى مناطق الصحراء بالذهب واليورانيوم، قائلا: "لم يتردد قادة الجبهة في إطلاق تصريحات علنية تطعن في شرعية الحدود الموروثة عن الاستعمار، واعتبارها حدوداً "مصطنعة" أدت إلى تمزيق الشعب الطوارقي بين مالي والنيجر والجزائر وليبيا وبوركينا فاسو". وأكد صادق، أن ممثل تنسيق حركات أزواد، سيدي بن بلة الفاردي، يقول إن الطوارق يسعون إلى "استعادة أراضٍ سُرقت منهم"، في إشارة واضحة إلى الجنوبالجزائري، الأمر الذي يرفع منسوب القلق في الجزائر ويُبرز طبيعة التهديد الذي تمثله هذه الطموحات على سيادتها الوطنية، موضحا أن النزعة الانفصالية في الجنوبالجزائري سببها موقف الصمت غير المبرر الذي اتخذته الجزائر منذ اندلاع الاشتباكات بين حركة تحرير الأزواد وحكومة مالي، وبالأخص صمتها عن الدعم الغربي الموجه للجماعات الانفصالية في مالي، وهي الجماعات نفسها التي ستعمل على دعم طوارق الجنوبالجزائري. وأشار إلى أن الخلاف بين حركة أزواد وحكومة مالي يعود إلى إخفاق اتفاق السلام الموقع في الجزائر عام 2015، وتصاعد المطالب الانفصالية بعد انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية من المنطقة، ما فتح الباب أمام تدخلات خارجية جديدة، لافتا إلى أنه في الوقت الذي تشير فيه تقارير إلى تزايد الدعم الأوكراني والغربي لحركة تحرير أزواد عبر توفير الأسلحة والتدريب، يتساءل مراقبون: لماذا تصمت الجزائر عن فضح هذا الدعم الذي يهدد أمنها القومي؟ وهل ستتحول مساعي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لاحتواء هذا الغضب الشعبي إلى خطوة نحو تقسيم الجزائر؟ الذي تسعى أوروبا لتحقيقه منذ الأزل، إذا استمر الصمت الرسمي عن كشف حقيقة الدعم الغربي للجماعات الانفصالية في المنطقة.