مجرد إشارة فى الاقتراح الأمريكى حول غزة إلى «مسار موثوق به لتقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية» أثار زوبعة سياسية داخل الكيان الصهيونى. لم يقتصر الأمر على «بن غفير» و«سيموتريتش» اللذين سارعا بترديد الأحاديث المعتادة منهما (والتى تتم فى العادة بالتنسيق مع نتنياهو!!) وإنما انضم لهما وزراء «الليكود» وفى مقدمتهم وزيرا الدفاع والخارجية فى الإعلان عن العداء الإسرائيلى المطلق لأى حديث عن الدولة الفلسطينية وعن أى مسار سياسى لابد أن يقود إلى حل الدولتين!! وزيرا الدفاع والخارجية «كاتس وساعر» اكتفيا بالتشديد على أن الكيان الصهيونى لن يوافق «تحت أى ظرف» على قيام دولة فلسطينية.. بينما وصلت «هلوسات» بن غفير «كالمعتاد» إلى حد إنكار وجود شعب فلسطين، وأن منح الفلسطينيين دولة سيكون مكافأة للإرهاب، وأن الحل فى غزة هو التهجير «الطوعى!!» وليس المسار السياسى(!!).. رغم كل جهود إسرائيل وضغوط اللوبى الصهيونى فإن قيام الدولة الفلسطينية يفرض نفسه. وبينما اضطرت واشنطون إلى تعديل مقترحها وإدراج البند الخاص بالمسار الموثوق لقيام الدولة الفلسطينية، فإن الاقتراح الروسى أكد أنه لا حل إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة واعتماد حل الدولتين. وفى النهاية اختتم نتنياهو بنفسه استعراض الكراهية للفلسطينيين والعداء للسلام العادل بالتأكيد على معارضته الدائمة «ومنذ عقود كما قال» لقيام دولة فلسطينية على أى جزء من الأرض غرب نهر الأردن. بغض النظر عن المزايدات السياسية فى الداخل الإسرائيلى خاصة مع موسم الانتخابات القريبة.. فإن هناك أساساً للمخاوف الإسرائيلية. هذه أول إشارة من إدارة ترامب الحالية إلى مسار نحو «دولة فلسطينية»، بالتأكيد لن تكون الإشارة كافية بالنسبة لنا لأننا «ومعنا العالم كله الآن» ندرك أن حق تقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية فى غزة والضفة والقدس المحتلة هو الطريق الوحيد للسلام فى المنطقة.. لكن نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة كانت تبنى حساباتها على أنها أمام فرصة تاريخية لدفن حل الدولتين وضم الضفة وإعادة احتلال غزة.. فإذا بها تجد نفسها أمام عالم يتحد ضد حرب الإبادة الإسرائيلية و160 دولة تعترف باستقلال فلسطين، وحسابات أمريكية تواصل دعم إسرائيل لكنها «لحساباتها الخاصة» ترفض ضم الضفة لإسرائيل، ثم لا تجد مفراً من التعامل مع حقيقة أنه لا حل ولا سلام إلا بقيام الدولة الفلسطينية لكى تمرر اقتراحها حول غزة(!!) بالنسبة لنا (وللعالم كله) فإن فلسطين «الدولة والشعب والأرض» هى الحقيقة الأساسية والباقى تفاصيل. بالنسبة للإرهاب الإسرائيلى يختلف الأمر حتى تفرض الحقائق نفسها. هكذا كان الأمر مع كل دولة قامت على الإرهاب حتى كان السقوط!! الطريق إلى فلسطين كما نتمناها صعب لكنه المسار الإجبارى لأى سلام عادل.. ولو كره أعداء السلام من الصهاينة والمتصهينين!!