استقبلت أكاديمية القيادة العالمية بجامعة الشعب الصينية في بكين، 32 قيادياً سياسياً من ستة أحزاب حاكمة في جنوب أفريقيا، ضمن برنامج "النخبة في الحكم والإدارة" للعام 2025، إذ يشغل هؤلاء القادة الشباب مناصب رفيعة في أحزابهم وحكوماتهم، ويُعتبرون القوة الاحتياطية الأساسية للقيادات المستقبلية في بلدانهم، في خطوة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين بكين والقارة الأفريقية. حفل افتتاحي رفيع المستوى شهد حفل الافتتاح حضوراً استثنائياً من كبار المسؤولين الصينيين، إذ ألقى تشانج دونج قانج، أمين الحزب بجامعة الشعب الصينية، كلمة ترحيبية مؤثرة أكد فيها أن صياغة القيادة العالمية تنبع من الاستجابة للسؤال العصري: "إلى أين يتجه العالم؟"، مشيراً إلى أن "المبادرات العالمية الأربع" للرئيس شي جين بينج تمثل الحكمة والحلول الصينية لهذا السؤال. ووجّه رسالة للقادة الشباب الأفارقة بأن يتخذوا من الدراسة نقطة انطلاق لتحقيق أربعة أهداف، وهي تعزيز القوة الفكرية ليكونوا دعاة للتنمية المشتركة، وصقل قوة اتخاذ القرار ليصبحوا حماة للأمن العالمي، وتنمية القدرة على التسامح ليكونوا مروجين لتقدم الحضارة الإنسانية، وإطلاق قوة الابتكار ليصبحوا بناة شجعاناً في الحوكمة العالمية. كما شارك في الحفل بكلمات ترحيبية كل من ياو جيان قوه نائب مدير مركز التبادل الدولي بدائرة الاتصالات الدولية للحزب الشيوعي الصيني، وتشاو يونج وزير مفوض بإدارة الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية، وقوان تشي يونج نائب مدير إدارة التعاون الدولي بالوكالة الوطنية للتعاون الإنمائي الدولي، فيما أدار الحفل تشنغ شين يي نائب رئيس الجامعة. رؤية صينية لإعداد قادة أفريقيا أكد المسؤولون الصينيون خلال حفل الافتتاح، الذي حضره ممثلون عن وزارة الخارجية ودائرة الاتصالات الدولية للحزب والوكالة الوطنية للتعاون الإنمائي، أن التجربة الصينية في التحديث تقدم نموذجاً ملهماً كسر أسطورة "التحديث يساوي التغريب"، مما يوفر مرجعية قيمة للدول النامية الساعية للتنمية المستقلة. وأشاروا إلى أن قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين العام الماضي نقلت العلاقات الثنائية إلى مرحلة "مجتمع مصير مشترك على مدار الساعة"، مع تبني ست مبادئ رئيسية لدفع التحديث و"عشرة مسارات للشراكة"، مؤكدين أن الشباب الأفارقة المشاركين يمثلون القوة الحقيقية لاستمرار الصداقة ودفع النهضة الأفريقية. قادة أفارقة شباب من ست دول يضم البرنامج نخبة من القيادات السياسية الأفريقية من أحزاب حاكمة في تنزانيا وأنجولا وزيمبابويوجنوب أفريقيا وناميبيا وموزمبيق. وقد سبق هذا الحفل الرسمي في بكين حفل افتتاح تمهيدي أُقيم في سبتمبر الماضي بتنزانيا، مما يعكس الاهتمام الكبير بهذا البرنامج الفريد. ويلتحق هؤلاء القادة ببرنامج دراسات عليا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، من خلال مناهج متخصصة ودراسات ميدانية تساعدهم على فهم تجربة التنمية الصينية وتعزيز قدراتهم في الحكم والإدارة. ست مدن صينية كشفت جيانج شياو لي، نائبة مدير أكاديمية القيادة العالمية، عن برنامج تدريبي طموح يشمل زيارات ميدانية لست مدن صينية نموذجية، وهي بكين العاصمة السياسية، ويويانج التاريخية، وجينجانجشان مهد الثورة الصينية، وفوتشو المدينة الساحلية المتطورة، وييوو مركز التجارة العالمية، وسوتشو الصناعية العريقة. سيتمكن المشاركون من خلال هذه الرحلة التعليمية من استكشاف الإنجازات الجوهرية والممارسات الحية للتحديث الصيني، مجسدين مقولة "اقرأ عشرة آلاف كتاب واقطع عشرة آلاف ميل". من جانبه، أكد تسانج فنج يو، عميد كلية الفلسفة وعضو اللجنة الأكاديمية بالبرنامج، أن الهدف مساعدة الطلاب الأفارقة على فهم المنطق العملي للتحديث الصيني من خلال البحث الميداني، وصقل قيادة متجذرة في واقعهم المحلي، وبناء جسور للحوار الحضاري بين روح "أوبونتو" الأفريقية ومفهوم "العالم للجميع" الصيني، للوصول إلى حلول حوكمة عالمية أكثر شمولية. أصوات أفريقية متحمسة للتجربة شهد الحفل كلمات ملهمة لأربعة من القادة الأفارقة المشاركين، هم: إيلي سالوم هابي، أمين عام رابطة الآباء بحزب الثورة التنزاني، وجيسوس تيما سانجو من حركة التحرير الشعبية الأنجولية بمنطقة كيلامبا، وإينوك دامبوزو، نائب مدير المكتب القانوني باتحاد زيمبابوي الوطني الأفريقي - الجبهة الوطنية، ومافيس نوماسيمبا كابا، عضو اتحاد المرأة بمقاطعة جاوتنج واللجنة التعليمية السياسية بالمؤتمر الوطني الأفريقي الجنوب أفريقي. أعرب المتحدثون الأربعة عن امتنانهم العميق وفخرهم بكونهم أول دفعة في هذا البرنامج الاستثنائي. وأجمعوا على أن هذه الفرصة تتجاوز كونها تجربة للنمو الشخصي، لتصبح مسؤولية وطنية لنقل المعرفة والخبرات إلى بلدانهم. وأكدوا عزمهم على الاستفادة القصوى من الوقت في الصين، والاجتهاد في استيعاب تجربة التنمية الصينية وحكمة الحوكمة، بهدف المساهمة الفعالة في ازدهار بلدانهم وتعميق الصداقة الأفريقية الصينية التي تمتد لعقود طويلة. وشدد المشاركون على أن برنامج "النخبة" يمثل نقطة انطلاق لجيل جديد من القادة الأفارقة القادرين على قيادة بلدانهم نحو مستقبل أفضل، مستلهمين من التجربة الصينية دون نسخها، بل تكييفها مع الواقع الأفريقي. كما أشاروا إلى أن هذا البرنامج يعزز الروابط بين الأحزاب الحاكمة في أفريقيا والحزب الشيوعي الصيني، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي. حوار استراتيجي حول مستقبل أفريقيا تضمن الحفل جلسة حوارية تفاعلية حول "2050: الصين وأفريقيا والعالم"، شارك فيها أساتذة من كليات الاقتصاد والعلاقات الدولية وإدارة الأعمال بالجامعة، حيث تبادلوا الرؤى مع القادة الأفارقة حول التحديات والفرص المستقبلية، ودور أفريقيا المتنامي في النظام الدولي، وسُبل تعزيز الشراكة الأفريقية الصينية في مواجهة التحديات العالمية. حضور دولي واسع شهد الحفل حضوراً دبلوماسياً واسعاً تجاوز مئة ضيف، بينهم سفراء ودبلوماسيون من اثنتي عشرة دولة منها سوريا والمغرب وبنجلاديش وإندونيسيا وغينيا ولبنان والصومال وأفغانستان وفنزويلا وأذربيجان والسودان ورومانيا، إضافة إلى ممثلين عن وسائل الإعلام وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، مما يعكس الاهتمام الدولي بهذه المبادرة التعليمية الفريدة. يُذكر أن أكاديمية القيادة العالمية بجامعة الشعب الصينية أُنشئت في نوفمبر 2024، برسالة "تعزيز السلام والتنمية العالميين ودفع بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية"، ساعية لإعداد قادة استراتيجيين يقودون التحول، ومحاورين حضاريين يكسرون الحواجز الثقافية، وبناة لمجتمع مصير مشترك يتجاوز الحدود الجغرافية. ويأتي اختيار دفعة 2025 من جنوب أفريقيا بدعم من دائرة الاتصالات الدولية للحزب الشيوعي الصيني، في إطار تعزيز العلاقات مع الأحزاب الأفريقية الحاكمة وإعداد جيل جديد من القادة القادرين على دفع عجلة التنمية في القارة السمراء.