خلال السنوات الأخيرة قفزت مبيعات السيارات الصينية في مصر بشكل لافت، حتى باتت تتصدر القوائم الرسمية للتراخيص والمبيعات. ويعود ذلك إلى عدة عوامل أبرزها الأسعار التنافسية مقارنةً بالموديلات الأوروبية والكورية، والتنوع الكبير فى الموديلات التى تغطى مختلف الفئات من الاقتصادية وحتى الفاخرة. وفق بيانات سوقية غير رسمية، استحوذت العلامات الصينية مثل شيرى، جيلى، شانجان، وجيتور على النصيب الأكبر من المبيعات، وأصبحت الخيار الأول لشريحة واسعة من المستهلكين الباحثين عن الشكل العصري والسعر المناسب. هذا الانتشار لم يأتِ من فراغ، فالمستهلك المصرى وجد فى السيارات الصينية بديلاً عملياً بعد الارتفاع الكبير فى أسعار السيارات المستوردة الأخرى، وهو ما ساعد على تعزيز مكانة الصينى داخل السوق المحلية. كما أن وكلاء هذه العلامات قدموا عروض ضمان ممتدة تصل إلى 10 سنوات، بجانب توفير مواصفات أمان وتكنولوجيا ترفيهية حديثة، وهو ما ساهم فى ترسيخ الثقة تدريجياً لدى المستهلك. ورغم بعض المخاوف المتعلقة بجودة المنتج على المدى الطويل، إلا أن الواقع يؤكد أن المبيعات فى صعود مستمر، بل إن السيارات الصينية المجمعة محلياً أصبحت بين الأكثر تداولاً فى السوق، مثل طرازات شيرى وشيفروليه وجيلى. ويتوقع خبراء أن يستمر هذا الزخم خلال السنوات المقبلة، خاصة إذا استقر سعر صرف الدولار وتوسعت الدولة فى مشروعات التجميع والتصنيع المحلى.. ومنذ بداية العام الجارى تشهد السوق المصرية ظاهرة لافتة، حيث أطلقت عدة علامات صينية جديدة، وطرحت العديد من الموديلات سواء المستوردة أو المجمعة محلياً. يأتى ذلك فى وقت تعانى فيه المبيعات من التراجع، إذ لم يتجاوز إجمالى ما تم بيعه العام الماضى 100 ألف سيارة فقط. هذا المشهد يثير تساؤلات عديدة حول جدوى طرح هذا الكم الكبير من الموديلات والعلامات، وإمكانية استيعاب السوق له، وهو ما دفعنا للحديث مع خبراء السيارات للتعرف على آرائهم. ◄ اقرأ أيضًا | رسميًا.. نسخة محدثة من 212 T01» Jian Yue Guan» مع تحسينات موسعة ◄ المنافسة السعرية البداية كانت مع منتصر زيتون، خبير السيارات، الذى أرجع انتشار السيارات الصينية فى مصر إلى المنافسة السعرية والتصميمات الجذابة التى قدمت بديلاً للمستهلكين فى وقت شهدت فيه أسعار السيارات الأخرى ارتفاعات غير مسبوقة. وأوضح أن هذا التوجه دفع الوكلاء المصريين للتعاقد مع وكلاء صينيين وجلب براندات جديدة، ما أدى لدخول طرازات جديدة للسوق بشكل شبه يومى. لكن زيتون طرح سؤالاً محورياً: هل يمكن لسوق يبيع 100 ألف سيارة فقط سنوياً أن يستوعب كل هذه الموديلات؟، مشككاً فى قدرة بعض العلامات على الاستمرار، خاصة أن بعض السيارات تباع بالفعل تحت التكلفة. مضيفا: "الدخول السريع سينتج عنه خروج سريع أيضاً". ويرى زيتون أن أحد أسباب هذا التكدس يعود إلى المبالغة فى التسعير من قبل الوكلاء، الذين سعوا لتعويض أرباح مبالغ فيها. ومع توقف الاستيراد التجارى الموازى، الذى كان يمثل عامل توازن فى الأسعار، اتضح أثر هذه السياسة بشكل كبير. وعن مستقبل السيارات الكهربائية فى مصر، حيث أبدى تحفظه على قدرة البنية التحتية على استيعاب الطفرة الحالية. وأوضح أن إيقاف البروتوكول الصينى للشحن تسبب فى حالة من التخبط، خاصة مع تمسك وزارة الكهرباء بقرارها، رغم إعلان وزارة الصناعة عكس ذلك. وأكد أن تكلفة الشحن المرتفعة، والتى وصلت إلى أكثر من 50% من تكلفة الوقود التقليدى، بجانب قلة محطات الشحن، ستقف حائلاً أمام انتشار واسع لهذه الفئة. وعن إمكانية عودة السوق إلى سابق عهده، أكد زيتون أن الأمر مرهون بتحسن سعر الصرف، معتبراً أن انخفاض الدولار بشكل كبير كما كان قبل الأزمة أمر غير وارد حالياً. أما التجميع المحلى، فرأى أنه لم يحقق أهدافه بعد، بسبب ضعف الإنتاج وتأخر وصول المكونات، ما أدى لعودة ظاهرة "الأوفر برايس"، لافتاً إلى أن القيمة الحقيقية للتجميع لن تتحقق إلا عبر التصدير، وهو ما لم يتم حتى الآن. ◄ مؤمن الدسوقي: أثبتت نفسها بجودتها وسعرها والتكنولوجيا الحديثة بها ◄ منافسة قوية على الجانب الآخر، يرى مؤمن الدسوقي، خبير مبيعات السيارات، أن انتشار السيارات الصينية فى مصر أمر إيجابى، لما يتيحه من منافسة قوية بين العلامات المختلفة، وبالتالى منح المستهلك خيارات أفضل. وأكد أن السوق المصري كبير ويستوعب المزيد من الموديلات، مستشهداً بحجم السكان والعملاء المحتملين. وأشار الدسوقي إلى أن المستثمرين الذين يضخون أموالاً فى مصانع جديدة لا يقدمون على ذلك إلا بعد دراسة دقيقة للعائد المتوقع، مؤكداً أن السوق المصرى مشجع للغاية. وأضاف أن وفرة المعروض ستؤدى لانخفاض الأسعار وزيادة المبيعات. وبشأن البنية التحتية للسيارات الكهربائية، أوضح الدسوقى أنها كافية حالياً لتلبية احتياجات السوق، حيث تسلم معظم السيارات الكهربائية الجديدة مزودة بنقاط شحن منزلية، فيما تغطى المحطات المنتشرة حالياً العدد الموجود، مؤكداً أن الدولة ستتوسع تدريجياً مع زيادة عدد السيارات الكهربائية. كما أشار إلى أن أبرز السيارات الصينية الجديدة التى طُرحت فى السوق وصل عددها إلى نحو 10 موديلات، سواء مستوردة أو محلية، وحققت مبيعات قوية. وأضاف أن الصينى يتميز بفترات ضمان طويلة تتراوح بين 6 و10 سنوات، مع تكنولوجيا متطورة ووسائل أمان وترفيه، وهو ما يجذب المستهلك المصرى. ◄ محمد سلامة: السيارات الصينية المجمعة محليا الأكثر مبيعًا في السوق ◄ التطور التكنولوجي من جانبه، قال محمد سلامة، خبير مبيعات السيارات، إن انتشار السيارات الصينية ليس مقتصراً على مصر، بل هو ظاهرة عالمية نتيجة التطور التكنولوجى السريع الذى تقدمه الصين بأسعار فى متناول شرائح واسعة. وأكد أن أكثر من 25 علامة وموديل جديد دخلت السوق المصرى هذا العام فقط، مشيراً إلى أن السوق قادر على استيعاب المزيد، خاصة مع استقرار سعر الصرف. وأضاف سلامة أن الوكلاء يتنافسون حالياً على الحصول على وكالات للسيارات الكهربائية، ضمن خطط طويلة المدى تحسباً للمستقبل، حيث من المتوقع أن تنمو هذه الفئة بشكل كبير خلال السنوات المقبلة. وأوضح أن تقارير المرور كشفت عن ترخيص أكثر من 800 سيارة كهربائية خلال أغسطس الماضى وحده، ما يعكس بوادر الطلب. وفيما يتعلق بمحطات الشحن، أكد أن تكلفتها ما زالت مرتفعة، وهو ما يقلل من حماس المستثمرين، خاصة مع قلة السيارات الكهربائية المنتشرة حالياً. لكنه شدد على أن وزارة الصناعة نفت إلغاء بروتوكول الشحن الصينى، مما يبقى المجال مفتوحاً للنمو. أما عن السيارات المجمعة محلياً، فأوضح سلامة أنها تحقق حالياً أعلى المبيعات فى السوق، مثل شيرى وشيفروليه وجيلى وشانجان وجيتور. واختتم سلامة حديثه بالتأكيد على أن السعر هو العامل الأبرز فى انتشار السيارات الصينية، لكنه شدد على أن ذلك لا يعنى ضعف الجودة، بل إن الشركات الصينية طورت منتجاتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة من حيث الأمان والتكنولوجيا. وأرجع تقارب أسعار الصينى مع الأوروبى والكورى إلى اختلاف نسب الجمارك، حيث تصل على الصينى إلى 67%، مقابل نحو 20% على الأوروبى.