المتابع لحركة السوق سيكتشف بسهولة أن أسعار السلع فى تراجع، وخاصة الأدوات المنزلية والسلع الكهربائية. التجار أصبحوا يبتكرون حيلًا جديدة لجذب المستهلكين، ولكن ما زال هناك إحجام عن الشراء لعدة أسباب. أولًا: لأن التجار، وعلى مدار أعوام، استباحوا جيوب المستهلكين ورفعوا أسعار السلع بصورة مبالغ فيها بحجة تغيّر سعر الصرف. ثانيًا: مع بداية العام الدراسى يحدث تحول طبيعى فى مسارات الاستهلاك، إذ تنفق الأسرة أكثر من نصف دخلها على مصاريف المدارس والدروس الخصوصية. ثالثًا والأهم: أن الثقة أصبحت مفقودة بين التاجر والمستهلك، بعد أن شعر المواطن بأنه تعرّض للجشع والاستغلال نتيجة الفوضى غير المسبوقة التى شهدتها الأسعار خلال الفترة الماضية. الخلاصة أن هذه المرحلة تشهد تراجعًا فى الأسعار، وتشهد أيضًا ضعفًا فى الإقبال على الشراء، لأن الجميع ما زال يشعر بأن الأسعار مرتفعة عن التكلفة الحقيقية، وأن الوفر فى الإنتاج وتكدّس البضائع فى المخازن سيجبر التجار على تقديم تخفيضات جديدة وتقليل هامش الربح. المستهلك هو سيد السوق، ولديه القدرة على ضبط الأسعار إذا اتبع ثقافة المقاطعة، لأن فوضى الأسعار لا يمكن أن تُحكم بالأجهزة الرقابية وحدها. وعلى التاجر أن يستوعب الدرس، وألّا يستغل الفرص ويتلاعب بالأسعار دون مبرر. الفرصة مواتية لإعادة الانضباط إلى حركة السوق، بشرط أن يتعلّم التجار أن الاستغلال يحقق مكاسب وقتية فقط، وأن المستهلك قادر على مقاطعة السلع إذا شعر بأنها تُباع بأسعار جنونية. السوق فى مصر يشهد وفرة فى المعروض، والأوضاع الاقتصادية فى تحسّن، ومن حق المستهلك أن يشعر بهذا التحسن من خلال بيع السلع بأسعار عادلة. دعونا نتعامل مع بعضنا البعض فى حركة البيع والشراء بشرف وأمانة، لتعود الحركة المنضبطة والعادلة إلى الأسواق. وتحيا مصر .