تتخيل الزوجة المسكينة أن قرارها النهائي بالانفصال عن زوجها المدمن سيحوله إلى وحش قاسي مجرد من الإنسانية، حيث تعدى عليها بالضرب المبرح ومزق وجهها بآلة حادة «كتر» رافعا شعار «إما الاستمرار في هذه الزيجة التعيسة بكل تفاصيلها المؤلمة أو الموت مشوهة بلا ملامح»، دون شك عقلية مريضة مكانها السجن وليس الشارع بين البشر العاديين. التفاصيل الكاملة لجريمة الشروع في قتل الزوجة في السطور التالية. منار محمد عويس 24سنة.. سيدة جميلة الملامح.. هادئة الحضور.. تعمل في أحد «مراكز التجميل» وتقيم بشارع الأندلس بمدينة السادس من أكتوبر وسط أسرتها البسيطة المكونة من ستة أشقاء في منزل تغمره المحبة والطيبة رغم قسوة الظروف، فوالدها رجل متقاعد يعيش على معاشه الزهيد . منار فتاة على خلق تسعى وراء لقمة العيش الحلال؛ حيث اعتادت الذهاب إلى عملها كل يوم في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا حسب طبيعة عملها وتعود في العاشرة مساء كل يوم. قصة حياتها مليئة بالتفاصيل الغريبة والمحزنة كأنك تشاهد مشهدًا دراميًا أقرب للخيال.. كانت تحلم بحياة مستقرة تشبه قلبها الطيب لكنها لم تكن تعلم أن القدر يخبئ لها فصلًا قاسيًا من الألم والخذلان، سقطت ضحية لزيجة أولى انجبت طفلين وفشلت هذه الزيجة بعد حبس الزوج في قضية سرقة. وزيجة ثانية بدأت بإدمان الزوج وانتهت بالطلاق بعد شهر ونصف زواج، عندما أقدم «طليقها» الثاني على التعدي عليها وضربها والشروع في قتلها والآن يهددها واطفالها بالقتل. تهديد تقول منار بصوت مرتجف وعيون غارقة في الدموع: لماذا أصبحت مهددة بالموت على يد طليقي المدمن؟!، هل كان انفصالي عنه جريمة استحق عليها الانتقام؟! أسئلة موجعة خرجت من قلب امرأة أنهكها الخوف والحيرة وهي تستغيث لإيصال صوتها الى الجهات المعنية طالبة النجدة والحماية من طليقها الذي لم يتوقف عن مطاردتها وتهديدها. تطلب مد يد العون لها لإبعاد طليقها عن طريقها لتستطيع أن تستمر في عملها وتتكفل برعاية أطفالها الصغار المشتتين بين أقاربها بعيدا عنها نتيجة لغياب الأمان. أكدت انها من أصل صعيدي مسقط رأسها محافظة بني سويف مركز الفشن،لا تجيد القراءة والكتابة تزوجت في المرة الاولى من شاب ورزقها الله طفلين وكانت الزوجة الشابة تعيش في شقة والدة زوجها (حماتها) المسيطرة على كل شئون المنزل وبعد حبسه في قضية سرقة دبت المشكلات مع حماتها واستحالت الحياة بينهما وتم الانفصال بعد زواج عمره 4 سنوات. هذا الانفصال خلق بداخلها الإحساس بالفشل في الحياة الزوجية وعدم الثقة بالنفس وتعرضت للكثير من المشكلات العائلية والمادية، أكدت انها في ذلك الوقت كانت في حالة يرثى لها لا تعرف ماذا ستفعل في حياتها القادمة؟! الصدفة لعبت دورها عندما قابلت إحدى صديقاتها وبعدما عرفت ظروفها عرضت عليها أن تعمل في أحد مراكز التجميل بالمنطقة المقيمة فيها وشجعتها على النجاح وتوفير أموال لنفسها وأولادها. اقتنعت منار بكلامها وفعلا اشتغلت وحققت مكاسب ماديه كويسة– كما تقول لنا - وتحملت مسئولية أطفالها وكل الناس بدأت تعرفها وبدأ اسمها يتردد على ألسنة الزبائن بالمدح والاعجاب. كانت تعمل ساعات طويلة من اليوم وبدأت الاموال تتدفق عليها رافضة الارتباط والزواج من أي شخص من أجل أولادها. ابن الجيران كان ابن الجيران صديق شقيقها الأكبر يعرفها منذ سنوات طويلة قبل زواجها الأول وكان يكن لها مشاعر إعجاب لكن لم يملك حينها الجرأة على البوح بها. ظل يتابع أخبارها في صمت، ويراقب تفاصيل حياتها من بعيد ومع مرور الوقت بدأ يتودد ويتقرب بخطوات حذرة يحاول أن يفتح باب التحدث معها من جديد والظروف والمعاناة التي مرت بها منحته فرصة ليقول ما كان يريده . بدأ يتحدث معها بلطف ورقة، كلامه كان يحمل في طياته شوق السنين عن ذكرياته القديمة، بدأت منار تستمع اليه ولا تدري إن كانت تعيش لحظة صدق أم بداية طريق لا تعلم نهايته ولكنها دائمًا تشعر بعدم الطمأنينة والخوف من تكرار التجربة ومع الوقت بدأ الحديث يزداد. كان هذا الشاب يحاول أن يُظهر لها أنه تغير واقتلع عن تصرفات الماضي الطائشة واصبح اكثر نضجًا.. منار تستمع اليه بحذر لان الحياة والتجارب علمتها أن المشاعر وحدها لا تكفي لبناء حياة. أظهر لها تعاطفه معها بسبب الشغل لساعات طويلة على مدار اليوم وعرض عليها لو محتاجه أي مساعدة هو على استعداد وقال لها:: «انه على استعداد أن يتزوجها ويساعدها في تربية اولادها لأنه يحبها ويحب أولادها» . وافقت على طلبه بالزواج منها وانتهى الامر بإتمام الزيجة بعد ثلاثة أشهر خطوبة وعاش الاثنان في شقة بمنطقة أكتوبر. اعتقدت انها ستعيش أيامًا مليئة بالسعادة والحب مع ابن الجيران الذي يحبها وتزوجها لأجل حبه لها، لكن سرعان ما اكتشفت انه يتعاطى المخدرات وتحطمت كل احلامها وبدأت تدب الخلافات والمشكلات بينهما. كان دائم الشجار معها ووصل الامر إلى تعديه عليها بالضرب والعنف وازدادت المشكلات يومًا بعد الآخر حتى سئمت منار الحياة معه وتركت له المنزل وذهبت تعيش مع اسرتها وقررت الانفصال عنه لسوء معاملته وإدمانه لكنه عاد يتلون كالحرباء يتردد عليها ويقسم لها أنه لا يقوى على الحياة بدونها لكنها لم تصدقه وقررت الانفصال التام والنهائي. لم يخطر ببالها انه سوف يفتك بها ويعذبها ويمارس عليها جبروته لدرجة أنه يمنعها من الذهاب إلى عملها ويشك في تصرفاتها ويهددها بالقتل لو أصرت على الانفصال عنه وانه سوف يشوه وجهها ويصل الامر إلى حد القتل. اتهام وتحليل قالت منار: إن طليقها اتصل بها قبل انفصالهما اثناء وجودها في عملها اخبرها أن والده المسن»84 سنة» جاء ليقيم معهم مؤقتا وطلب منها العودة الى المنزل للاهتمام به وبعد عودتها وقيامها بخدمته فوجئت بزوجها يتهمها بإقامة علاقة مع والده واجبرها على إجراء فحوصات طبية لإثبات اتهامه والتي اكدت براءتها تماما من تلك الاتهامات، ولما لا يفعل ذلك وقد أذهبت المخدرات بعقله؟! بعد انفصالها عنه بدأ طليقها في ملاحقتها امام مكان عملها ومنزلها، كان يعتدي عليها بالضرب وينهب مبالغ مالية كانت بحوزتها وتكررت تلك الاعتداءات اكثر من مرة رغم محاولاتها إبعاده عنها، ولم يكتف بذلك بل اقدم على نشر صور خاصة بها بملابسها المنزلية على مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بعبارات مسيئة تمس سمعتها مما جعلها تفقد الثقة في نفسها وهزت كل مشاعرها وكيانها.. لا تعلم ماذا تفعل وما هو شكلها امام عائلتها وأصدقائها؟! يوم الواقعة عقارب الساعة تشير إلى العاشرة حين كانت منار في طريق عودتها الى المنزل بعد تعب يوم طويل من العمل والشارع يكاد يخلو من المارة. الذئب ينتظر فريسته وما أن فتحت منار الباب حتى انقض عليها بعنف شديد قابضًا على رقبتها بكل قسوة ثم أشهر السكين في وجهها وانهال عليها ضربًا به دون رحمة، تعالت صرخات منار المذعورة ودوت في ارجاء العقار فأسرع الجيران لمحاولة إنقاذها وفي لحظة فاصلة انقض عليه شقيقها بشجاعة لينتزعها من بين انياب الذئب البشري طليقها، وبعد دقائق من الصراخ والهرج والمرج وصلت سيارة الإسعاف إلى المكان بينما كان الجيران يحاولون تهدئة الموقف كانت منار ملقاة على الأرض ووجها وملابسها غارقة بالدماء تتنفس بصعوبة وتهمس بكلمات غير مفهومة بينما ذهب شقيقها برفقتها إلى المستشفى نظراته مليئة بالغضب لا يصدق ما جرى أمام عينيه لشقيقته وبدأت في المستشفى رحلة العلاج وتولت الجهات الأمنية التحقيق في الحادث. بلاغ تلقى قسم شرطة ثالث أكتوبر بلاغا من المستشفى بوصول منار مصابة بجروح وكدمات بالوجه والانف واشتباه في كسور بالأنف بصحبة شقيقها وإصابات قطعية بالكاتر في رأسها ووجهها. على الفور انتقل فريق البحث الى المستشفى محل البلاغ واستمع إلى تفاصيل الواقعة من المجني عليها منار وأقرت بالتعدي الوحشي من قبل طليقها عليها ومحاولته الشروع في قتلها وتهديده لها بشكل مستمر. وجمع رجال البحث إفادات الشهود الذين أكدوا أن الجاني يتحين الفرصة من أيام كما اكدوا أن المتهم مدمن مخدرات، وتحرر محضر بالواقعة وجاء التقرير الطبي يؤكد الشروع في قتل الضحية منار، نصب رجال المباحث الأكمنة للمتهم وجاري ضبطه وتولت النيابة التحقيق. اقرأ أيضا: الحبس عامين لزوج شرع في قتل زوجته ونجله بالرصاص في القاهرة الجديدة