طوال ما يزيد على العامين، كنا غارقين بكامل انتباهنا واهتمامنا بمتابعة المأساة الجارية على الأراضى الفلسطينية المحتلة، وعمليات القتل والدمار التى تقوم بها العصابة الصهيونية المحتلة فى غزة، فى غمار حرب الإبادة التى تشنها على الشعب الفلسطينى منذ أكتوبر 2023، دون رادع أو مانع ودون حسيب أو رقيب. وعلى مدار تلك الشهور الصعبة والأيام العصيبة، لم نلتفت ولم نتنبه بالقدر الواجب والمُستحق لما يُجرى على الأراضى بالسودان الشقيق، حيث استحوذت المأساة الجارية على الأراضى الفلسطينية المحتلة، على كامل اهتمامنا وحجبت عنا الاهتمام والمتابعة الواجبة بالمأساة التى كانت تُجرى فى السودان. ولذلك فقد صَحَّ القول بأن الحرب والمأساة التى كانت تُجرى ومازالت مشتعلة حتى الآن بالسودان، هى للأسف «الحرب المنسية» منا ومن كل الإخوة العرب، ليس لأنها غير مهمة بالنسبة لنا وأيضًا بالنسبة للإخوة والأشقاء العرب، بل لأن مأساة غزة استحوذت على معظم الاهتمام،..، ولا أحد يتابع المأساة الأخرى المُشتعلة بالسودان الشقيق، رغم خطورتها وقسوتها وآثارها المُدمرة والسلبية على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على السودان،..، بل والأشد خطرًا على الإطلاق فى آثارها الإنسانية بالغة السوء والتردى. وفى ظل غيبة الاهتمام والمتابعة الواجبة عربيًا وإقليميًا ودوليًا بما يُجرى فى السودان، ظلت الأحوال تسوء والأخطار تتصاعد، نتيجة قلة إن لم يكن غيبة الجهود الساعية لوضع حد للحرب الأهلية الجارية هناك، والتى وصلت بالسودان إلى حالة بالغة السوء والتعاسة. ولمَن يريد العلم بالحالة التى وصل إليها السودان الشقيق الآن فى ظل الحرب والاقتتال الدائر هناك بلا توقف منذ ما يقارب الثلاثة أعوام، فعلينا أن نعلم أن عمليات القتل والمذابح الجماعية وجرائم الإبادة التى تُمارسها ميليشيات الدعم السريع فى أقاليم السودان المختلفة خاصة «دارفور»، تتم ليل نهار فى الفاشر وغيرها من المدن بصورة مُروعة وغير إنسانية، بهدف السيطرة المُطلقة وفصل الإقليم عن باقى السودان كخطوة أولى لتقسيم السودان إلى عدة دول، وهو للأسف ما تسعى إليه قوى عديدة إقليميًا ودوليًا.