مازالت كلماته وأفكاره تملأ عقلى وقلبى، فرغم مرور سنوات عديدة جمعتنا معه أنا وصديقى ياسر رزق رحمة الله عليه مع المشير محمد على فهمى «أبو الدفاع الجوى المصرى» والذى كان من ضمن لقاءات مع قادة انتصارات أكتوبر العظام وشرح لنا كيف خططنا ونفذنا وقمنا ببناء حائط الصواريخ ونشرنا كتائب حماية سماء مصر فى إبداع منقطع النظير على الجبهة، أفشلت وقطعت اليد الطولى التى ادعت إسرائيل أنها تملكها! من خزينة ذكريات القائد استدعيت أنا والأخ ياسر من عقل وقلب المشير محمد على فهمى كمًا من الذكريات وسألناه عن أهم الذكريات أثناء الاستنزاف وخلال إعداد قواتنا للحرب، فقال فى السابعة والنصف من صباح أحد أيام عام 1969 دق جرس التليفون فى مركز قيادتى بغرفة العمليات الرئيسية للدفاع الجوى ودار بينى وبين المتصل حديثنا التالى.. وقال بكلمات مقتضبة: صباح الخير مين اللى بيتكلم؟ رددت: صباح النور أنا محمد على فهمى، فلم ينتظر وقال وأنا جمال يا محمد.. وسألته جمال مين؟ فقال جمال عبد الناصر؟ فقلت تؤمر سيادتك.. فقال انتم بتزوروا الطائرات الإسرائيلية «السيد البدوى» فى طنطا، فقلت: ازاى يا فندم؟ فقال أبلغونى الساعة الواحدة والنصف صباحًا أن طائرات معادية اخترقت المجال الجوى حتى طنطا، فلماذا لم يتم الاشتباك معها وتدميرها؟ وسكت المشير فهمى برهة وتذكر قائد الدفاع الجوى على الفور أنه كانت هناك طائرة مجهولة الجنسية دخلت مجالنا الجوى من بلطيم فى اتجاه القاهرة ولم يكن عليها أى بلاغات ضمن تحركات الطائرات المتحابة «الصديقة» أو المدنية فتمت معاملتها على أنها طائرة معادية إلى أن تم تميزها فوق طنطا وعرفنا أنها طائرة ركاب مدنية جاءت فى غير موعدها وتم إنزالها وقائدها بمطار القاهرة وتوقيع غرامة على الشركة التى تملكها وتم إخطار وزير الحربية بما حدث فى تمام الرابعة صباحًا وأنا متأكد من ورود بلاغ بذلك للرئيس عبد الناصر من الوزير واستنتج أن مدير مكتب الرئيس للمعلومات رأى أن إزعاجه فى ذلك الوقت وإبلاغه بالواقعة غير مناسب.. وأوضحت للرئيس جمال عبد الناصر كل ما حدث. وقبل أن ينتهى السيل الجارف من ذكريات المشير فهمى قال: نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية خبرًا بأنه بعشرة قروش يمكن لسائح أجنبى مشاهدة مواقع صواريخ الدفاع الجوى حول القاهرة وطلبت من وزير الحربية منع ذلك ووضع برج القاهرة من المناطق المحظورة حتى انتهاء الحرب.. فشكرًا لمجلة النيوزويك.. وللحديث بقية .