في ليلة استثنائية ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ، شهدت مصر حدثاً مهيباً جمع عبق الماضي بروعة الحاضر، حين وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي الحجر الأخير في المتحف المصري الكبير، إيذاناً بافتتاح أكبر صرح أثري وثقافي في العالم. وبين أضواء الألعاب النارية التي زينت سماء الجيزة وصدى الزغاريد التي دوّت في أرجاء القاهرة، احتفلت مصر ومعها العالم بميلاد المتحف الذي يعيد إحياء حضارة عمرها سبعة آلاف عام، لتُعلن مصر مجددًا أنها مهد التاريخ وقلب الإنسانية النابض. لحظات الوصول وبداية الاحتفال بدأت الوفود الرسمية في التوافد إلى المتحف المصري الكبير منذ الصباح الباكر، في أجواء احتفالية مهيبة، تقدمت الوفود 79 بعثة دولية، من بينها 39 وفداً يرأسها ملوك ورؤساء دول وحكومات، جاؤوا ليشهدوا لحظة طال انتظارها. وعند حلول المساء، وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي وعقيلته السيدة انتصار السيسي إلى موقع الاحتفال، حيث استُقبلا بعزف السلام الوطني وسط ترحيب رسمي كبير من كبار رجال الدولة والضيوف الدوليين. وضع الحجر الأخير وبداية الاحتفال الأسطوري في مشهد مؤثر جمع بين التاريخ والعظمة، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضع الحجر الأخير في جدار المتحف المصري الكبير، معلنًا للعالم اكتمال الصرح الثقافي الأعظم في العصر الحديث. وما إن لامس الحجر مكانه، حتى انطلقت الألعاب النارية الضخمة تضيء سماء الجيزة، في عرض مبهر رُصد مباشرة أمام شاشات العالم. رجّت أصوات الاحتفال أرجاء المتحف والمدينة، وارتفعت الزغاريد من البيوت والميادين احتفاءً بالحدث التاريخي الذي جمع رموز العالم على أرض الحضارة المصرية. انطلاق عروض الافتتاح الكبرى بدأت العروض الاحتفالية بعرض فني ضوئي مذهل على واجهة المسلة المعلقة، التي بدت وكأنها تحكي قصة الزمن من فجر التاريخ حتى اليوم، تلاها عرض مهيب لتمثال رمسيس الثاني في مدخل المتحف، حيث أُضيء التمثال بتقنيات ثلاثية الأبعاد تُظهر تفاصيله الملكية الدقيقة. ثم بدأت جولة مرئية بين تماثيل الملوك البطالمة والملكات المصريات، في لوحة فنية تجسد الأجيال المتعاقبة من العظمة المصرية. بعدها، انتقل العرض إلى الدرج العظيم، حيث تتابعت الإضاءات على تماثيل الملوك والأباطرة عبر الأربع عصور التاريخية: الفرعونية، البطلمية، القبطية، والإسلامية، في مشهد يوحد ماضي مصر بحاضرها. جولة الرئيس داخل القاعات تقدّم الرئيس السيسي وضيوف مصر في جولة رسمية داخل أروقة المتحف، بدءًا من الاثنتي عشرة قاعة الرئيسية التي تضم نماذج مدهشة من كنوز الحضارة المصرية. ثم توجه الرئيس إلى قاعات توت عنخ آمون، ليفتتح رسميًا عرض مقتنيات الملك الذهبي، والتي بلغت 5,398 قطعة أثرية تُعرض للمرة الأولى مكتملة منذ اكتشاف المقبرة قبل قرن من الزمان. وخلال اللحظة الرمزية لافتتاح قاعات توت، انطلقت عروض ضوئية مذهلة في السماء، حيث ظهرت مقتنيات الملك الشاب على شاشات هولوغرافية ضخمة تُزين السماء فوق المتحف، بينما أضاءت القاهرة كلها في تناغم مع العرض تحت شعار: «مصر تضيء التاريخ من جديد». أجواء الفرح في مصر والعالم تفاعلت شوارع مصر مع الحدث في مشهد وطني نادر، إذ علت الهتافات والزغاريد في البيوت، وامتلأت الميادين بالمواطنين الذين تابعوا البث المباشر على الشاشات العملاقة. تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن الحدث بوصفه "معجزة معمارية وثقافية"، ووصفت الصحف الأجنبية المتحف بأنه "هدية مصر إلى الإنسانية في القرن الحادي والعشرين". كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي قال الرئيس في كلمته الافتتاحية: "من هنا، من أرض مصر الخالدة، حيث كُتبت أولى صفحات التاريخ، نُهدي العالم صرحًا يُجسد روح حضارتنا العريقة، ويؤكد أن مصر ستظل منارةً للسلام والثقافة والإنسانية." وأكد أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مكان لحفظ الآثار، بل رسالة حضارية خالدة تروي قصة الإنسان المصري منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، مضيفًا أن هذا الإنجاز ثمرة تعاون دولي كبير مع اليابان وشركاء العالم. الختام والرسالة للعالم اختُتم الحفل بعرض فني ضوئي موسيقي جمع بين أصوات الحضارة المصرية القديمة وإيقاعات المستقبل، تزامن مع عرض جوي بالأضواء شكل كلمة: «Egypt Shines» فوق أهرامات الجيزة. وبين تصفيق الحضور ووميض الأضواء، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، لتبدأ مصر فصلاً جديداً من تاريخها الممتد، وتؤكد أن الحضارة لا تموت، بل تتجدد بأيدي أبنائها. هكذا، لم يكن افتتاح المتحف المصري الكبير مجرد احتفال أثري، بل كان ولادة جديدة لمجد مصر الأبدي. ليلة أضاءت فيها القاهرة سماء العالم، واهتزت لها القلوب فخرًا وسعادة، فيما دوّى صوت التاريخ من جديد قائلاً: "هنا مصر... وهنا تبدأ الحكاية."