تتوجه أنظار العالم إلى مصر خلال الساعات القليلة القادمة، حيث تحتفل مصر بواحد من أهم وأعظم مشروعاتها، وهو افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث من المقرر أن يكون افتتاح المتحف المصري الكبير اليوم السبت 1 نوفمبر 2025، في احتفالية كبرى تمتد على مدار ثلاثة أيام متتالية، بحضور عدد من رؤساء الدول والوفود الدولية البارزة، على أن يتم فتح أبواب المتحف للجمهور رسميا اعتبارا من الثلاثاء 4 نوفمبر 2025. المتحف المصري الكبير يعد أكبر مشروع متحفي أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة. يُقام على مساحة تبلغ نحو 500 ألف متر مربع، ويحتوي على أكثر من مائة ألف قطعة أثرية، أبرزها المجموعة الكاملة للملك الذهبي توت عنخ آمون، التي ستعرض لأول مرة مجتمعة منذ اكتشافها في عام 1922. ويتميز المتحف باستخدام أحدث تقنيات العرض، بما في ذلك شاشات العرض ثلاثية الأبعاد والتجارب التفاعلية. من المتوقع، وفق تقديرات وزارة السياحة والآثار، أن يجذب المتحف أكثر من 5 ملايين زائر سنوياً، وهو رقم يمكن ترجمته إلى دخل بمليارات الدولارات، إضافة إلى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مجالات السياحة والخدمات المرتبطة بها. المتحف الكبير تبلغ مساحته 117 فدانا، يحتوى على عدد من القاعات التى ستضم القطع الأثرية، فتصل إلى 3 قاعات رئيسية وتلك القاعات تضم 12 قاعة داخلية، إلى جانب قاعة الدرج العظيم، وقاعتين للملك توت عنخ آمون حيث تعرض مقتنيات الملك الذهبى بالكامل والتي تبلغ عددها 5398 قطعة، على مساحة 7000 متر مربع. وقد صرح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أنه ستكون هناك استعدادات أمنية ولوجستية على أعلى مستوى، بخلاف الاستعدادات الفنية الخاصة بالاحتفاليات. ووجه رئيس الوزراء، برفع مستوي الجاهزية والاستعداد لأعلى مستوى في المطارات التي ستستقبل الحضور من ضيوف مصر. ولفت رئيس الوزراء إلى أن الاحتفاليات لن تقتصر على محافظتي القاهرةوالجيزة فقط، ولكن ستكون هناك فعاليات في عدد من محافظات الجمهورية، وبالتالي يجب أن تكون هذه المواقع على أعلى مستوى من التأمين والجاهزية. تجربة أمنية فريدة وكعادتها تشارك وزارة الداخلية المصريين في كل الاحتفالات، والاحتفال هذه المرة ليس احتفال المصريين فحسب، بل هو احتفال العالم أجمع بصرح فريد من نوعه، خلف هذا الصرح المعماري المهيب، تقف منظومة أمنية شاملة تم إعدادها بعناية فائقة، تواكب التطور التكنولوجي وتستجيب للدروس المستفادة من تجارب سابقة في حماية الآثار المصرية. تم وضع خطة أمنية متكاملة تشمل تأمين المنطقة المحيطة بالمتحف وطرق الوصول إليه، وتخصيص قوات انتشار سريع، إضافة إلى تعزيز الوجود الشرطي في محيط أهرامات الجيزة ومطار سفنكس الدولي. وفي إطار الاستعدادات المكثفة للحدث، تم إنشاء منطقة أمنية عازلة تحيط بالمتحف من جميع الاتجاهات، تُراقب عبر شبكة كاميرات متطورة متصلة بغرف عمليات مركزية. تعمل هذه الغرف على مدار الساعة، وتدار بأنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على رصد التحركات غير المألوفة وتحليل أنماط السلوك داخل محيط المتحف وخارجه. وقد تم تقسيم محيط المتحف إلى قطاعات أمنية، بحيث يتولى كل قطاع فريق من قوات الشرطة مدعوم بوحدات تأمين إلكترونية ومركبات مراقبة حديثة. وقد كشفت شركات الأنظمة الأمنية المنفذة للمشروع عن تركيب أكثر من 200 كاميرا مراقبة عالية الدقة من طرازات عالمية حديثة منها كاميرات SCATI EYE))، موزعة على مداخل ومخارج المتحف وقاعاته الداخلية وممراته الخلفية وغرف الترميم. هذه الكاميرات قادرة على التصوير الليلي بدقة عالية، وتعمل بنظام تحليل الفيديو الذكي (Video Analytics) لرصد أي حركة مشبوهة أو جسم غريب. ويتم تخزين التسجيلات على خوادم مؤمنة ذات نسخ احتياطي مزدوج داخل المتحف وخارجه، مما يضمن عدم فقدان البيانات في أي ظرف طارئ. تتولى الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار مهمة الإشراف المباشر على التأمين الداخلي للمتحف، بداية من نقل القطع الأثرية وحتى عرضها داخل القاعات. تعمل هذه الإدارة بالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار وقطاع الأمن الوطني، مع تدريب عناصرها على أحدث تقنيات الكشف والفحص. وقد تم تخصيص وحدة شرطية ثابتة داخل المتحف تضم عناصر مدربة على التعامل مع الطوارئ، وإطفاء الحرائق، والإسعافات الأولية، وتأمين الزوار في حال حدوث أي خلل طارئ. في إطار الخطة الشاملة، تم التنسيق بين وزارة الداخلية ووزارة الطيران المدني لتأمين مطار سفنكس الدولي الذي سيستقبل الوفود الرسمية والسياحية لحضور الافتتاح. كما جرى تطوير الطرق المؤدية من مطار القاهرةوالجيزة إلى المتحف، مع تأمين كامل لمسار السيارات والحافلات السياحية عبر نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة. يستند تأمين المتحف أيضا إلى قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، الذي ينص على معاقبة كل من يتسبب في إتلاف أو سرقة أو محاولة تهريب أثر بالسجن المشدد والغرامة. القانون يعطي الحق لشرطة الآثار في ضبط أي مخالف داخل أو حول المتحف، ويضع إطارا صارما للمسؤولية القانونية للعاملين والمتعاقدين في مجال الآثار. حراس التاريخ إن قطاع شرطة السياحة والآثار بوزارة الداخلية هو الحارس الأمين على تاريخ مصر، وهذا القطاع له أهمية خاصة جدا في مصر، هذا البلد الآمن صاحب الحضارة والتاريخ العريق، إن قطاع شرطة السياحة والآثار بوزارة الداخلية يهدف إلى الاهتمام و حماية المنشات السياحية والأثرية حيث أولت وزارة الداخلية الأمن السياحي اهتماما خاصا، لما يمثله قطاع السياحة من أهمية خاصة للدولة حيث تُعد أحد الصناعات الأساسية في العصر الحديث وتمثل الركيزة الأساسية للدخل القومي للبلاد. تعتبر الآثار والمتاحف قيمة تعزز من اقتصاد الدول وهي تعتبر جزءاً من التراث الإنساني التي تشمل كل ما تركه الإنسان من مباني وأدوات وفنون مختلفة. وإن الاهتمام بالمخلفات الأثرية وحفظها يزداد أهمية كل يوم علي نطاق واسع محليا وعالميا ويحتل اليوم مركز الاهتمام الرئيسي لنشاطات المتاحف، وذلك نتيجة مباشرة لتطور أعمال التنقيب وتوسيعها وإنشاء متاحف جديدة ومتنوعة، وفي الوقت نفسه توسيع المتاحف الموجودة سابقاً وتجديدها. هذا التطورالذي يمكن وصفه بالثورة المتحفية الحديثة سمحت بإدخال التكنولوجيا إلي المتاحف لتطوير طرائق العرض وحفظ البقايا الأثرية ولإرضاء متطلبات الجمهور والمجتمع المعاصر. ويعد الأمن السياحي هو الانطلاقة الأولى في الترويج والتسويق للحركة السياحية، فبقدر ما تتمتع به أي دولة من استقرار ومناخ أمني يتحدد نصيبها من معدلات الحركة والتدفق السياحي، حيث أن السائح بطبيعته يفضل الأماكن الآمنة، فبدون مناخ أمني شامل ينعدم وجود هذه الصناعة، وتنهض بمهام الأمن السياحي الإدارة العامة لشرطة السياحة بالتنسيق مع كافة الأجهزة الأمنية والجهات المدنية المعنية بالنشاط السياحي. والإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار وفقا لقرار إنشائها وما ورد عليه من تعديلات تختص بوضع خطط تأمين السائحين القادمين للبلاد وحماية الآثار والمتاحف والمنشآت الثقافية الهامة في إطار الخطة العامة لوزارة الداخلية وتنفيذها بالتنسيق مع الأجهزة المعنية سواء بالوزارة أو خارجها. بدأ اهتمام مصر بحماية آثارها في القرن الثامن عشر عندما زادت عملية سرقه الأثار المصرية فأنشئت الحكومة مصلحة الآثار، وفي عام 1961م رأت مصلحة الآثار أن تعرض على وزارة الداخلية تولى مسئولية تأمين المناطق الاثرية والمتاحف ووافقت وزارة الداخلية على تعيين عدد لمتابعة الأمن والحراسة للأماكن التابعة لمصلحة الآثار. لكن المتتبع لتاريخ شرطة السياحة والآثار سيجد أن اهتمام وزارة الداخلية بالأمن السياحي بدأ اعتبارا من عام 1949م عندما أنشأت حكمدارية البوليس السياحي لخدمة أغراض وزارة السياحة وأضافت إلى الحكمدارية عام 1956م مهمة تأمين وحراسة المتاحف والقصور القديمة والمتحف المصري ، ثم تحول مسمى الحكمدارية بعد ذلك إلى مسمى إدارة السياحة و حرس المتاحف و الآثار وكانت تتبع مصلحة الأمن العام سنة 1963. و في عام 1976م أنشأت الوزارة إدارة مستقلة للاضطلاع بمهام الأمن السياحي بمسمى الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار بموجب القرار الجمهوري رقم 39 لسنة 1976، وأصبحت الجهة المسئولة عن تأمين المنشآت والمزارات والمواقع الأثرية والسياحية فضلاً عن تأمين السائح منذ لحظة وصوله ولحين مغادرته للبلاد (مقار الإقامة، أماكن الزيارة، كافة التحركات داخل وخارج المدن) في إطار منظومة أمنية متكاملة تنسيقاً مع الجهات الأمنية المعنية بوزارة الداخلية . اقرأ أيضا: تفاصيل استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير وقد اختصت الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار في مجال تأمين السياحة والآثار :- حراسة الآثار والمتاحف. الإشراف على الغفراء النظاميين لتلك المتاحف. تأمين السائحين ومساندتهم. تلقى الشكاوى والبلاغات من السائحين. مكافحة النشاط الإجرامي في أماكن السياحة والآثار والمتاحف ومنع وضبط الجرائم. اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على مكانة الدولة وشهرتها في المجال السياحي والسيطرة على محاولة النيل منها. القيام بالإجراءات اللازمة لتأمين وصول السائحين للبلاد وكذا تنقلاتهم ومغادرتهم لها وتقديم المساعدة والإرشاد لهم وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية وفقاً للتعليمات الصادرة في هذا الشأن. القيام بالإجراءات الامنية اللازمة لتأمين وحراسة الآثار والمتاحف بالتعاون مع الأجهزة المعنية وفقاً للتعليمات التي تصدر في هذا الشأن. مكافحة النشاط الإجرامي في مجال السياحة والمنشآت السياحية والآثار والمتاحف على اختلاف انواعها بالتعاون مع الأجهزة المعنية. ولا شك أن توافر عنصر الأمن في دولة ما يؤدى إلى زيادة الجذب السياحي إلى هذه الدولة والذي ينعكس أثره على الدخل القومي بها مما يؤثر بالإيجاب على ميزان المدفوعات ومستوى معيشة المواطن. وهنا نؤكد أن قطاع شرطة السياحة والآثار يقوم بعمله في جميع ربوع الجمهورية، فجميع المناطق السياحية من أسوان حتى القاهرةوالجيزة مرورا بشرم الشيخ والغردقة وباقى المحافظات يتم تأمينها من خلال ضباط وقوات على أعلى مستوى من التدريب والتأمين مزودين بأحدث الأسلحة وسيارات الدفع الرباعي ومجموعات قتالية بالإضافة إلى تمركزات أمنية بالمناطق الأثرية وبوابات للتفيش من رجال العمليات الخاصة وفرق لكشف عن المفرقعات من ضباط الحماية المدنية بجميع الموقع الأثرية وذلك للسيطرة والتأمين على مدار ال 24 ساعة بجميع المناطق. .. وأخيرا مصر اليوم في عيد، نعم هو عيد لكل المصريين حق لهم أن يفخروا به، فافتتاح المتحف المصري الكبير يعد حدثا تاريخيا عالميا يضع الدولة المصرية في صدارة المقاصد السياحية الدولية، بين جدران المتحف المصري الكبير لا تُعرض التماثيل فقط، بل تُروى قصة مصر منذ فجر التاريخ وحتى اليوم. ولأول مرة، يُترجم هذا الشرف الحضاري إلى منظومة أمان تليق بعظمة الحضارة المصرية. فالمتحف ليس مجرد مبنى من الحجر والزجاج، بل رمز لإصرار المصريين على أن يبقى تراثهم محميا، وأن تبقى مصر أم الدنيا... آمنة، شامخة، خالدة.