لم تكن «روز اليوسف» امرأة عادية؛ بل كانت امرأة استثنائية آمنت بقدرة الكلمة والصحافة على إحداث التغيير. القمة المصرية الأوروبية التى انعقدت فى المفوضية الأوروبية ببروكسل يوم الأربعاء الماضى كانت بحق قمة تاريخية دخلت بها العلاقات المصرية الأوروبية مرحلة جديدة من التعاون لتتويج مسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التى انطلقت فى القاهرة فى مارس 2024.. الاتحاد الأوروبى بهذه الخطوة تجاه مصر وضعها فى موقع متميز جدا ومتفرد يعبر عن تقدير خاص لمكانة مصر ودورها فى المنطقة وعلى الصعيدين الإقليمى والدولي. فالاتحاد الأوروبى لم يبادر بإطلاق شراكة استراتيجية شاملة من قبل إلا مع ثلاث دول فقط هى الولاياتالمتحدة والصين واليابان.. ومصر هى الدولة الرابعة التى يخطو نحوها هذه الخطوة.. هى أول دولة فى حوض البحر المتوسط أو فى الشرق الأوسط يبادر الاتحاد الأوروبى بإطلاق شراكة استراتيجية شاملة معها ستعود بالنفع قطعا على الجانبين. وهذا لم ينطلق من فراغ.. فكما أكد المسئولون فى المفوضية الأوروبية فى معرض الإشادة بدور مصر وجهودها فى التعاون مع الاتحاد الأوروبى فإن ما تقدمه مصر من دعم صادق وتعاون بناء مع دول الاتحاد الأوروبى لم تقدمه أى دولة أخرى لهذا استحقت التميز بإعلان إطلاق الاتحاد الأوروبى هذه الشراكة الاستراتيجية الشاملة معها. وكيف لا؟ وقد أصبح الاتحاد الأوروبى الشريك التجارى الأول لمصر والداعم بمعنى الكلمة لها بعدما ارتفع حجم التبادل التجارى بين الجانبين إلى 32 مليار يورو مقارنة ب25 ملياريورو عام 2015.. وشهدت الصادرات المصرية إلى أوروبا قفزة كبيرة حيث زادت قيمتها من 6 مليارات يورو عام 2015 إلى 13 مليار يورو عام 2024 وأصبحت تمثل أكثر من 27٪ من حجم تجارتنا الخارجية. وقد بلغت الاستثمارات الأوروبية فى مصر 41 مليار يورو عام 2023 وتعزز التعاون بين الجانبين بشكل كبير بعد انعقاد مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى الأول فى يونيو 2024 الذى حقق عقب انعقاده 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية 49 مليار يورو تمثل صفقات استثمارية.. الحوارات والنقاشات التى أدارها الرئيس السيسى مع قادة وزعماء 21 دولة أوروبية كانت ثرية جدا وتعبر عن تقدير كبير لمصر وهو ما أشاد به الإعلام العالمى من خلال 183 مقالا وتقريرا أشادت بنجاح القمة. تضمنت القمة أيضا توقيع اتفاق المرحلة الثانية لآلية مساندة الاقتصاد الكلى ودعم الموازنة بقيمة 4 مليارات يورو. مئوية روز اليوسف اليوم 26 أكتوبر 2025.. فى مثل هذا اليوم منذ مائة عام الاثنين 26 أكتوبر 1925 صدر العدد الأول من مجلة «روزاليوسف» التى أصدرتها السيدة فاطمة اليوسف الشهيرة بروز اليوسف لتصبح أول سيدة تؤسس دار نشر وصحيفة فى الوطن العربي. ومن حسن الطالع أن تحتفل «روزاليوسف» ، بمئويتها اليوم بينما تترأس مجلس إدارتها سيدة أيضا هى الزميلة هبة الله صادق فى مشهد بليغ يدل على امتداد إرث «روزاليوسف» وتمكينها للمرأة. منذ أيام أقامت المؤسسة احتفالا بهذه المناسبة حضره المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة والرئيس السابق أيضا لمجلس إدارة «روزاليوسف» فى فترة حقق فيها نجاحات وإنجازات ملموسة أهلته لتولى منصبه الحالي.. شهد الاحتفال أيضا الزميل أحمد إمبابى رئيس التحرير وكبار الكتاب بالمؤسسة وكانت ضيفة الاحتفالية د. مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى التى عبرت عن سعادتها وتشرفها بالحضور فى هذه المناسبة التاريخية العظيمة للاحتفال بمئوية صرح صحفى وفكرى شكل جزءا من ذاكرة الوطن ووجدانه عبر قرن كامل. لم تكن «روزاليوسف» امرأة عادية بل كانت امرأة استثنائية آمنت بقدرة الكلمة والصحافة على إحداث التغيير.. كانت أيضا فنانة مسرحية لامعة تركت بصمتها على خشبة المسرح قبل أن تقرر اعتزال الفن والتوجه إلى الصحافة.. تجلت الروح الوطنية المتأصلة فى فاطمة اليوسف منذ قادت بنفسها مظاهرة نسائية حاشدة من فنانات المسرح فى ثورة 19 تأييدا لسعد زغلول ثم التقت بعدد من أصدقائها المقربين وأطلقت مشروع إصدار مجلة جديدة تحمل رؤيتها وطموحها أسمتها «روزاليوسف» وواجهت فى البداية تحديا لكون المجلة تحمل اسم امرأة لكنها نجحت فى أن تحول هذا التحدى إلى مصدر قوة فأصبحت «روزاليوسف» علامة فارقة فى تاريخ كل من عمل بها وبات من أهم ثوابت المؤسسة الدفاع عن المرأة فى كافة المجالات. دافعت المجلة أيضا عن حقوق العمال ووقفت ضد الاحتلال حتى أصبحت فاطمة اليوسف أول امرأة شرقية تسجن لأسباب سياسية.