مهمة هذا المؤتمر لن تقتصر فقط على جمع التبرعات لتمويل عملية إعادة اعمار غزة ، وانما اعتماد خطة هذه العملية وبرامجها الزمنية ايضا لم افهم ما قاله كوشنر خلال زيارته. الأخيرة بصحبة ويتكوف حول إعمار غزة، أو تحديدا حول قصر إعادة الإعمار على المناطق التى تسيطر عليها قوات الاحتلال فى القطاع والتى تتجاوز نصف أراضيه، وعدم تخصيص أموال لإعادة الإعمار فى المناطق التى تسيطر عليها حماس! .. فإن المعنى المباشر لذلك القول خطير من كل الجوانب فمن جانب يعنى هذا الكلام ان انسحاب قوات الاحتلال من باقى أراضى القطاع مؤجل أو سوف يتأخر عن بدء الإعمار، ويخشى ألا يحدث فى المدى المنظور، أو على الأقل قبل بدء أعمال إعادة الإعمار. ومن جانب آخر يعنى كلام كوشنر هذا استمرار معاناة أهل غزة لأجل غير مسمى لأنهم كلهم يتكدسون الآن فى نصف أراضى القطاع ولا يجد الأغلب الأاعم منهم منازل أو حتى خياما تأويهم ، ناهيك عن احتياجاتهم الأساسية من ماء وغذاء ودواء! .. أى انهم الأشد احتياجا لإعادة الإعمار وتوفير مقومات الحياة الأساسية لهم. من جانب ثالث فإن قول كوشنر هذا يعيد احياء مشروع ترامب السابق لإعادة اعمار غزة بعد طرد أهلها والتخلص منهم بالتهجير القسرى الخشن أو التهجير القسرى الناعم الذى يسميه الإسرائيليون تهجيرا. طوعيا ، مع تعديل فى هذا المشروع وهو اقامة ريفيرا الشرق على نصف أراضى القطاع فقط وليس كل أراضيه .. وهنا بات الأمر يقتضى يقظة مع الأمريكان. حتى لا يقوموا باحياء مشروعهم المعمارى الكبير فى قطاع غزة. مجددا ، بينما. نحن نتصور انهم تراجعوا تماما عنه! أما أخطر المعانى المباشرة لما قالت كوشنر للإسرائيليين عن إعادة إعمار غزة فهو أن واشنطن تخطط للسيطرة على عملية إعادة اعمار غزة لأنها تنظر إليها باعتبارها عملية مربحة يمكن ان تكسب منها الكثير من الأرباح .. فإن أمريكا لن تساهم فى تمويل إعادة اعمار القطاع وهى. طبقا لخطة ترامب سوف توفر التمويل لإعادة الاعمار من خزائن دول الخليج أساسا، وبالتالى لن تتحمل شيئا، ولكن يبدو انها لا تكتفى بذلك فقط وانما تريد السيطرة على عملية إعادة الإعمار للقطاع لتسيطر على الأموال التى سيتم جمعها لتمويل تلك العملية.. أى انها لن تنتظر لتحصد أرباح اعادة الإعمار التى ستساهم فيه شركاتها وانما ستتحكم ايضا فى الأموال التى سيتم جمعها للانفاق على عملية إعادة الإعمار!. لذلك تكتسب أهمية خاصة دعوة القاهرة لعقد مؤتمر لإعادة الإعمار القطاع الشهر القادم.. فهذا المؤتمر لا يقتصر دوره فقط على جمع التبرعات لتمويل إعادة اعمار القطاع، وانما يتسع دوره أولا لتحديد خطة إعادة الإعمار، وتحديد اولوياتها، ومتى وأين تبدأ ،لانه سيناقش خطة التعافى المبكر التى وضعتها مصر من قبل ولاقت قبولا عربيا وإسلاميا وأوروبيا ولم تعترض عليها أمريكا! أى ان مهمة هذا المؤتمر لن تقتصر فقط على جمع التبرعات لتمويل عملية إعادة اعمار غزة ، وانما اعتماد خطة هذه العملية وبرامجها الزمنية ايضا، ولذلك يمكن أن تمضى عملية إعادة اعمار غزة لصالح أهلها وليس لصالح دولة عظمى أو بعض رجال الأعمال فيها يرون ان الفرصة متاحة لمراكمة أموال غزيرة وتحقيق أرباح كبيرة نعم لقد قبل الفلسطينيون والعرب خطة ترامب لوقف الحرب ، ولكن هذا ليس معناه سيطرة أمريكا وحدها على عملية إعادة الإعمار للقطاع والتعامل معها كفرصة لحصد الأرباح الغزيرةً .. والأخطر التعامل معها كفرصة لدعم خطط قوات الاحتلال فى السيطرةَ على نصف أراضى القطاع كما هو الحال الآن إن انسحاب قوات الاحتلال من باقى اراضى قطاع غزة أحد بنود خطة ترامب ويتعين التأكيد على اتمامه فى المرحلة الثانية للخطة أما إعادة اعمار غزة فإن هدفه الأساسى هو انقاذ أهلها بتوفير مقومات الحياة الأساسية لهم ، ولذلك يتعين عدم تجاهل ذلك والبدء بإعادة اعمار المناطق التى تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلى. وبالتالى يجب على العرب التمسك بخطة التعافى المبكر التى وضعتها مصر لتستهل بها خطة إعادة اعمار القطاع، أما خطة إعادة الإعمار الأمريكانى التى تحدث عنها كوشنر فلا تنقذ أهل غزة من معاناتهم.