سارعت إسرائيل پرفض الخطة المصرية لتعميرغزة التى أصبحت باعتماد القمة العربية لها خطة عربية .. وهذا أمر كان متوقعا مسبقا لان حكومة نتانياهو رحبت بمشروع ترامب الذى يقضى بتهجير أهل غزة الى كل من مصر والأردن وربما دول أخرى بالمنطقة ، ولذلك كان متوقعا رفض اسرائيل أى خطة أخرى ، خاصة اذا كانت هذه الخطة لا تقتصر فقط على إعادة إعمار ما دمرته قوات الاحتلال بوحشية بالغة فى قطاع غزة، وإنما تمكن السلطة الفلسطينية من إدارة القطاع والسيطرة عليه بعد جلاء قوات الاحتلال عن أراضيه. والأهم تفضى فى نهاية المطاف إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضى الضفة وغزة وعاصمتها القدسالشرقية، وهو ما ترفضه اسرائيل الآن ، بل ترى أن الفرصة باتت سانحة الآن لإجهاض إقامة هذه الدولة الفلسطينية، والاستيلاء على الأراضى المفترض أن تقوم عليها بعد طرد الفلسطنيين خارجها ! ومع ذلك فان القادة العرب اتفقوا فى قمتهم الطارئة التى استضافتها مصر على الترويج عالميا للخطة العربية لتعمير غزة من خلال إجراء اتصالات مع الأوربيين واليابانيين والأمريكيين وكل القوى العالمية المؤثرة مثل الصين وروسيا .. كما قرروا السعى لجمع التمويل اللازم لتنفيذ تلك الخطة ، البالغ نحو 53 مليار دولا منها ثلاثة مليارات دولار لتمويل المرحلة الأولى التى تستغرق ستة أشهر وتسمى خطة التعافى المبكر، ثم عشرين مليار دولار لتمويل المرحلة الثانية للخطة والتى تستغرق عامين ، و30 مليار دولار لتمويل المرحلة الثالثة والتى تستغرق عامين ونصف ، وسوف تستضيف القاهرة مؤتمرا. لجمع هذا التمويل الشهر القادم . ولكن بعد مسارعة اسرائيل برفض الخطة يطرح سؤالا عن الموقف الذى سوف تتخذه واشنطن تجاه هذه الخطة التى أعددتها مصر بديلا لمشروع ترامب الذى يقضى بتهجير أهل غزة لكى يتسنى تعميرها . وطبقا لنظرية الاحتمالات ثمة ثلاثة احتمالات بخصوص موقف امريكا تجاه خطة تعمير غزة .. الاحتمال الأول هو قبولها سواء فورا أو بعد إجراء مشاورات عربية مع إدارتها، وربما لذلك القمة رفضت مشروع التهجير لكنها لم ترفض صاحب المشروع وهو ترامب ، بل انها دعته للعمل معه لتحقيق السلام فى المنطقة ، وعول بعض المتحدثين امام القمة على دوره فى هذا الصدد .. والاحتمال الثانى هو أن تطلب واشنطن اجراء بعض التعديلات عليها ، خاصة ما يتعلق بمن بدير قطاع غزة خلال فترة الإعمار التى حددتها الخطة بخمس سنوات فى ظل رفض اسراءيل ان تتولى السلطة الفلسطينية ادارة القطاع ، فضلا عن ان ادارة ترامب لا تقبل بحل الدولتين بل هى راغبة فى زيادة مساحة اسراءيل بالتهام مزيد من الاراضى المفروض ان تقوم عليها الدولة الفلسطينية .. اما الاحتمال الثالث فهو رفض واشنطن هذه الخطة العربية لتعمير غزة ردا على رفض العرب لخطة ترامب وهو الأمر الذى أبدى اندهاشه منه واضطر إلى أن يقول أن مشروعه مجرد اقتراح لن يفرضه علينا ! وهكذا يتعين أن نكون مستعدين بما سيتعين علينا أن نفعله ازاء كل احتمال من هذه الاحتمالات الثلاثة .. وبالطبع أسهل الاحتمالات هو الاحتمال الاول ، اى قبول واشنطن بالخطة العربية ولو بعد حين .. فلن يكون مطلوبا منا شىء سوى اليقظة لما ستقوم به حكومة نتانياهو لتغيير موقف واشنطن ، فهاهى بعد ان وقعت اتفاق غزة بمراحله الثلاثة بعد تدخل ترامب تحاول التنصل من تنفيذ بقية مراحله بعد إنجاز المرحلة الاولى حتى تتهرب من الانسحاب من القطاع وتنفيذ وقفا داءما لاطلاق النار .. أما اذا طالبت واشنطن اخضاع الخطة للتفاوض حولها وتعديل بعض البنود فيها خاصة المتعلقة باليوم التالى فى غزة فيتعين علينا أن نكون جاهزين بالرد علئها وحشد كل الجهود لإقناعها بضرورة تنفيذ الخطة بكامل بنودها ، والسعى بكل الوسائل لاقناع الإدارة الأمريكية بضرورة الضغط على اسرائيل لتنفيذ هذه الخطة بالكامل ليس فقط لإنجاز إعمار غزة وإنما أيضا للعمل على تنفيذ حل الدولتين . بينما المشكلة الكبيرة التى ستواجهنا تتمثل فى رفض إدارة ترامب الخطة العربية ردا على رفضنا لمشروع ترامب لإعمار غزة بعد تهجير اأهلها .. فان معنى هذا الرفض عمليا هو السماح لاسرائيل باستئناف الحرب مجددا ، بصورة أكثر وحشية ، وبالتالى بدلا من الاهتمام بإعمار غزة يتحول الاهتمام إلى وقف اطلاق النار كما حدث على مدار خمسة عشر شهرا شنت فيها اسرائيل عدوانها البشع على أهل غزة .. ولكن إذا حدث ذلك ورفضت واشنطن الخطة العربية لإعمار غزة لا سبيل أمامنا إلا استثمار كل أوراق القوة والتاثير التى فى حوزتنا لاقناع أمريكا ان لا سلام بالمنطقة ولا حفاظ على المصالح الأمريكية فيها إلا أذا حصل الفلسطنيون على استقلالهم وأقاموا دولتهم .