يبدو أن باريس عاصمة النور والفن استيقظت على مشهد لا يصدق.. متحف اللوفر، أضخم متحف فى العالم، تعرض لسرقة عشر قطع أثرية نادرة فى سبع دقائق فقط، كأن اللصوص كانوا يصورون مشهدا من فيلم جيمس بوند وليس جريمة حقيقية! من قاعة أبوللو إلى قلب باريس، ضاعت المجوهرات وضحكت الأمة! هذه الكنوز التى اختفت ليست مجرد قطع ذهبية، بل تحمل بين طياتها روح فرنسا، ونبض إيطاليا، وأصداء الإمبراطورية الرومانية، وظلال الدوقية الكبرى فى القرن التاسع عشر. إنها خلاصة قرون من الفن والسياسة والغرور الأوروبى الجميل، ذاك الذى يعتقد أن حضارته محصنة ضد السرقة والنسيان.الفرنسيون لم يغضبوا كثيرا، بل فعلوا ما يجيدونه دوما السخرية بخفة دم فنية. فبينما كانت الشرطة تطارد اللصوص فى شوارع باريس، كانت مواقع التواصل تمتلئ بتعليقات لاذعة، لم تكن سرقة عشر قطع أثرية نادرة من متحف اللوفر فى باريس مجرد حادث أمنى عابر، بل زلزال ثقافى هز فرنسا والعالم بأسره. خلال سبع دقائق فقط، تمكنت مجموعة محترفة من اقتحام قاعة «أبوللو» داخل المتحف، مستخدمة شاحنة رفع للوصول إلى منطقة تحت التجديد، ومنها إلى الطابق الأول عبر مصعد شحن، قبل أن تختفى فى شوارع باريس المكتظة بدراجة نارية سريعة، وعلى بعد أمتار من مقر شرطة العاصمة. المثير أن أغلب القطع المسروقة كانت مجوهرات سيادية تخص نابليون بونابرت والعائلة الإمبراطورية الفرنسية، ما منح العملية بعدا رمزيا يتجاوز القيمة المادية إلى المساس بذاكرة الأمة الفرنسية نفسها. فهذه القطع ليست مجرد زينة ملكية، بل شواهد على لحظة تاريخية صاغت وجدان أوروبا الحديثة. لكن اللافت أن وقوع الحادث تجاوز حد الدهشة، ليكشف عن هشاشة الوعى الجمعى بقيمة الأثر، حتى فى بلد يُقدَّم كنموذج عالمى لحماية التراث. وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل أكبر إذا كان اللوفر أكثر المتاحف تحصينا فى العالم يمكن اختراقه، فماذا عن المتاحف التى تئن تحت وطأة الإهمال فى بقية دول العالم؟ الصحف وصفت الحادث بأنه «فضيحة أمنية بطعم الكوميديا السوداء»، خصوصًا أن المتحف يجاور مقر شرطة باريس، ما دفع بعض المعلقين لكتابة تغريدات لاذعة مثل «ربما كان اللصوص في جولة ثقافية برعاية الداخلية!» في النهاية، لا تبدو سرقة اللوفر مجرد خبر فى صفحات الحوادث، بل إنذار ثقافى يذكرنا بأن الأثر ليس ماضيا معروضا، بل ذاكرة حية تحتاج إلى حماية الوعى قبل حماية الزجاج.