مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي 2025 نهاية أكتوبر.. تعرف على الموعد وطريقة ضبط الساعة    الأخضر الأمريكي في البنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 26-10-2025    ترامب يعلن عن توقيع مرتقب لاتفاق السلام بين تايلاند وكمبودي    روبيو: أمريكا لن تتخلى عن دعم تايوان مقابل اتفاق تجاري مع الصين    ميراث الدم يدفع عاملًا لإنهاء حياة سائق بالوراق    رسميًا بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير 2025    محمد سلام يشوق جمهوره لمسلسله الجديد «كارثة طبيعية»    قيادي بحماة الوطن: حديث الرئيس السيسي في احتفالية «وطن السلام» يجسد دور مصر كصوت للعقل والإنسانية في المنطقة    الطريق إلى بروكسل    عاجل - غارة إسرائيلية تستهدف دراجة نارية في بلدة القليلة جنوب لبنان    آخر التحديثات.. أسعار الذهب اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 بالصاغة محليًا وعالميًا    السيطرة على حريق في منزل بمنطقة المنشية بالأقصر دون مصابين    شبورة كثيفة وتحذير مهم ل السائقين.. حالة الطقس اليوم الأحد 26-10-2025 ودرجات الحرارة المتوقعة    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديوهات رقص خادشة للحياء    ب440 قطعة حشيش وبندقية آلية.. سقوط 3 تجار مخدرات في القصاصين    من «كارو» ل«قطار الإسكندرية».. مباحث شبرا الخيمة تعيد «محمد» لأسرته    أسعار الفراخ اليوم الأحد 26-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    ب«اللي شارينا».. الرباعي يتألق في ختام «الموسيقى العربية»    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    موعد بداية امتحانات نصف العام ومدة اختبارات شهر أكتوبر 2025    الهندسة النانوية في البناء.. ثورة خفية تعيد تشكيل مستقبل العمارة    سلوت عن هدف محمد صلاح: لقد كان إنهاء رائعا من مو    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    محافظ الغربية في جولة ليلية مفاجئة بالمحلة الكبرى لمتابعة النظافة ورفع الإشغالات    وسط غزل متبادل، منة شلبي تنشر أول صورة مع زوجها المنتج أحمد الجنايني    بالصور.. حملات مكبرة بحي العجوزة لرفع الإشغالات وتحقيق الانضباط بالشارع العام    لتفادي النوبات القلبية.. علامات الذبحة الصدرية المبكرة    الصحة: مصرع شخصين وإصابة 41 آخرين في حادث مروري على طريق (القاهرة - السويس)    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    وزير الرياضة: سنساعد الزمالك وفقا للوائح والقوانين.. وقد نمنحه قطعة بديلة لأرض أكتوبر    مصرع شاب وإصابة شقيقه فى حادث تصادم سيارة نقل بدارجة نارية بالمنوفية    محمد عبد الجليل: يانيك فيريرا أقل من تدريب الزمالك.. وأنا أفضل من زيزو بمراحل    أشرف صبحي: هدفنا الوصول لنهائي كأس أمم إفريقيا    هيئة سلامة الغذاء تُكرّم 10 مصانع لدخولها القائمة البيضاء لتصدير التمور    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    وزيرة التضامن تتابع إجراءات تسليم الأطفال لأسر بديلة كافلة    استعدادات مكثفة لافتتاح «المتحف المصرى الكبير».. والحكومة: السبت المقبل إجازة رسمية    خليل الحية: سنسلم إدارة غزة بما فيها الأمن.. وتوافقنا مع فتح على قوات أممية لمراقبة الهدنة    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    أكثروا من الألياف.. نصائح فعالة لعلاج شراهة تناول الطعام    السر في فيتامين B12.. أبرز أسباب الإرهاق المستمر والخمول    عضو إدارة بتروجت يكشف كواليس انتقال حامد حمدان للزمالك    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    وزير الرياضة يتحدث عن إنجاز الكرة المغربية ويوجه رسالة لجماهير الزمالك بشأن أرض أكتوبر    عمرو أديب: مُهمة التدخل للبحث عن جثث الرهائن فى غزة تظهر قوة مصر وحكمتها    الطفل آدم وهدان: فخور بوقوفى أمام الرئيس ومحمد سلام شخص متواضع    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    امتحانات أكتوبر.. تعليم القاهرة تشدد على الالتزام بالنماذج الامتحانية المعدة من قِبل الموجهين    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكتوبر الوردي.. شهر التوعية بالمرض الخبيث| محاربات سرطان الثدي.. رموز الصمود
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 21 - 10 - 2025

يكتسى أكتوبر باللون الوردي سنويًا ليعلن شهر التوعية بسرطان الثدي، الذي يعد اختبارًا للقوة والأمل أكثر من كونه أزمة صحية. تسلط «الأخبار» الضوء على قصص محاربات خضن معركة المرض بشجاعة، وعلى دور العلاجات الحديثة والذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر وتشخيص الأورام بدقة، مما يرفع نسب الشفاء ويقلل المعاناة.. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُسجَّل سنويًا أكثر من 130 ألف إصابة جديدة بسرطان الثدي في إقليم شرق المتوسط، و52 ألف حالة وفاة، فيما تسجل مصر معدل 55.4 إصابة لكل 100 ألف امرأة، وهو من الأعلى فى المنطقة.
وتشير التحليلات إلى أن كل دولار يُستثمر في التشخيص المبكر والعلاج يحقق عائدًا اقتصاديًا يتراوح بين 6.4 و7.8 دولار، مما يؤكد أهمية الاستثمار فى الوقاية والدعم النفسى والاجتماعي للمريضات.
◄ نجلاء: حافظت على حلم الأمومة
قبل أسابيع قليلة من زفافها، كانت نجلاء إبراهيم تحلم بفستان أبيض وحياة جديدة، لكن الفحص الروتينى الذي أجرته قلب حياتها رأسًا على عقب، لم يكن مجرد اضطراب صحي عابر، بل صدمة كبرى حين سمعت الطبيب يخبرها بهدوء: «عندك سرطان في الثدي».
في لحظة واحدة، تبدلت أحلام الزفاف إلى مواعيد علاج وتحاليل وجلسات كيماوي، لكن وسط هذا الانهيار، كان هناك بصيص أمل جديد يؤكد لها أن الأمل فى الأمومة لم يُغلق، وأن العلم منح النساء فرصة لتجميد البويضات قبل بدء الكيماوي الذي قد يؤثر على الخصوبة، استمعت نجلاء للنصيحة، وقررت أن تحتفظ بحلم الأمومة حتى فى أحلك لحظات المرض، فأجرت عملية تجميد البويضات، ثم بدأت رحلتها الشاقة مع العلاج.
لكن ما لم تتوقعه أن يتخلى عنها أقرب الناس إليها، فبعد فترة قصيرة من بدء العلاج، جاءها خبر آخر أشد ألمًا من المرض نفسه، حين قرر خطيبها الانفصال عنها، لتصف تلك الفترة قائلة: «كنت حاسة إن الدنيا وقفت، مش بس عشان المرض، لكن عشان اللى كنت فاكراه سندي سابنى وأنا في أضعف حالاتي».
انهارت نفسيًا لأيام طويلة، لكنها سرعان ما قررت أن تنهض من جديد، واستعادت قوتها تدريجيًا بمساندة أسرتها وفريق الدعم النفسي، وبدأت تتعامل مع السرطان كمعركة لا بد أن تربحها، لا لأجل أحد، بل لأجل نفسها. اليوم، بعد مرور أعوام على تلك التجربة، تتحدث نجلاء عن رحلتها بابتسامة هادئة وثقة كبيرة: «المرض خد منى حاجات كتير، بس علمنى أكتر. علمنى أختار مين يستحق أكمل معاه، وعلمني إن القوة مش فى الجسد، القوة فى القلب اللى بيقوم بعد كل وجع».
◄ هالة: الفن أنقذني من الانكسار
أما هالة، صاحبة الأربعين عامًا، فكانت سيدة نشيطة تعمل فى مجال الديكور وتعشق الألوان، حين علمت بإصابتها بسرطان الثدى، خيم الصمت على حياتها، توقفت عن العمل، وانعزلت عن العالم، وظلت شهورًا أسيرة الخوف واليأس.. لكن لحظة تحولها بدأت حين تعلمت فنون الديكوباج والخيامية وإعادة التدوير، ومع كل قطعة فنية كانت تصنعها، كانت تكتشف أن الشفاء ليس فقط دواءً، بل طاقة وإبداع، قائلة : «الفن علمنى أن الحياة لا تتوقف، كل عمل يدوى أنجزه كان يرمم شيئًا داخلى، أصبحت أشارك فى المعارض وأعرض أعمالى، وأشعر أننى أولد من جديد فى كل مرة أرى قطعة من صنع يدى».
◄ اقرأ أيضًا | في أكتوبر الوردي.. أهم أعراض الإصابة بسرطان الثدي
◄ إيمان: 18 عامًا في صراع مع «الوحش»
بدأت إيمان فهيم رحلتها مع المرض في عام 2007، حين اكتشفت بالصدفة وجود ورم فى الثدى الأيسر، وخضعت حينها لعملية استئصال جزئى، وبعد تحليل الورم تبين أنه سرطانى، لتدخل بعدها مباشرة فى عملية استئصال كلى للثدي والغدد الليمفاوية، وتبدأ رحلة طويلة من العلاج الكيماوى والهرمونى.
وتقول إيمان أنه فى ذلك الوقت لم تكن هناك توعية كافية عن طبيعة المرض أو كيفية التعامل مع العلاج، وكان الناس لا يعرفون سوى أنه «المرض الوحش» الذى لا نجاة منه، ولأنها كانت حينها أمًا لأطفال صغار، فكانت الصدمة قاسية، لكنها تماسكت من أجلهم، وقررت أن تحارب لتبقى بجانبهم.
استمرت رحلة علاجها 10 سنوات كاملة، إذ كانت كلما أوقفت العلاج لفترة، تظهر نتائج التحاليل بارتفاع فى نسب الهرمونات، فتعود من جديد إلى مراحل العلاج المرهقة، حتى أخبرها الأطباء أن حالتها مستقرة وأن بإمكانها أن تعيش حياتها بشكل طبيعى، لكن لم تدم الراحة طويلاً، إذ اكتشف الأطباء لاحقًا وجود ارتداد سرطانى فى الرحم، لتخضع لعملية استئصال جديدة وتبدأ فصلًا آخر من المعاناة.
ولم تتوقف معاناتها عند هذا الحد، فبعد سنوات قليلة أصيبت بفيروس كورونا، مما سبب تلفًا جزئيًا فى الرئتين استدعى علاجًا مكثفًا استمر لثلاثة أشهر، وكانت تخضع للأشعة المقطعية كل أسبوعين، ونتيجة للتعرض المتكرر للأشعة، ظهرت بؤر سرطانية جديدة فى الضلوع السابعة والتاسعة، ثم فى الضلع الرابع الذى تضاعف حجمه مؤخرًا.
وتقول إيمان بابتسامة مفعمة بالقوة: «رحلتى مع المرض وصلت إلى 18 عامًا، لكنى لم أستسلم، قررت أن أعيش وأحارب، فالموت ليس بيد المرض، وإنما بيد الله». مشيرة إلى أنها تحصل على العلاج خلال فترة مرضها بالمجان ضمن منظومة التأمين الصحى، إلا أن الحصول عليه لا يخلو من المعاناة، فالحجز للجنة الأورام يتم إلكترونيًا، غير أن الأعداد الكبيرة من المرضى مقارنة بعدد الأطباء تجعل الزحام شديدًا للغاية، ما يضطر المريضات إلى التواجد منذ السابعة صباحًا لضمان الحصول على الدور.
وتوضح أن الطبيب فى بعض الأحيان يكتفى بعدد معين من الحالات اليومية، مما يجبرهن على العودة والحجز من جديد فى يوم آخر، كما تعانى المريضات من نقص بعض الأدوية، وإلغاء التعاقدات الخارجية مع مراكز الأشعة، وهو ما تسبب فى صعوبة إجراء الفحوص داخل مراكز التأمين المزدحمة، حيث تتكرر أعطال الأجهزة نتيجة الضغط الكبير عليها، الأمر الذى يؤدى إلى تأخر الفحوصات الدورية، رغم أن كل دقيقة تمر قد تُحدث فارقًا في العلاج.
ولكن مع مرور الوقت، قررت أن تتعايش مع الوضع بأكمله وتغير نظرتها للحياة، فبدأت تهتم بصحتها وغذائها، وتشارك فى المحاضرات التوعوية والدعم النفسى التى تنظمها المؤسسات المتخصصة، مما ساعدها كثيرًا على التعايش مع المرض واكتساب خبرات جديدة، تعلّمت أيضًا بعض الحرف اليدوية، وبدأت مشروعًا صغيرًا خاصًا بها، تعرض من خلاله أعمالها الفنية فى المعارض، وأصبحت من المشاركات الدائمات فى معرض تراثنا منذ انطلاقه، شاكرةً الدولة على توفير أماكن مجانية لأصحاب الهمم والمرضى المزمنين داخل المعارض، منوهة أن العمل اليدوى ساعدها على تفريغ الطاقة السلبية، وملأ حياتها بالفرح والفخر حين ترى نتاج يديها، وهى تعمل حاليًا فى فنون إعادة التدوير والديكوباج والخيامية، وتقول إنها تحب التنوع والتجديد فى كل ما تصنعه.
وتختتم حديثها قائلة: «تعرفت خلال الرحلة على نساء أصبحن لى كالأخوات، نشارك بعضنا الألم والفرح، وندعم بعضنا فى كل خطوة، وبالتأكيد أسرتى وأصدقائى فى المؤسسة هم سندى الحقيقي، والأمل الذى أتمسك به حتى أصل إلى الشفاء الكامل بإذن الله».
◄ سعاد: «الوجع» تحول إلى بداية جديدة
وفى ركن آخر تجلس سعاد حمادة بابتسامتها الهادئة، لتحكى تفاصيل رحلة بدأت عام 2014 حين اكتشفت إصابتها بسرطان الثدى، وتقول إن البداية كانت قاسية وغير مبشرة على الإطلاق، فالفاجعة لم تكن سهلة، لكن إيمانها بالله كان أقوى من الخوف. بعد الصدمة الأولى، هدأت نفسها واستوعبت أن المرض اختبار من الله، فامتلأ قلبها بالرضا والقناعة، وشعرت أن هذه ليست نهاية الطريق، بل بداية جديدة فى حياتها.. تتحدث سعاد بعينين لامعتين عن دعم أبنائها الذين كانوا سندها فى كل لحظة، قائلة: «كانوا يصحون من نومهم فى منتصف الليل فقط ليتأكدوا أننى بخير، ووجودهم بجانبى جعلنى أشعر بالسعادة والطمأنينة رغم الألم»، وتكمل بحزن: «فى ناس كانت قريبة منى بعدت وقت المرض، لكنى سامحتهم، يمكن ربنا أراد أتعلم إن الرضا أقوى من الزعل».. ولأنها تعشق الحرف اليدوية، قررت التغلب على كل ما تشعر به من مشاعر مضطربة بصناعة الإكسسوارات التى وجدت بها ملاذًا يعيد إليها طاقتها وينسيها وجع العلاج، بدأت بخامات بسيطة وإمكانيات محدودة، لكنها أصرت على النجاح، لتصنع مع الوقت اسمًا معروفًا بين فنانات ال«هاند ميد». ورغم ارتداد المرض أكثر من مرة، لم تفقد الأمل، بل ازدادت قوة وصلابة، معتبرة نفسها واحدة من محاربات السرطان اللاتى تحدين الألم بالإبداع .
وتنوه إلى أنها كانت تعمل موظفة فى جامعة القاهرة، وكانت تتلقى علاجها على نفقة الجامعة بمستشفى القصر العينى الجديد، ومع خروجها إلى المعاش واصلت علاجها ما بين القصر الجديد والقديم، شاكرة الله على كل يوم يمنحها فيه طاقة جديدة للحياة، وتؤكد «المرض مش نهاية، بالعكس.. هو بداية جديدة نتعلم فيها نحب الحياة أكثر ونشكر ربنا على كل نفس بنعيشه».
◄ منى: سقط شعري وتغير شكلي لكن لم أفقد الأمل
بينما تتذكر منى، وهى فى بداية الخمسينيات من عمرها، اللحظة التى غيرت حياتها إلى الأبد، فقد كانت تجرى فحوصًا روتينية حين أخبرها الطبيب بوجود ورم فى الثدى، ولم تتخيل للحظة أن كلمة «سرطان» ستقال لها يومًا، شعرت وكأن الأرض انهارت تحت قدميها، تلاشت الأصوات من حولها، ولم تفكر إلا فى أطفالها الذين ما زالوا بحاجة إليها.. تقول منى: «فى البداية لم أستطع حتى النطق، كنت أرى الموت أمامى، لكنى قررت أن أقاتل من أجل من أحبهم، خضعت للجراحة، ثم بدأت رحلة طويلة مع العلاج الكيماوى والإشعاعى.. سقط شعرى، تغير شكلى، لكن لم يفقد قلبى الأمل».
مرت الشهور ثقيلة، لكنها تعلمت أن المرض لا يعنى النهاية، تعرفت على سيدات مثلها داخل المؤسسة، ووجدت بينهن عائلة جديدة تشاركها الوجع والضحك معًا. اليوم، تقف منى قوية، تساند غيرها من المريضات الجدد، وتقول لهن بثقة: «السرطان لا يقتلنا، بل يختبرنا والإيمان هو السلاح الذى لا يُهزم».
◄ سامية: تعلمت الصبر من المرض
لم تكن سامية تتوقع أن تتحول تجربتها مع السرطان إلى درس فى الصبر والحياة، اكتشفت إصابتها أثناء متابعتها الطبية بعد عملية بسيطة، وجاء التشخيص كالصاعقة. تقول: «وقتها بكيت كثيرًا، لكن سرعان ما قلت لنفسى: لن أسمح له بأن يأخذ منى روحى».
بدأت رحلة العلاج الشاقة، جلسات طويلة من الكيماوى تركت آثارها على جسدها، لكنها كانت تقاوم بابتسامة، كانت تأتى إلى المؤسسة بغطاء رأس ملون وثوب مليء بالحياة لتقول لكل من تراها إن الجمال لا يختفى، بل يسكن فى الروح.
ومع مرور الوقت، أصبحت سامية واحدة من أكثر السيدات نشاطًا وتدعم غيرها بالكلمة الطيبة، وتقول دائمًا: «تعلمت أن السرطان ليس حكمًا بالموت، بل بداية حياة جديدة مليئة بالتقدير والامتنان».
◄ تطور كبير في العلاجات والاستفادة من الذكاء الاصطناعي
فى السنوات الأخيرة، شهد مجال علاج سرطان الثدى طفرة غير مسبوقة، سواء فى طرق التشخيص أو فى تطور الأدوية والعلاجات الموجهة والمناعية، إلى جانب دخول الذكاء الاصطناعى كعنصر فاعل فى التنبؤ وتشخيص المرض بدقة عالية، ويؤكد الدكتور أحمد البسطويسى، أستاذ طب الأورام بالمعهد القومى للأورام بجامعة القاهرة، أن هذه التطورات لم تغير فقط فى نسب الشفاء، بل غيرت أيضًا فى نظرة المريضات للمرض، إذ أصبح الأمل فى الشفاء الكامل أمرًا ممكنًا، بفضل العلم والتكنولوجيا الحديثة.
ويقول البسطويسى، إن الإصابة بسرطان الثدى عادة ما تتم نتيجة حدوث اضطراب مفاجئ فى إحدى الخلايا وتكاثرها بشكل غير طبيعى، ولا شك أنه يوجد بعض العوامل المهيأة لذلك مثل التعرض لتغيير بعض الهرمونات بالجسم، أو بسبب تلقى أدوية هرمونية بدون إشراف الطبيب، التدخين والسمنة، العوامل الوراثية، وسوء التغذية والتعرض للتلوث.
◄ العلامات المبكرة
وينوه إلى أن هناك بعض العلامات المبكرة التى تنذر المرأة بإصابتها بالأورام فى المراحل الأولى والتى يحقق فيها العلاج نسب شفاء مرتفعة، لذا يجب أن تكون المرأة على دراية قوية بما يخبره بها جسدها، فمن العلامات المبكرة لأورام الثدى هى حدوث تغيرات تطرأ على شكل الثدى أو ملمسه أو وجود كتلة فى الثدى أو تحت الإبط وكذلك وجود إفرازات مدممة، ويطمئن أستاذ طب الأورام النساء بأنه فى الوقت الحالى أصبح هناك تطور كبير فى علاج أورام الثدي، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من التطور، فحتى الأدوية التقليدية ومنها الهرمونية والكيميائية أصبح هناك أجيال أحدث منها بفاعلية أعلى وأعراض جانبية أقل، وأيضًا حدث تطور ضخم جدًا فى الأدوية المساعدة التى تجعل المريضة تتجنب الأعراض الجانبية للعلاجات المختلفة التى كانت تحدث فى وقت سابق كالقىء والغثيان، وحتى تساقط الشعر لم يعد بالشكل المخيف، فالعلاج الحديث يمنع تساقطه، كالعلاجات المناعية والموجهة والهرمونية وأنواع محددة من العلاج الكيماوى، فضلًا عن التطور فى استخدام العلاجات المساعدة التى تحافظ وتمنع الشعور بألم العلاجات التقليدية، أيضًا العلاج الإشعاعى الموضعى حدث به تطور فى التقنيات والأجهزة التى تساعد على تحقيق النتائج المرجوة باستهداف مكان الورم بشكل أدق وفاعلية أكبر.
◄ الأجيال الهرمونية
وتحدث عن علاجات أحدث للأجيال الهرمونية تستهدف مستقبلات الهرمونات تعطى فاعلية أكبر وأعراض جانبية أقل، كما يوجد اكتشاف لبعض المسارات أو العلامات الحيوية التى يمكن أن تستهدفها العلاجات الهرمونية لتستخدم عندما تكون هذه العلامات موجبة وبالتالى النتائج تكون أدق وأكثر تخصصًا، بالإضافة لذلك هناك أنواع أخرى من العلاجات الموجهة التى تستهدف وتقضى على قدرة الخلية السرطانية على مقاومة العلاج الهرمونى المستخدم وتوقف عمل نمو الخلايا السرطانية وبالتالى تحقق نتائج كبيرة.
◄ العلاجات الموجهة والمناعية
أما العلاجات الموجهة فبها تطورات كبيرة حيث إنه أصبح بها عائلة أكثر ذكاءً عن العلاجات التقليدية، حيث إنها تحدث دمجًا بين العلاجات الكيماوية والموجهة، لتوجه العلاج الكيماوى إلى الخلية السرطانية مباشرة دون أن يؤثر على بقية خلايا الجسم، وبالتالى تأخذ الفائدة فقط وتتجنب الأعراض الجانبية، يوجد أيضًا علاجات موجهة تستهدف أكثر من جين أو مسار للمرض، والعلاج المناعى أيضًا به تطورات كبيرة بوجه عام، يستهدف نوعًا من أنواع سرطان الثدى المبكر السالب للهرمونات وسالب الجين الذى يعرف بالثلاثى السلبى ويمكن استخدامه فى المراحل المبكرة أى إذا كان المرض حجمه صغيرًا وقابلًا للاستئصال التحفظى، فهو يستخدم ما قبل الاستئصال الجراحى وما بعده، وأيضًا تستخدم أنواع من العلاج المناعى فى سرطان الثدى المنتشرة، وحاليًا تحت البحث لسرطان الثدى الموجبة للهرمونات والذى لم يكن يستخدم فيها هذا النوع من العلاج.
ويطمئن السيدات بأنه أصبح هناك فى العلاجات الجديدة فاعلية أكبر تحقق وترفع مستوى النتائج، كما نوه إلى أنه لم يشترط الاستئصال إذا كان المرض منتشرًا فى أكثر من مكان بالثدى ولكن يتم السيطرة عليه من خلال العلاجات العامة أو الهرمونية والموجهة والمناعية حسب كل نوع من الأورام، وحتى إن كان الورم قابلًا للاستئصال الجراحى فهناك أدوية كثيرة تستخدم قبل الاستئصال للتأكد من موت المرض بنسبة 100% قبل الاستئصال مما ينعكس على تحسين نتائج العلاج، وتكمن فائدة الاكتشاف المبكر والعلاجات الحديثة فى أن يكون الاستئصال محدودًا للورم فقط والجزء المصاب من الغدد الليمفاوية فقط لتجنب الأعراض المزعجة قديمًا.
◄ دقة الذكاء الاصطناعي
ويشير البسطويسى إلى أن الذكاء الاصطناعى يلعب دورًا كبيرًا فى علاج كل مراحل الأورام بدءًا من التشخيص وانتهاءً بالعلاج، بمعنى أنه حسن نتائج تشخيص الأورام، فعلى سبيل المثال هناك دراسات تؤكد تفوقه على الطرق التقليدية للتشخيص المبكر لأورام الثدى مثل الماموجرام أو الرنين المغناطيسى، لأنه يقدر يكتشف بعض التغيرات فى الثدى التى لا يمكن للأشعة العادية اكتشافها أو يتجنب الأخطاء التى يمكن أن تنتج عن العين البشرية المجردة بسبب إرهاق الطبيب وتكون النتائج بالدقة المطلوبة، فهو يقدر أن يتغلب على كل ذلك.
◄ التنبؤ بالمرض وتطوره
كما أنه يمكنه أيضًا باستخدام برامج محددة أن يتنبأ بحدوث أنواع معينة من الأورام فى الأشخاص الطبيعيين أى ما قبل الإصابة، كما يستطيع التنبؤ بأنواع معينة من تطور الأورام حتى الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالإصابة يمكن التنبؤ بأن المرض قابل للارتجاع أم لا، أيضًا يستطيع أن يزيد من قدرة العلاج والجراحات مثل جراحات الروبوت الصناعى، وبالنسبة للعلاجات فلديه القدرة على تفصيل خطط علاجية مبنية على عوامل الخطورة سواء عوامل الخطورة الإكلينيكية أو الجينية، مما يستطيع أن يساعد فى تفصيل خطة علاج مناسبة لكل مريض، فضلًا عن أنه يسرع من نتائج أبحاث الأورام، فعلى سبيل المثال يستطيع أن تكون قواعد البيانات متاحة بشكل كبير عن طريق الذكاء الاصطناعى لتختصر الوقت الذى يأخذه البحث التقليدي، عن طريق برامج متطورة معينة توفر سنوات طويلة تُؤخذ فى البحث العلمى لإنتاج أدوية أورام جديدة مما يجعله مساعدًا جيدًا فى اختصار المدة الزمنية.
◄ مساعد ذكي للطبيب
وفى التشخيص يتم استخدام برامج متطورة محددة تعتمد على العديد من البيانات مثل الإكلينيكية والجينية، كما أنه يطور نتائج الأشعات عندما يتم استخدام الذكاء الاصطناعى بها، ومع كل ذلك لا يصلح أن يكون الذكاء الاصطناعى بديلًا للإنسان، لأن هناك فرقًا ما بين استخدامه كأداة لتحليل البيانات وما بين الخبرة الإكلينيكية للطبيب المعالج الذى يحدد حالة المريض وبالأخص الجوانب الاجتماعية والنفسية التى تساعد على احتواء مشاعر المريض لتخطى العلاج بسلام، فالأفضل الجمع بين الأمرين واستخدام الذكاء الاصطناعى كأداة مساعدة للطبيب المعالج للجمع ما بين القدرة الهائلة لتحليل البيانات وبين الخبرة الإكلينيكية ورأى وقرار الطبيب، للوصول لأفضل الحلول التى تأتى بنتائج أسرع وتوفر نقص الأطباء وتعطى نتائج أدق، ويمكن عن طريق تجميع معلومات عن الحالات فى الماضى الاستفادة منها مستقبلًا.
ولا نغفل أن الذكاء الاصطناعى أيضًا له بعض المشاكل مثل اعتماده على قاعدة البيانات المتاحة والتى لا تنطبق على كل أنواع المرضى لأنه يوجد خصائص جينية مختلفة لكل مجموعة من الناس أو لكل بلد، فليس الجميع متساوين، وبالتالى النتائج المتوقعة للعلاج تكون مختلفة لكل مريض على حدة.
◄ مفاتيح الوقاية والشفاء
رحلة علاج سرطان الثدى ليست فقط بين أدوية وجرعات كيماوى، لكنها معركة تحتاج دعمًا متكاملًا، جسديًا ونفسيًا وغذائيًا، فالغذاء الصحيح يمكن أن يخفف من الآثار الجانبية للعلاج، ويقوى الجسم ويمنحه القدرة على المقاومة.
وفى هذا الإطار، تؤكد د. مي مجدي، إخصائية التغذية ومدرب الصحة العامة، أن التغذية السليمة ليست أمرًا ثانويًا كما يعتقد البعض، بل هى جزء أساسى من العلاج يساعد المريضة على استعادة عافيتها وتحسين جودة حياتها خلال رحلة التعافى.. وتوضح أن التغذية أثناء فترة العلاج الكيميائى أو الإشعاعى تُعد عنصرًا رئيسيًا فى دعم الجسم، إذ تساهم فى تقوية جهاز المناعة، وتحسين قدرة المريضة على تحمل العلاج، وتخفيف الأعراض الجانبية مثل التعب والغثيان وفقدان الشهية.
وتشير إلى أهمية تناول البروتين الجيد كالدجاج والسمك والبيض والبقوليات، مع الإكثار من الخضراوات والفواكه الغنية بمضادات الأكسدة، إلى جانب شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على ترطيب الجسم وتقليل الإرهاق.
◄ احذروا الأطعمة المصنعة
كما تحذر من تناول الأطعمة المصنعة والمقلية الغنية بالدهون المشبعة، والسكريات البيضاء والمشروبات الغازية التى تضعف المناعة وتزيد الالتهابات، إلى جانب اللحوم المصنعة مثل السوسيس واللانشون، وفى حالات ضعف المناعة، تشدد على ضرورة تجنب الأطعمة النيئة أو غير المطهية جيدًا مثل السوشى أو البيض النيئ لتفادى العدوى.. وتشير إلى أن هناك عناصر غذائية أساسية تساعد فى تقوية المناعة وتحسين استجابة الجسم للعلاج، من أهمها البروتين لإعادة بناء الخلايا، الفيتامينات C وE وA لمقاومة الجذور الحرة، الزنك والسيلينيوم لدعم جهاز المناعة وتسريع الالتئام، والأوميجا 3 لتقليل الالتهاب وتحسين المزاج، كما تلعب الألياف والماء دورًا مهمًا فى تحسين عملية الهضم والتخلص من السموم.
◄ وصايا صحية
وتؤكد أيضا أن اتباع نظام غذائى صحى يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تصل إلى 30 - 40%، خاصة مع ممارسة النشاط البدنى المنتظم والحفاظ على وزن صحى، وتوصى بتناول الخضراوات الملونة، الحبوب الكاملة، والبروتينات النباتية، مع تجنب التدخين والكحول وتقليل الدهون الحيوانية والسكريات.. أما بعد التعافى، فتنصح د. مى بالاستمرار على نظام غذائي متوازن غنى بالخضراوات والفواكه الطازجة، وتناول وجبات صغيرة متكررة للحفاظ على الطاقة، إلى جانب ممارسة رياضة خفيفة مثل المشى أو اليوجا، والاهتمام بمستوى الحديد وفيتامين D في الدم.
وتشدد د. مي علي ضرورة نشر الوعي بالكشف المبكر، مشيرة إلى أن الكشف المبكر إنقاذ وليس تهديدًا، داعية إلى تنظيم جلسات دعم نفسى وتثقيفى للسيدات، وتسليط الضوء على قصص المحاربات الناجحات ليكن مصدر إلهام لغيرهن، مؤكدة أن «التغذية المتوازنة، والرياضة، والهدوء النفسي.. هى مفاتيح الوقاية والشفاء معًا».
◄ الصدمة بداية لاكتشاف الذات ومراجعة معني الحياة
لم يعد تشخيص سرطان الثدى مجرد خبر طبى صادم أو ورقة تقرير تُعلن المرض، بل أصبح زلزالًا يهز المريضة وعائلتها فى العمق، تتبدل معه المشاعر بين الخوف والقلق، والبحث عن طوق نجاة وسط العاصفة، غير أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن هذه الصدمة قد تكون أيضًا بداية لاكتشاف الذات، واستعادة القوة الداخلية، ومراجعة معنى الحياة من جديد.
توضح الدكتورة نهى إبراهيم الشاعر، إخصائية الإرشاد النفسى والأسرى، أن الخوف فى هذه المرحلة أمر طبيعى، لكنه يحتاج إلى إدارة واعية حتى لا يسيطر على حياة المريضة، قائلة إن الخوف فى جوهره ليس عدوًا، بل رسالة تحتاج إلى تفسير وفهم، ويمكن تحويلها إلى طاقة إيجابية تساعد على الشفاء. وتضيف أن التدريب على بعض التقنيات البسيطة مثل التنفس العميق لإعادة التوازن، والكتابة اليومية لتفريغ المشاعر، والتأمل أو استخدام تقنيات الواقع الافتراضى لتهدئة التوتر أثناء جلسات العلاج، كلها أدوات فعالة تمنح المريضة شعورًا بالسيطرة، وتجعلها أكثر وعيًا بذاتها وقدرتها على التكيف مع الظروف الصعبة.
◄ بناء التوازن النفسي
وتشير إلى أن العلاج النفسى أصبح اليوم جزءًا أصيلًا من رحلة الشفاء، إذ لم تعد الجلسات مجرد حديث عابر، بل وسيلة حقيقية لإعادة بناء التوازن النفسي، ففى الجلسات الفردية تفرغ المريضة مشاعرها وتتعلم كيفية التعامل مع القلق دون أن تفقد الأمل، أما جلسات الدعم الجماعى فتخلق شعورًا بالأمان والانتماء حين تلتقى المريضة بغيرها من السيدات اللاتى خضن التجربة نفسها، فتدرك أنها ليست وحدها فى هذا الطريق. كما أصبح الفن وسيلة علاجية فعالة تتيح للمريضات التعبير عن مشاعرهن بطرق مختلفة، سواء بالرسم أو الكتابة أو الموسيقى، مما يخفف الضغط النفسى ويعيد إليهن الإحساس بالإنجاز والإبداع.
◄ الدعم الأسرى ضروري
وتؤكد د. نهى أن دور العائلة لا يقل أهمية عن العلاج نفسه، فوجود الأبناء أو الزوج أو الأصدقاء إلى جانب المريضة يمثل دعمًا نفسيًا عظيمًا ينعكس على حالتها الجسدية ويزيد من قدرتها على التحمل.
كما أن المجتمع بدوره يمكن أن يساهم في رحلة التعافى، من خلال حملات التوعية التى تغير نظرة الناس من الشفقة إلى الإعجاب والإلهام، مما يمنح المريضة دفعة قوية للاستمرار والثقة فى قدرتها على التغلب على المرض.
أما بعد انتهاء العلاج، فتبدأ مرحلة جديدة من الحياة تختلف تمامًا عما كانت عليه قبل المرض. فالتعافى ليس مجرد عودة إلى الروتين السابق، بل هو إعادة اكتشاف الذات، وكثير من السيدات يجدن فى التجربة فرصة لإطلاق طاقاتهن الكامنة، سواء فى ممارسة هوايات قديمة، أو الدخول إلى مجالات فنية، أو الانخراط فى مبادرات لدعم مريضات أخريات. وتصف د. نهى هذه المرحلة بأنها «ولادة جديدة»، إذ يتحول الألم إلى دافع، والمعاناة إلى رسالة إنسانية تبعث الأمل فى نفوس الآخرين.
◄ النمو ما بعد الصدمة
وتشير الدراسات النفسية إلى أن تجربة السرطان قد تُنتج ما يسمى ب«النمو ما بعد الصدمة»، وهو التحول الإيجابى الذى يلى التجربة الصعبة، موضحة أن هذا النمو يظهر فى إعادة ترتيب الأولويات، حيث يصبح الوقت والعلاقات الإنسانية أثمن من أى شىء آخر، كما يكتشف كثير من المريضات مواهب جديدة فى الفن أو الكتابة أو العمل المجتمعى، فضلًا عن تعميق الجانب الروحى والشعور بالسلام الداخلي، مما يمنحهن طاقة جديدة لمواجهة الحياة بثقة وشجاعة.
وتختتم د. نهى حديثها مؤكدة أن رحلة سرطان الثدى ليست رحلة جسدية فحسب، بل تجربة متكاملة تشمل النفس والروح والعقل، ومع الدعم النفسى والأسرى والمجتمعى، يمكن للمريضة أن تتحول من الخوف إلى القوة، ومن الألم إلى الإلهام. فالمريضة ليست مجرد ناجية، بل بطلة تكتب فصلًا جديدًا فى قصة إنسانية عنوانها القوة والأمل والمعنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.