في مشهدٍ لم تعرفه كرة القدم من قبل، بدأ العدّ التنازلى لأكبر نسخة فى تاريخ كأس العالم، مونديال 2026، الذى سيجمع 48 منتخبًا للمرة الأولى، في ملاعب الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا، وبينما لا يزال 20 مقعدًا شاغرًا بينما تأهل رسميًا 28 منتخبًا حتى الآن، ليبدأ العالم فى رسم ملامح البطولة التى تعد بأن تكون الأكثر إثارة وتنوعًا فى التاريخ الحديث للكرة العالمية. وللمرة الأولى، تُقام البطولة فى ثلاث دول: الولاياتالمتحدة، كندا، والمكسيك، والذين ضمنوا التأهل بشكل تلقائى كمضيفين للمونديال، وهذا التنظيم الثلاثى لم يأتِ مصادفة، بل جاء كإعلان عن مرحلة جديدة فى تسويق كرة القدم عالميًا، حيث يُنتظر أن تشهد البطولة حضورًا جماهيريًا هو الأكبر فى تاريخ المسابقة، خاصة أن عدد المنتخبات ارتفع إلى 48، ما يعنى المزيد من الأحلام والقصص الجديدة. ◄ العرب في قلب الحلم ربما كانت المفاجأة الكبرى هى المشاركة العربية القياسية، فحتى الآن، ضمنت سبعة منتخبات عربية مكانها فى المونديال: من أفريقيا مصر، الجزائر، المغرب، تونس، ومن آسيا قطر، السعودية، الأردن.. والرقم القياسى السابق كان أربع منتخبات فقط فى نسخة قطر 2022، لكن النسخة المقبلة تحمل نكهة عربية خالصة، تُعيد إلى الأذهان أيام العزّ الكروى حين اجتمعت القلوب خلف منتخبات العرب فى المونديال الماضي. تأهل منتخب السعودية جاء بعد تعادل مثير مع العراق، وضعه على صدارة المجموعة الثانية بفارق الأهداف، أما قطر، فصعدت للمرة الثانية فى تاريخها، والأولى عبر التصفيات - بعد فوزها على الإمارات 2-1 فى الدوحة بمباراة مثيرة كرويًا جدًا. واللافت أن منتخب الأردن كتب اسمه بين الكبار لأول مرة فى تاريخه، ليُسجل إنجازًا وطنيًا غير مسبوق بعد مشوار حافل فى التصفيات الآسيوية، أكّد أن كرة القدم العربية باتت تمتلك جيلاً جديدًا من الأحلام والطموح. ◄ اقرأ أيضًا | تعرف على نظام وموعد مباريات المحلق الإفريقي المؤهل لكأس العالم 2026 ◄ إفريقيا تُرسل نخبتها القارة السمراء لم تكن أقل حضورًا، إذ تأهلت عنها تسعة منتخبات حتى الآن: مصر، الجزائر، المغرب، تونس، جنوب أفريقيا، غانا، السنغال، كوت ديفوار، وكاب فيردي، وتُعد هذه المجموعة من أقوى ممثلى أفريقيا فى العقود الأخيرة، خصوصًا بعد ما قدمته المغرب فى مونديال قطر، حين وصلت إلى نصف النهائى لتُعيد كتابة التاريخ باسم القارة والعرب. أما منتخب مصر، العائد بقوة بعد غياب عن نسخة 2022، فيبدو أنه يدخل المونديال القادم بطموحات كبيرة بعد مرحلة إعادة بناء تحت قيادة فنية جديدة ووطنية للكابتن حسام حسن، وسط جيل يجمع بين الخبرة والطموح، وعلى رأسه نجم ليفربول محمد صلاح وعمر مرموش المحترف فى صفوف مانشستر سيتي، وغيرهم من المحترفين والمحليين المميزين. ◄ ميسي.. والمشهد الأخير المنتخب الأرجنتيني، بطل العالم فى النسخة الأخيرة 2022 بقيادة ليونيل ميسي، تأهل هو الآخر ليبدأ رحلة الدفاع عن لقبه فى واحدة من أكثر النسخ ترقبًا فى التاريخ، لكن المثير أن الأنظار لا تتجه فقط نحو الأرجنتين، بل إلى ميسى نفسه، الذى ربما يخوض آخر مونديال فى مسيرته الأسطورية، فهل تكون خاتمته الجديدة فى أمريكا كما كانت بدايته فى ألمانيا 2006؟ أم سيكتب التاريخ نهاية أسطورية أخرى على الأراضى الأمريكية؟ ◄ «شالوم.. شالوم» «شالوم» أى تعنى مع السلامة لكن باللغة العربية، فمن بين كل مباريات التصفيات الأوروبية، برز لقاء إيطاليا ضد إسرائيل كأحد أكثر المباريات حساسية على المستويين السياسى والرياضي، فى ظل احتجاجات واسعة ضد العدوان على غزة، فازت إيطاليا بثلاثية نظيفة فى ملعب «بلو إينرجي»، لكن ما لفت الأنظار لم يكن النتيجة فقط، بل المشهد خارج الملعب. وقبل اللقاء، خرج آلاف الإيطاليين فى تظاهرات ضخمة دعمًا لفلسطين، رافعين الأعلام والهتافات، قبل أن تتدخل قوات الأمن لمنع دخول الرايات الفلسطينية إلى المدرجات، ورغم القيود، كانت الرسالة أوضح من أى شعار: الإنسانية لا تُقيد، وفي النهاية، خرجت إسرائيل من المنافسة رسميًا، بينما واصلت إيطاليا طريقها بثقة نحو المونديال. ◄ 20 مقعدًا شاغرًا مع بقاء 20 بطاقة شاغرة فى مونديال 2026، تبدو الأشهر المقبلة مشتعلة بالتصفيات والملحقات القارية والعالمية، وسيكون الملحق العالمى هذه المرة أكثر إثارة من أى وقت مضى، إذ تتنافس فيه أربعة منتخبات فقط على آخر تذاكر الحلم منتخبات من أميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا تتأهب لتلك اللحظة الحاسمة التى قد تُغيّر مصير أجيال كاملة من اللاعبين. ◄ المونديال ليس عاديًا بطولة 2026 لن تكون مجرد مهرجان كروي، فهى تُقام فى زمن تتداخل فيه السياسة والرياضة أكثر من أى وقت مضى، بين احتجاجات غزة، ورسائل التضامن العالمية، ومحاولات الفيفا لترويج صورة «كرة القدم كجسر للسلام» لكن الحقيقة الواضحة أن المونديال القادم سيكون اختبارًا حقيقيًا للعالم كله - اختبارًا لإنسانية كرة القدم وقدرتها على توحيد الشعوب رغم اختلافاتهم.