ثمانون عاما مرت على تأسيس جامعة الدول العربية.. بيت العرب الذي احتضن منذ عام 1945 أحلام العرب وطموحاتهم.. وكان شاهدا على لحظات واحداث مهمة في تاريخ المنطقة.. من القمم الأولى إلى القرارات المصرية إلى مشروعات عدة في التعاون . وفي هذه الأيام التي تتجدد فيها الدعوات لوحدة العرب وإحياء الذاكرة العربية، جاء افتتاح متحف الجامعة العربية كخطوة ملهمة تستحق الإشادة في الذكرى الثمانين لانشائها . عرفت عن المتحف من معالي السفير أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية .. وزاد شغفي بجولة في المتحف من حديثه ودعوته المتكررة ان نزور المتحف ونتجول فيه لنتعرف على مزيد من المعلومات والوثائق والصور والمقتنيات التاريخية عن الجامعة ودورها . ظننتها في البداية دعوة عادية بروتوكولية لمن أدركت أهميتها عندما قررت زيارة المتحف وجمال ما رأيت من سيناريو عرض مبهر ومقتنيات فريدة . لقد سعدت شخصيا بهذه الدعوة .. فالمتحف ليس مجرد قاعة للعرض أو معرضا للصور والوثائق بل هو مشروع وعي عربي يعيد رسم الذاكرة المشتركة للأجيال الحالية والقادمة. ما شاهدته من جهد لإنشاء المتحف يدفعني للثناء على تلك الجهود التي بذلتها الأمانة العامة في إنجاز هذا العمل . واقدر بشكل خاص رؤية الأمين العام السيد أحمد أبو الغيط الذي تحمس للفكرة ودعم وشجع القائمين على مكتبة الجامعة لإنجاز هذا المشروع المهم بدعم كبير أيضا من السفير حسام زكي الأمين العام المساعد فهو رجل يقدر التراث والتاريخ وأهمية وجوده وحفظه للأجيال القادمة . المتحف بالفعل حالة عربية رائعة ومدرسة وعي من الجدير ان تبقى وتستمر لتتسع و يظل كمؤسسة دائمة داخل الجامعة العربية لا تغلق أبوابها بانتهاء مناسبة الاحتفال بالذكرى الثمانين لإنشاء الجامعة بل تبقى حية ومفتوحة أمام الدبلوماسيين والباحثين والطلاب وكل من يهتم بتاريخ الأمة العربية . ففكرة المتحف بهذا الشكل ليست ترفا ثقافيا بل ضرورة حضارية لأن التاريخ الذي لا يعرض للجمهور ينسى سريعا .. والذاكرة التي لا تصان سهل ان تشوه . فكل وثيقة.. وكل صورة.. وكل خطاب داخل المتحف.. تحكي جانبا مهما من قصة العرب في مواجهة التحديات.. وفي البحث الدائم عن الوحدة والمصير المشترك. أيضا أقترح استكمالا لهذه الخطوة الرائدة أن يتحول المتحف إلى مركز متكامل للتوثيق والعرض والتعليم.. وأن تنطلق منه معارض متنقلة تجوب الدول العربية وخاصة تلك التي تستضيف القمم العربية. هذه خطوة ضرورية لتعريف الشعوب بتاريخ الجامعة وأدوارها في بناء العمل العربي المشترك في المجالات المختلفة . اعتقد بهذه الطريقة سيتحول المتحف من فكرة محصورة داخل جدران المقر إلى رسالة ثقافية عربية تجوب العواصم وتعيد وصل الوعي العربي بجذوره. مرة أخرى شكرا للقائمين على تنفيذ متحف الجامعة العربية.. وأؤكد انه إذا ما استمر وتطور يمكن أن يصبح منارة عربية للتاريخ والهوية المشتركة.. لا مجرد متحف تقليدي. فهو شهادة على أن العرب رغم اختلافاتهم يجتمعون على ذاكرة واحدة وإرث واحد.. وان الحفاظ على هذه الذاكرة ليس مجرد احتفاء بالماضي.. بل ضمان للمستقبل.. لأن الأمم التي تحفظ تاريخها.. تحفظ وجودها في النسيان.