التسول ظاهرة اجتماعية خطيرة تتضمن طلب المال أو الطعام من الآخرين، مباشرة أو بطرق غير مباشرة عبر استجداء العطف تتنوع أسبابه بين الفقر والبطالة والأزمات النفسية غير أن الظاهرة تحوّلت فى كثير من الأحيان إلى مهنة منظمة، تشمل استغلال الأطفال وادّعاء العاهات واختلاق القصص، ما جعلها تمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمع، وتستدعى تدخل القانون والمؤسسات المجتمعية والدينية وشدّد علماء الدين على أن التسول جريمة أخلاقية واجتماعية، تستهدف كرامة الإنسان، وتضر بصورة المجتمع، وتخالف تعاليم الإسلام. قال الدكتور على الله الجمال، إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة: إن التسول ظاهرة قبيحة تُسيء إلى سمعة المجتمع، وتُشوه صورته، وتجعل المتسول يظهر بمظهر الذليل، رغم أن الإسلام دعا إلى حفظ كرامة الإنسان. اقرأ أيضًا | افتتاح مسجد السيدة نفيسة بحلّته الجديدة ..لمسة وفاء لحفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. والقاهرة تتلألأ بنور آل البيت وأشار إلى قول النبى صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغى للمؤمن أن يُذلّ نفسه»، محذرًا من اتخاذ التسول مهنة؛ لأن صاحبها يفقد كرامته فى الدنيا ويُساء إلى آخرته. واستشهد بحديث النبى صلى الله عليه وسلم: «ما يزال الرجل يسأل الناس، حتى يأتى يوم القيامة ليس فى وجهه مزعة لحم». وأوضح أن الحكم الشرعى فى السؤال يختلف باختلاف حال السائل: فهو حرام على الغنى القادر ومباح للفقير العاجز وقد يكون واجبًا على من لا يجد سبيلًا للعيش.. لكنه شدد على ألا تُتخذ المسألة مهنة أو وسيلة دائمة للعيش، لأن فى ذلك مخالفة صريحة للشرع، ودعوة لاحتراف الذل والاعتماد على الآخرين وأكد أن الإسلام يرفض تعريض الإنسان لنفسه للإهانة أو الابتذال، حيث قال الله تعالى: «ولقد كرمنا بنى آدم». وأضاف أن الشريعة حرّمت السؤال على من يملك ما يغنيه أو يقدر على العمل، سواء سأل زكاة أو صدقة أو غيرها، لأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، مستشهدًا بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس أموالهم تكثرًا، فإنما يسأل جمرًا، فليستقل أو ليستكثر».. كما شدد على خطورة استغلال الأطفال والنساء فى التسول، خاصة أمام المساجد وفى الشوارع، قائلا إن هذا يُظهر المجتمع بصورة غير لائقة، ويزيد من المشكلات الاجتماعية. وبيّن أن الإسلام عالج التسول بالدعوة إلى العمل والكسب الحلال، مشيرًا إلى حديث النبى صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده». وأضاف أن من يمر بكربة فعليه مراجعة الجهات المختصة التى توفر الدعم للمحتاجين الحقيقيين. وقال الشيخ أحمد المراغي، من علماء وزارة الأوقاف: إن ظاهرة التسول فى تزايد ملحوظ، وهى من أخطر الظواهر التى تهدد المجتمع وأوضح أن كثيرًا من المتسولين اليوم هم شباب وفتيات وكبار فى السن، قادرون على العمل، لكنهم يفضلون الكسب السهل دون تعب. وأشار إلى أن بعض المتسولين يتخفون خلف بيع المناديل أو يفتعلون الإعاقة، فى حين أن كثيرًا منهم يستخدم المال فى المحرمات كالمخدرات وأضاف: «الغريب أن لكل متسول مكانًا لا يسمح لغيره بمشاركته، وكأنها مناطق نفوذ، مما يدل على أن التسول تحوّل إلى تجارة يديرها محترفون». وشدد على أن هؤلاء لا علاقة لهم بالدين أو الأخلاق، وهم يسيئون للمجتمع، خاصة حين ينتشرون أمام المساجد وينتظرون خروج المصلين وقال: «لو أردنا الإحسان حقًا، فلنوجه صدقاتنا للفقراء الحقيقيين الذين يتعففون ولا يسألون الناس». واستشهد بقول الله تعالى: «يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم، لا يسألون الناس إلحافًا، وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم». وأكد أن استمرار هذه الظاهرة خطر داهم، لأنها لا تمثل فقط مخالفة شرعية، بل تؤدى إلى تفشى الإدمان والجريمة، وتشكل عبئًا على المجتمع بأكمله، مطالبًا بتكاتف الجهود للحد منها وتوجيه الإحسان إلى مستحقيه الفعليين.