أقامت وزارة الأوقاف أمسية دينية من مسجد "السيدة زينب رضي الله عنها" تحت عنوان: "ظاهرة التسول وأثرها على الفرد والمجتمع ووسائل علاجها" بحضور الشيخ صفوت نظير وكيل مديرية الأوقاف بالقاهرة، والشيخ حمادة المطعني مدير عام إدارة أوقاف السيدة زينب، والدكتور هشام عبدالعزيز الباحث بالإدارة العامة للبحوث والدعوة. وفي بداية اللقاء أكد الدكتور عبد الله محمد رشدي - إمام مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) أن مقاصد الله (عزّ وجلّ) من الخلق ثلاثة: العبادة، والعمارة، والتزكية، ومقصد العبادة يتضح في قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" وهذا هو المقصد الأسمى، والمقصد الثاني هو العمارة في الأرض، لقوله تعالى: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" والاستعمارُ أن تُعْمِرَ الأرضَ بنفسكَ، والذي يعتمد على الأكل من بقايا الناس هو إنسان تضاءلت نفسُهُ عند نفسِهِ، ولو قيَّمها لضرب الأرض بقدمه وعمل حتى يأكل من عمل يده، مشيرًا إلى أن العمل شرف وطُهرةٌ ومغفرة للإنسان؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له"، وقوله (صلى الله عليه وسلم) أيضًا: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ". وبيّن الدكتور أسامة فخري الجندي إمام بالأوقاف أن الإسلام دعوة إلى السموِّ والرفعة كما أن الإسلام دعوة إلى العمل لا البطالة، والكسل، والتسول، كما بيّن أن الإسلام عالج الظواهر الاجتماعية التي تهدد مجتمعاتنا بحكمةٍ ربانية، ولعلّ أهم هذه الظواهر ظاهرة التسول، لما لها من أثر سلبي على الفرد والمجتمع، فالتسول إهدار لكرامة الإنسان أمام الناس، مشيرًا إلى أن المتسول يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مٌُزعة لحم مصداقًا لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "لَوْ يَعْلَمُ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ مَا فِيهَا مَا سَأَلَ "، لهذا عالج الإسلام هذه الظاهرة في قول النبي (صلى الله عليه وسلم):" لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حبلهُ، ثم يأتي الجبل فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ من حَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَه خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ"، أيضًا في التسول دعوة إلى البطالة وهذا يُصادم مقصدًا من المقاصد العليا للمكلّف (جلّ وعلا) ألا وهو مقصد العمارة في الأرض، فالإسلام دعا إلى السعي والعمل، فثقافة الإسلام تأسس للتدبير والتعمير، لا للبطالة والكسل.