مع الاهتمام المتزايد بالتغذية الصحية، يتبين أن سر صحة الأمعاء لا يرتبط فقط بنوعية الطعام الذي نتناوله، بل بالطريقة التي نبدأ بها يومنا منذ اللحظة الأولى للاستيقاظ. فقد كشفت أبحاث حديثة في جامعة هارفارد أن بعض العادات الصباحية البسيطة يمكن أن تُحدث فرقًا ملموسًا في صحة الجهاز الهضمي، والمناعة، بل وحتى المزاج العام، ويؤكد الدكتور سوراب سيثي، أحد أبرز المتخصصين في صحة الأمعاء، أن البداية الصحيحة ليومك هي المفتاح الذهبي لأمعاء سعيدة وجسم متوازن. عادات صباحية لصحة مثالية للأمعاء الماء قبل القهوة – تنشيط الجهاز الهضمي طبيعيًا يؤكد الدكتور سيثي أن أول ما يجب أن يدخل الجسم صباحًا هو الماء الفاتر، لا القهوة. فخلال ساعات النوم يفقد الجسم كمية من السوائل، مما يجعل الجهاز الهضمي بحاجة إلى "إعادة تشغيل". شرب كوبين من الماء فور الاستيقاظ يحفّز حركة الأمعاء ويهيئ المعدة للهضم، بينما تؤدي القهوة المبكرة أحيانًا إلى زيادة حموضة المعدة واضطراب الأمعاء. الإفطار الغني بالألياف – وجبة للبكتيريا النافعة تعد الألياف الغذاء المفضل لبكتيريا الأمعاء المفيدة التي تُعرف باسم الميكروبيوم، وينصح الخبراء بأن تحتوي وجبة الإفطار على الشوفان، بذور الكتان، الفواكه، أو الخضروات الورقية، لأنها تساهم في تعزيز التوازن البكتيري وتحسين المناعة، أما الإفطار المعتمد على السكريات والمعجنات، فيؤدي إلى اضطراب في الميكروبيوم، ما يسبب الانتفاخ والتعب واضطرابات المزاج. الحركة الصباحية – مفاتيح الأمعاء النشطة خمس إلى عشر دقائق من المشي أو التمدد كافية لتحفيز الجهاز العصبي المعوي المسؤول عن حركة الأمعاء. الحركة البسيطة تساعد أيضًا على منع الإمساك وتقليل الانتفاخ، بالإضافة إلى تنشيط الدورة الدموية ورفع مستوى الطاقة. يقول د. سيثي: "الجسم يستيقظ بالحركة، لا بالقهوة". اهدأ لتسعد أمعاؤك التوتر من أكبر أعداء الجهاز الهضمي. إفراز هرمونات القلق في الصباح قد يُضعف بطانة الأمعاء، ويؤدي إلى اضطرابات هضمية مزمنة. ينصح الأطباء بممارسة التنفس العميق أو التأمل لدقائق معدودة قبل الانشغال بمهام اليوم، لتهيئة الجهاز العصبي وتهدئة الجهاز الهضمي. الروتين المنتظم .. صديق الهضم السليم يقول د. سيثي: "الجسم يحب التكرار والانضباط." فالحفاظ على مواعيد نوم واستيقاظ ثابتة يساعد على ضبط الساعة البيولوجية، مما يُحسن عملية الهضم وإفراز الهرمونات المسؤولة عن الشهية والطاقة. إن بدء اليوم بنفس الطقوس الصحية يمنح الجهاز الهضمي استقرارًا وإيقاعًا طبيعيًا. إشارات تنذر بأن أمعاءك غير سعيدة: يشير الدكتور سيثي إلى مجموعة من العلامات التي تستدعي الانتباه، منها: انتفاخ أو غازات متكررة بعد الوجبات. اضطرابات في حركة الأمعاء بين الإمساك والإسهال. رغبة شديدة في تناول السكريات. اضطرابات النوم أو التعب المستمر. مشكلات جلدية مثل الحبوب أو الجفاف. ويؤكد أن هذه العلامات هي صوت الجسم الذي يطلب تعديل النظام الغذائي والعادات اليومية لاستعادة التوازن الداخلي. إن صحة الأمعاء تبدأ من الصباح، وليس من الوجبة الكبيرة أو النظام الغذائي المعقد، بضع خطوات بسيطة كوب ماء، إفطار متوازن، حركة خفيفة، وهدوء داخلي يمكن أن تعيد إلى الجهاز الهضمي توازنه، وإلى الجسد نشاطه، وإلى العقل صفاءه، فابدأ يومك بعناية، وستشكرُك أمعاؤك على مدار اليوم.