ملايين القلوب التى كانت متعلقة بآمال السلام، والضمائر الطامحة لتحقيق العدل والحرية، والإنسانية التى كانت تبحث عن المعنى على أرض أكلتها نيران الحرب والصراعات، هؤلاء جميعاً من حقهم الآن أن تطمئن وتهدأ نفوسهم بعد خوفٍ وكمد ظل بطل المشهد على مدار عامين كاملين.. فى صبيحة الاثنين الموافق الثالث عشر من أكتوبر الجارى اتجهت أنظار العالم الى أرض السلام ومهد الحضارات وحاضنة التعايش السلمى، مدينة شرم الشيخ التى يبدأ من عندها دائماً طريق الحرية، اجتمع الرؤساء والملوك على أرضها ليشهدوا على توقيع وثيقة السلام وإنهاء حرب غزة التى دامت عامين أكلت خلالهما الأخضر واليابس فى القطاع الجريح وحصدت أرواح الآلاف وشردت الملايين.. منذ ذلك التاريخ انتهت معاناة الشعب الفلسطينى، لكن مرحلة جديدة تستعد مصر للبدء فيها وهى المساعدة بكل إمكاناتها فى إعادة الإعمار ونفض غبار الماضى الأليم بعد أن أنهت عامين من الدفاع عن الحقوق المشروعة لشعب فلسطين فى الحياة.. وتكللت الجهود المصرية بكم غير مسبوق من الإشادات الدولية والإقليمية بدورها التاريخى والمحورى والريادى فى جهود الوساطة ورفع المعاناة عن الشعب الأعزل حتى تعود الحقوق لأصحابها وهو ما تحقق فى شرم الشيخ أمس الأول. ريادة مصرية فى القضايا الدولية دبلوماسيون: اعتراف بدور القاهرة فى إنهاء الحرب كتب حسام عبد العليم: أشرقت من جديد شمس السلام من أرض مصر على منطقة الشرق الأوسط، لتفتح صفحة جديدة للمنطقة بتعهدات وإرادة دولية تؤكد أن السلام هو المفتاح الوحيد لاستقرار المنطقة وأمنها وأكد دبلوماسيون أن اتفاق شرم الشيخ اعتراف بدور القاهرة فى إنهاء الحرب ويؤكد الريادة المصرية فى القضايا الدولية. وفى هذا الإطار، قال السفير عاطف سيد الأهل، سفير مصر فى إسرائيل سابقا، إن القاهرة طوال تاريخها تستضيف قمما دبلوماسية وقمم سلام متعلقة بالقضية الفلسطينية كونها القضية التى تحتل اهتماما كبيرا فى السياسة الخارجية المصرية، وتتعامل معها بمسارات مختلفة، سواء مسار حل الدولتين ، ومسار المصالحة الوطنية، أو مسار تدخلها فى وساطات لخفض التصعيد فى الأراضى الفلسطينية خلال الحروب التى كانت تشنها قوات الاحتلال خلال الفترات الماضية. ولفت السفير عاطف الأهل، إلى أن قمة شرم الشيخ للسلام هى أكبر قمة ارتبطت بملف غزة منذ اندلاع الحرب، فى ضوء مشاركة ما يقرب من 31 من رؤساء دول ومسئولين ومنظمات دولية وإقليمية، وأشار إلى أن هذه المشاركة الدولية بهذه الصورة، يعطى نوعا من الالتزام الدولى لتنفيذ الاتفاق، وأيضا يعطى بما يسمى»ضبط إيقاع التنفيذ» خلال مراحل التطبيق، بمعنى أنه فى حالة وجود عقبات فى تنفيذ بنود الاتفاق، يتدخل المجتمع الدولى ومن شاركوا فى القمة لحلها، إضافة إلى تهيئة الظروف لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية فى مرحلة لاحقة، لاسيما فى ظل رفض إسرائيل وكذلك عدم جاهزية الولاياتالمتحدة بالاعتراف بحل الدولتين، منوها إلى أن هذا الأمر يأتى على مرحلة تلو الأخرى. وأكد سفير مصر السابق فى إسرائيل، أن قمة شرم الشيخ حققت أهدافها فى وقف الحرب على غزة، وبدء استعادة الاستقرار الإقليمى، والتحضير للانتقال للمرحلة الثانية من العملية السياسية حول غزة، من إعادة الاعمار القطاع، ووضع إطار دولى لعمليات التمويل المتعلقة بالإعمار، وأيضا عدم عودة الحرب مرة أخرى، لاسيما مع اعلان مصر لاستضافة مصر مؤتمر إعادة اعمار غزة فى نوفمبر المقبل. من جانبه، أوضح السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية السابق، ان مصر كان لها دور كبير وبارز فى وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، بالتنسيق والتعاون مع الوسطاء، وقال ان القاهرة كانت دائما على تواصل مع الأطراف ونجحت بشكل كبير فى بلورة خطة السلام فى غزة للرئيس الأمريكى ترامب التى أخذت فى الاعتبار المواقف العربية والفلسطينية والاسرائيلية. ولفت إلى أن قمة شرم الشيخ للسلام وضعت الصيغة الرسمية لاتفاق السلام فى غزة، وتعمل مصر والولاياتالمتحدة وقطر على تنفيذها على أرض الواقع، مشيرا إلى أن انعقاد هذه القمة فى شرم الشيخ يعد شهادة دولية واعترافا دوليا بالدور المصرى فى وقف الحرب على القطاع وتنفيذ خطة السلام. وأضاف أن المنطقة امام مرحلة جديدة فى عملية صنع السلام، ليس فقط صنع السلام على صعيد النزاع الفلسطينى الإسرائيلى ، وإنما صنع السلام الإقليمى، وأننا فى بداية هذه المرحلة، والايام المقبلة سوف تبين لنا كيف ستتطور هذه المرحلة؟ وإلى أين ستصل؟ لكن هناك تحول حدث فى المنطقة، وعلى كافة دول المنطقة أن تُنجح هذه الخطة. وقال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية السابق، وعضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، أن قمة شرم الشيخ للسلام، هى تتويج لجهود مصر بالتنسيق مع الوسطاء الاخرين لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وأضاف ان مصر دولة تحترم القانون الدولى وحقوق الشعوب فى تقرير مصيرها، ومن هذا المنطق لم تتوان مصر فى الدفع نحو حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين. لافتا إلى ان المشاركة الدولية الواسعة فى قمة السلام بشرم الشيخ، لاسيما من قبل الدول التى لم تعترف بحل الدولتين حتى الان، جاء تقديرا للدور المصرى وسعيها الدؤوب لوقف الحرب على القطاع، وأيضا ادخال المزيد المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين بشكل فورى ومستدام. وأوضح أن إعلان مصر لاستضافة مؤتمر «التعافى المبكر وإعادة الإعمار والتنمية» فى نوفمبر المقبل، يأتى فى إطار جهود مصر المتواصلة لإعادة اعمار قطاع غزة، ويؤكد الحرص على الانتقال السريع للمسار الإجرائى فى اتفاق حرب غزة. ويرى عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، ان قمة السلام تمثل خطوة فى غاية الأهمية لأن تكون بداية فعلية لإنهاء الصراع الفلسطينية الاسرائيلى والدفع نحو مسار حل الدولتين.