غابت عنَّا فجأة النغمة الهادئة التى كانت تضبط إيقاع صالة التحرير فى جريدة «الأخبار»، غادرنا الأستاذ خالد حجاج، مدير التحرير، لكنه لم يرحل من قلوبنا. كان الأستاذ خالد، أشبه ب «نسمة هواء» صافية وسط أعاصير صالة التحرير، كانت ابتسامته الهادئة وحدها تزرع داخلك الطمأنينة، وجهٌ بشوش لا يعرف التجهم، يصافحك بروحه لا بيده. كان يُعلّمنا كل يوم أن أقصى درجات القوة هى الاحترام والأخلاق، وأن أنجح إدارة التى تبدأ بإنصات أبوي، ثم تقديم النصيحة دون مقابل. عاش الراحل بزهدٍ نقيٍّ نادر، زهد عن كل ما هو مُزيّف، حتى فى عصر الهواتف الذكية، كان يكتفى ب «تليفون بزراير» بسيط، كان يفضل أن يرى الصدق فى العيون، لا صورة على شاشات الهواتف. كان ناصحًا أمينًا، يمنحك انتباهه ويُصغى ل «تعبك» قبل أن يُصغى ل «كلامك»، إذا نصح، كانت كلماته مهذبة، رقيقة، لم يرفع صوته يومًا، ولم يُغضب أحدًا، وإذا غضب سكت أو غادر. رحل الأستاذ حجاج ولكنه سيظل «خالدًا» فى قلوب محبيه.