رحل، الرجل الهادئ خفيض الصوت، عفيف اللسان، المهنى بحق، عرفته عن قرب، ولم أسمع له يومًا صوتًا عاليًا أو كلمة تجرح، فقد كان نقيًّا فى القول والفعل، مثالًا للخلق الكريم والاحترافية الصامتة. ما زلت أذكره وهو يواجه المرض، لم يكن المرض عنده سوى امتحان للإيمان، وقد اجتازه باليقين والثبات. رغم أن الفترة التى جمعتنى به لم تكن طويلة، إلا أن أثره العميق لا يُنسى. كان صادق النصيحة، رقيق المعاملة، شديد الحياء، قريبًا إلى القلب بصفاء سريرته، وكأنه يترك فى كل من يلقاه بصمة نور لا تزول. علّمنى بطريقته أن الهدوء قوة، وأن الرضا مقام عظيم، وأن الطيبة ليست ضعفًا بل هى شموخ الروح.