العالم تغير وموازين القوي اختلت وقضية فلسطين فى النفق الأخير خلال الساعات القليلة الماضية ترقب العالم كله ما سوف تسفر عنه خطة السلام التى أعلنها الرئيس الأمريكى ترامب فى أعقاب مباحثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وشملت خطة السلام العديد من الإجراءات لعل أهمها هو وقف حرب الإبادة فى قطاع غزة وإتمام آخر صفقة لتبادل الرهائن بين الجانبين غير أن الخطة شملت أيضاً العديد من البنود التى سوف يصعب تنفيذها، يأتى فى مقدمة ذلك عملية نزع السلاح من حركة حماس وغيرها من بقايا حركات المقاومة بالإضافة لإنهاء دور السلطة الفلسطينية وتدمير كل ما تبقى من البنية الأساسية التحتية لحماس والتأكيد على إنهاء دورها فى أى خطوات قادمة لإدارة قطاع غزة والذى سوف يشرف على إدارته مجلس للسلام يرأسه ترامب ويضم فى عضويته ممثلين لمجموعة من الدول من أصحاب الخبرة لم يذكر منهم سوى تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق شملت الخطة مجموعة من الوعود البراقة قد يصعب بل ويستحيل تنفيذها يأتى على رأسها حرية أعضاء حماس فى الحركة من خلال ممرات آمنة ومنع أى عمليات للتهجير مع وضع برامج للانسحاب التدريجى من قطاع غزة ووفق جداول زمنية محددة وإعطاء الحرية كاملة لأهالى غزة فى السفر من القطاع والعودة إليه.. وبغض النظر عن الآمال الكثيرة التى روجت لها الخطة دعونا نتوقف أمام مجموعة من الحقائق التى سوف تلعب دوراً كبيراً فى تحديد المستقبل. يأتى فى مقدمتها عملية الترويج الإعلامى الضخمة التى أحاطت بالخطة والتى جعلتها تبدو براقة وتحمل أملاً فى تحقيق السلام ليس فقط فى غزة ولكن فى كل دول المنطقة فبين ثنايا السطور تم الحديث عن عملية استكمال التطبيع ودخول دول أخرى إليه فى إطار رعاية ترامب لعملية أوسع للسلام حتى أنه ذكر إيران وإمكانية دخولها لمسلسل التطبيع، ورغم أن المؤتمر الذى عقده ترامب مع نتنياهو كان مخصصاً للحديث عن مبادرة أو خطة السلام الأمريكية إلا أنه تحول فى معظمه إلى حديث عن مدى الحماية والرعاية التى تحظى بها إسرائيل من الولاياتالمتحدة وخاصة مع وجود الرئيس ترامب سواء فى دورته الأولى كرئيس أو دورته الثانية مروراً بنقل سفارته للقدس والاعتراف بها عاصمة أبدية لإسرائيل. فى أكثر من موضع من حديث العشق المتبادل بين ترامب ونتنياهو أكد الرئيس الأمريكى على حق اسرائيل فى استكمال عملياتها العسكرية فى قطاع غزة فى أى حالة قد ترفض فيها حماس مقترحاته للسلام. تعمد الرئيس ترامب تكرار الحديث عن أن خطة السلام التى أعدها مع نتنياهو تمت بمشاركة ومباركة العديد من الدول العربية والإسلامية وهو أمر قد تنقصه الدقة فى كثير من الأحيان. استكمالاً لحديث العشق المتبادل أبدى ترامب اعجابه الشديد برئيس الوزراء الإسرائيلى وقال ان إسرائيل محظوظة بوجوده كرئيس للوزراء ولأن ساحل وشواطئ غزة لا تزال تمثل صفقة تزوغ فى عينه أبدى تعجبه من أن إسرائيل تركت شواطئ غزةللفلسطينيين قبل انسحابها عام 2005. وقال إنهم فى إسرائيل كانوا كرماء للغاية. لا أعتقد أن خطة ترامب سوف تحظى بأى قبول من حماس وهو أمر لا أتمنى حدوثه لأن العالم قد تغير وموازين القوى اختلت وآلاف الشهداء ضاعت دماؤهم سدى وقضية فلسطين دخلت النفق الأخير وقد يكون من الصواب الآن استراحة محارب يحمل غصن السلام بلا بندقية!!