برفقة أبى حامد الغزالى تصحبنا د. ريم بسيونى فى رحلة داخل أنحاء القلب لمحاولة إصلاحه حتى يضىء ولا يظلم، حتى يعرف ولا يجهل، حتى يحيا ولا يموت، فى هذه الرحلة سنعرف أنفسنا أكثر، ونعرف آفات القلوب ومرضها وطرق علاجها. يركز الكتاب على رحلة إصلاح القلب، من خلال استعراض فكر الإمام الغزالى، من خلال عدة محاور، أهمها: مفهوم القلب السليم؛ ما هو، وكيفية الوصول إليه، وعلاقة التصوف بإصلاح القلب، ويوضح أن التصوف ليس عزلة، بل هو طريق للعيش السليم بين الناس، ويسلط الضوء على آفات القلوب الروحية وكيفية التغلب عليها وطرق علاجها، كما يتناول مقامات القرب من الله، مثل: الصبر، والشكر، والتوحيد والتوكل، والحب والرضا، ويوضح ترابطها، ويتصدى للتعصب والتشدد، ويؤكد على أهمية فكر الغزالى فى مواجهة الأفكار المتطرفة.. قّسمت «ريم» الكتاب إلى ستة أبواب، جاء الأول منها تحت عنوان «بداية الرحلة»، وهو باب تعريفى برحلة أبى حامد الغزالى وشخصيته منذ الصغر، وعن بداية شروعه فى سلوك طريق الصوفية، ثم يأتى الباب الثانى: «علاج القلب عند أبى حامد: معجون العلم والعمل»، ويتضمن كيفية علاج القلب، فكما تأخذ دواء إذا كنت مريضًا تحتاج أولًا أن تعرف المرض، ثم تعمل على إزالته، وهنا نتعرف على كيفية تطهير الأخلاق وآفات النفوس وعيوبها، ونتعرف على بعض حيل الشيطان معنا، ثم يعطينا منهجًا لكيفية تحصيل العلم وشروط معرفة الطريق الصواب فى الرحلة.. «الوصول إلى المقامات»، عنوان الباب الثالث، وفيه تتطرق المؤلفة إلى المقامات المختلفة مثل الصبر، والشكر، والتوحيد، والتوكل، والرجاء، وغيرها من المقامات التى نقرأ عنها طوال الكتاب، وكلها تهدف إلى الوصول إلى الحب والرضا، فعندما نستغرق فى الحب ندرك أنه المحطة الأهم فى الرحلة كلها، وبالحب تتبدى لنا الحقائق فندرك المعنى والهدف من الرحلة كلها. ويكشف لنا الباب الرابع: «الحقيقة عند الغزالى»، أننا خلقنا من نفس واحدة نعم، ولكننا لسنا متساوين فى القرب والبعد، فى اليقين والطمأنينة، فهناك من يتجه إلى الله بكل قلبه فيصبح من الراسخين فى العلم، وهناك من لا يريد إلا النظر لوجه الله والقرب منه، وهناك من يبتغى بالعبادة الجنة والنار ومتاع الدنيا الذى اعتاد لا أكثر، وهنا تؤكد د. ريم بسيونى، أنه من أجل كل هذا خصصت الباب الخامس من كتابها لعلوم الخواص، لأنه لا يمكن الحديث عن الغزالى دون التطرق إلى أفكاره، التى اختص بها الراسخين فى العلم.. أما فى الباب السادس والأخير الذى جاء تحت عنوان: « البحث عن المعنى»، فقد قدمته المؤلفة فى ثلاثة فصول؛ الغزالى والفلسفة، الغزالى والمرأة، المعنى التائه عند منتقديه، وفيها تتناول الانتقادات التى تواجهها برفقة الغزالى، وتقول: « هناك من أساء فهم الغزالى، وهناك من لم يقرأه بعين الحب، وهناك من سطا عليه وغير أفكاره لأغراض أيديولوجية؛ فرجل مثل الغزالى نتوقع أن يكثر الكلام حوله، لذا خصصت الباب الأخير لعرض بعض النقاط عن هذا الموضوع، أردت أن أشارك القارئ بعض المتعة والفهم بصحبة هذا المخلص».. فى خاتمة الكتاب كتبت د. ريم بسيونى: «الحقيقة أن الغزالى يعلمنا كيف نعيش فى المجتمع ونرتقى به لا كيف نترك الناس ونعتزل الدنيا، يعلمنا كيف نعيش وكيف نموت بقلب سليم، هدفه كان المجتمع والنهوض به، هدفه كان الإنسان وصحة قلبه، كان الغزالى طبيبًا لنا ومعلمًا ورفيقًا»، «برفقة أبى حامد الغزالى؛ إصلاح القلب»، صادر عن دار المعارف.