الإسكندرية: محمد مجلى ليست مجرد قصة عن جريمة قتل، بل هي قصة عن شاب انتهى طريقه في الحياة بينما كان يسعى جاهدًا لتحقيق رزقه. في مدينة الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، تحولت طموحات محمد ناصر خليفة إلى مأساة مدمرة، عندما تحولت لقمة العيش التي كان يكدح من أجلها إلى سبب لموته. محمد كان شابًا مكافحًا، يعمل بمركبته الصغيرة (التوك توك) ليساعد أسرته ويسد احتياجاتهم، ويحلم بمستقبل أفضل لنفسه ولهم. كان معروفًا بأخلاقه الطيبة، وهدوء طباعه، ومحبته للجميع، وهو ما جعل خبر وفاته صدمة موجعة لأهله وجيرانه وكل من عرفه. كانت بداية المأساة شجارًا بسيطًا على أولوية الدخول لمحطة وقود، خلافٌ عابرٌ كان يمكن أن ينتهي في لحظات، لكنه أوقد شرارة الغضب في نفوس مجموعة من الشباب الذين قرروا الانتقام، لم يكتفوا بفض الشجار، بل عادوا مسلحين، باحثين عن محمد، حتى وجدوه وانهالوا عليه طعنًا بلا رحمة، في جريمة لا تليق بإنسانية القتلة. توقفت حياة محمد فجأة، وانطفأ نور عين أمه وأبيه، وسُرق حلم عائلة بأكملها، تاركين خلفهم حسرة وألمًا لا يزولان، يظل صوت أمه يردد «حسبي الله ونعم الوكيل»، بينما يطالب والده بالقصاص العادل، ليكون حق ابنه الشهيد على أيدي هؤلاء المجرمين. حلت حالة من الحزن الشديد والأسى على أسرة الشاب الراحل محمد ناصر خليفة وأقاربه وجيرانه وأصدقائه فور انتشار خبر وفاته لما عْرف عنه بأنه حسن الطباع وهادئ النفس ومحب للجميع ويعمل على مساعدة كل من حوله صغيرًا وكبيرًا ما جعل أبناء المنطقة فى حالة هلع وحزن بعد رحيله خاصة وأنه رحل على يد مجموعة من البلطجية وأن السبب فى ذلك أولوية دخول محطة البنزين. قال محمد السيد، من سكان المنطقة: إن محمد كان شاب مكافح يسعى على لقمة العيش شأنه شأن كل إنسان شريف يريد أن يأكل من عمل يده وكان يساعد أسرته على أعباء الحياة الصعبة، مؤكدًا أن خبر وفاته نزل كالصاعقة على الجميع متمنيا له الرحمة والمغفرة وان يلهم والديه الصبر والسلوان. قلب أمه انتقلت «أخبار الحوادث « لترصد وتتابع رد فعل الأم حيث تبين أن المجنى عليه كان الولد الوحيد لأبويه على3شقيقات وأنه يسهم مع والديه فى نفقات البيت وسد احتياجاتهم. ظلت والدة محمد ناصر في حالة من الصدمة والحزن الشديدين منذ معرفتها بخبر مقتل نجلها، وتساءلت لماذا حدث هذا الموقف مع نجلها؟ قائلة: لا أكاد أصدق أن نجلي قد مات غدرا، أثناء بحثه على لقمة العيش مرددة عبارة «حسبي الله ونعم الوكيل فيمن تسبب فى وفاة ابني». وأكدت والدة المجني عليه، ل «أخبار الحوادث»: أن محمد هو ابني الوحيد على 3 بنات وبمقتل محمد فإن الحياة لم يعد لها أي طعم أو لون فأنا فقدت نور عينيى فى الدنيا، وقالت: «ابنى ما يستاهلش يموت غدراً بهذه الطريقة المأسوية والبشعة، فكل الناس تعرف من هو وكان حنين وجدع ويعتمد عليه». وأضافت : «محمد اعتاد الاعتماد على نفسه منذ صغر سنه وأنه يحب العمل والشغل وكان بيصرف على نفسه ويساعدنا فى مصاريف المنزل ويلبي احتياجات البيت، وكان نفسه يعمل حاجات كتير لكن المجرمين عديمي الرحمة قرروا إنهاء حياته وحياتنا». وروت والدة محمد ناصر، تفاصيل الواقعة قائلة: فى يوم الواقعة خرج محمد كعادته من المنزل بحثًا عن رزقه كما اعتاد يوميًا وأثناء توجهه إلى محطة البنزين بشارع المكس لتمويل «التوك توك» فوجئ بسيارة تحلق عليه ووقع تصادم ووقعت مشاجرة لكن تدخل الأهالي وفضّوا الموقف. و»تابعت»: عقب ذلك غادر المتهمان وواصل محمد عمله قبل أن يتوجه إلى الموقف الرئيسي فى الوقت الذي قام فيه المتهمان اللذين تشاجرا معه فى إحضار شخصين آخرين وظل الجميع يبحث عنه الى أن عثروا عليه و اصطحبوه فى شارع جانبي من شوارع المكس وطعنوه فى قلبه بخنجر واخر طعنه بمطواة وقطعوا له الشريان التاجي قبل أن يقوم اخر بطعنه فى وجه وأنه تم نقله إلى المستشفى لتلقى العلاج ومات ابني بعد أن توقف قلبه 10 مرات. وهنا تبكي والدة المجني عليه بحرقة قبل أن تُكمل قائلة: محمد قبل وفاته طلب منى اسامحه لأنه سيتركنى فى الدنيا وحيدة ثم طلب شربة ماء وأن أحتضنه وقبًل يديى ثم مات وفارق الحياة، قائلة : وحشتني طلته ونفسه أشوفه كل يوم واخده فى حضني مطالبة بالقصاص العادل من المتهمين وأن ينالون عقابهم حتى تهدأ نارها. من جانبه قال ناصر خليفة والد المجنى عليه: إن محمد تعرض لجريمة مكتملة الأركان وأن ركن الإصرار والترصد كان واضحًا حيث بحث المتهمون عنه وما أن وجدوه أخرجوا أسلحتهم البيضاء التي كانت بحوزتهم وطعنه الأول فى قلبه بخنجر وطعنه الثاني بمطواة وعند محاولة الإمساك بهم طعنوه فى وجهه. وأضاف ل»أخبار الحوادث»: «أنه نقل ابنى إلى مستشفى رأس التين، بمنطقة الأنفوشي بحري، والأطباء حاولوا تقديم كل الاسعافات اللازمة له حتى مع توقف قلبه 10 مرات ظلوا يحاولون انعاشه وانقاذه ليبقى على قيد الحياة لكن دون جدوى لأن الطعنات كانت نافذة. وقال الأب:» محمد كان من الشباب الذين يتحملون المسئولية بكل رجولة، يساعد الجميع ويسهم فى مصاريف البيت فى ظل الأعباء المالية الصعبة، كان نفسي أنا وأمه نفرح بيه لكن منهم لله قتلوا فرحتنا وسرقوا نور عينينا». بلاغ للأمن تعود الواقعة إلى تلقي اللواء رشاد فاروق محمد، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن الإسكندرية، إخطارًا من قسم شرطة مينا البصل، يفيد بورود إشارة من أحد المستشفيات بوقوع جريمة قتل بنطاق دائرة القسم، ووصول المجنى عليه متأثرًا بجراحه وتبين قيام 4 أفراد بطعنه حتى الموت. على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية وضباط مباحث قسم شرطة مينا البصل إلى موقع تواجد المجنى عليه بالمستشفى وتبين أنه يدعى محمد ناصر، 24 سنة، سائق توك توك وأنه قد فارق الحياة، وجرى فحص الجثة وتبين أنه كان يرتدى كامل ملابسه وبمناظرتها تبين وجود عدة إصابات نتيجة تلقيه طعنات نافذة. وأجرت وحدة مباحث قسم شرطة مينا البصل، التحريات اللازمة وتبين أنه يوم ارتكاب الواقعة، ظهر المجنى عليه وهو يقود مركبة توك توك خاصته بالطريق العام بشارع المكس وأثناء قيامه بالتوجه إلى احدى محطات تمويل الوقود للدخول فوجئ بشخصين آخرين أحدهما يقود السيارة والثاني يجلس بجواره كان فى طريقهما للمحطة ووقعت بينه والمتهمين مشادة كلامية تحولت إلى مشاجرة كلامية بين الطرفين على أسبقية دخول المحطة. وبحسب التحريات، فقد تبين أن الأهالى وعددا من عمال المحطة والمتواجدين بمحيط المحطة تدخلوا لفض المشاجرة بين الطرفين ثم انصرف المتهمين وعادوا بعد وقت مستقلين نفس السيارة ومعهم آخرين وبحوزتهم أسلحة بيضاء عبارة عن «مطواه و خنجر» وبدأوا البحث عن المجنى عليه بنطاق محل عمله بالمنطقة التي يتجول فيها بالتوك توك خاصته. وكشفت تحريات المباحث الجنائية؛ أنه بمجرد عثور المتهمين على المجنى عليه ربطوه عنوة واقتادوه إلى شارع المكس الرئيسي بنطاق دائرة قسم شرطة مينا البصل وانهالوا عليه ضربًا بالأيدي وباستخدام الأسلحة البيضاء التي كانت بحوزتهم وسددوا له ضربات متفرقة فى جسده ثم لاذوا بالفرار. على الفور نقل الأهالى المجنى عليه إلى أحد المستشفيات القريبة لتلقي العلاج لكنه توفى خلال وقت قصير من لحظة وصوله إلى المستشفى، فيما جرى إعداد الأكمنة وضبط المتهمين وتحرر محضر بالواقعة حمل رقم 12688 لسنة 2025 جنح قسم شرطة مينا البصل. النيابة تحقق من جانبها باشرت النيابة العامة التحقيق في الواقعة وأمرت بسرعة تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة وتشريح جثة المجنى عليها لبيان سبب الوفاة والتصريح بالدفن عقب ورود تقرير الطب الشرعي وسماع أقوال شهود عيان الواقعة وتفريغ كاميرات المراقبة الموجودة بمحيط الحادث، واستعجال تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه مرفق معه تقرير المعمل الجنائي. كان المحامي العام الأول لنيابات غرب الإسكندرية انتدبت فريقا من النيابة العامة للتحقيق فى الواقعة واصطحب المتهمين إلى مكان وقوع الجريمة بشارع المكس بغرض تمثيل جريمتهم حيث جاءت عملية تمثيل الجريمة متوافقة مع التحريات التي أجريت بمعرفة قسم شرطة مينا البصل ومع أقوال المتهمين خلال استجوابهم. وأمر قاضي التجديد الوقتي بمحكمة جنح مينا البصل، بحبس المتهمين المتورطين لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق ووجهت لهم تهمة القتل العمد، على أن يراعي التجديد لهم فى الميعاد. اقرأ أيضا: فحص سجلات قسم شرطة مينا البصل في قضية عقار كرموز المائل