فى مقالى بتاريخ 6/4/2024 بعنوان «الثمن المناسب»، قلت إن المكسب الوحيد الذى يمكنه تعويض الفلسطينيين جزئيًا عما بذلوه من تضحيات سواء من فقدان لمئات الآلاف من الأرواح وآلاف الإصابات أو تدمير منازلهم أو تشريدهم وتهجيرهم قسرًا، هو أن يؤدى ذلك لتوسيع الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية، وقلت إن ذلك بات قريبًا بعد ما أذابت سخونة دماء الفلسطينيين الزكية الجليد عن العديد من المواقف الدولية المعارضة. وهذا ما حدث بالفعل مع توالى الاعترافات بدولة فلسطين، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، من دول كانت أبعد ما يكون عن هذا التحرك، وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا. ورغم ارتفاع عدد الدول المقرّة بدولة فلسطين، بعد الاعترافات الأخيرة، لأكثر من 151 دولة «حوالى 75٪ من الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة»، يظل ميلاد الدولة الفلسطينية مرهونًا بقرار من مجلس الأمن نعلم جميعاً أن الفيتو الأمريكى يقف له بالمرصاد. لكن هذه الحقيقة التى يفرضها نظام دولى مجحف وجب تغيره، لا تقلل من أهمية الخرق الذى حققه الفلسطينيون بدمائهم لجدران المجتمع الدولى الصماء، لدرجة أن تصبح غزة، ليست فقط القضية الأبرز على طاولة هذا الحدث الدولى الأكبر فى العالم، ولكن أيضًا المحفز لأكبر صرخة تمرد على الهيمنة الأمريكية. فتراكم الاعترافات رغمًا عن الإدارة الأمريكية، التى أعلنت صراحة أنها تعارض أى خطوات للاعتراف بدولة فلسطينية، ومن دول اعتادت المشى فى الركاب الأمريكى، يمثّل إحراجاً سياسياً لواشنطن، ويعكس تآكل نفوذها وعجزها عن فرض «إجماع دولى» حول رؤيتها. كما أن تجاهل الدول لتهديدات واشنطن بأنها (ستنظر للدول التى قد تتخذ ما وصفته ب «الخطوات المعادية لإسرائيل» على أنها تعمل ضد مصالح السياسة الخارجية الأمريكية، وقد تواجه عواقب دبلوماسية)، بمثابة ضربة تعيد صياغة ميزان القوى وتفتح الباب أمام نظام عالمى أكثر تعددية. يبقى القول بأن هذه الاعترافات ليست منة أوفضل ولكن حق مشروع للفلسطينيين، الشعب المحتل الوحيد فى العالم، وانحياز واجب للانسانية وللقوانين والشرعية الدولية.