التعامل مع الآثار المصرية باستهتار، سواء كان من خلال الإهمال أو السرقة أو السطو الفنى على التراث البصري، لا يمثل مجرد جريمة في حق التاريخ، بل إساءة مباشرة لصورة مصر أمام العالم. مؤخرًا أيّدت محكمة النقض تغريم الفنانة التشكيلية غادة والى 10 آلاف جنيه (فقط) بعد إدانتها بسرقة لوحات الفنان الروسى جورجى كرواسوف واستخدامها فى تصاميم محطة مترو "كلية البنات"، فى واقعة أثارت جدلًا كبيرًا حول ضوابط حماية حقوق الملكية الفكرية وسمعة الفن المصري. وقبلها بأيام هزت مصر واقعة أخرى أكثر فداحةً، حين أقدمت موظفة بالمتحف المصرى فى التحرير على سرقة إسورة ملكية ذهبية عمرها 3300 سنة، قبل أن يتم كسرها وصهرها وبيعها بثمن بخس (180 ألف جنيه) بأحد الأسواق الشعبية، لتتحول تحفة إبداعية نادرة من حضارة أجدادنا إلى قطعة خردة معدنية ذابت وسط قطع أخرى واختفت من الوجود للأبد! هذه الحوادث، وإن بدت متفرقة، تعكس مشكلة أعمق تتعلق بضعف الوعى بقيمة التراث الحضاري، وغياب الردع الكافى، وأحيانًا تساهل القوانين فى مواجهة من يعبثون بتاريخ لا يرتبط بمصر ويخص الإنسانية كلها. والحقيقة أن مصر التى تبهر العالم كل يوم بآثارها الفرعونية، من أهرامات الجيزة إلى كنوز مقابرها البديعة، لا يجوز أن تهتز صورتها بسبب تصرفات فردية غير مسئولة، خصوصًا ونحن نقف على أعتاب الافتتاح الأسطورى المرتقب فى مطلع نوفمبر المقبل لأعظم صرح حضارى فى العالم، وهو المتحف المصرى الجديد. والسؤال الآن: هل تكفى العقوبات الحالية لردع من يستهينون بتراث عمره آلاف السنين؟ أم حان الوقت لتغليظ العقوبات؟.. رجاءً اضربوا على أيادى اللصوص والمفسدين بقوة.. عاقبوهم بشدة لتبقى مصر حارسًا أمينًا لإرث حضارى لا يقدر بثمن.