■ بقلم: زكريا أبوحرام شكل وعد بلفور منذ صدوره عام 1917 جوهر الاعتراض العربي على السياسات البريطانية فى فلسطين، وأساسًا للمقاومة الفلسطينية، فقد كان وعدًا ممن لا يملك لمن لا يستحق، وبعد ما يزيد على قرن من الزمان تقوم بريطانيا بخطوة تعد بمثابة تصحيح للخطيئة التاريخية التي ارتكبتها بحق العرب وفلسطين، باعترافها التاريخى أخيرًا بالدولة الفلسطينية، تلتها عدة دول بإعلانها الاعتراف بدولة فلسطين ومن بينها كندا وأستراليا والبرتغال، والبقية ستأتى تباعًا، فما ضاع حق وراءه مطالب، وتأتي هذه الخطوة بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يقر إعلان نيويورك بشأن تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، بأغلبية 142 دولة ومعارضة 10 وامتناع 12 عن التصويت. والقراءة المتأنية لوعد بلفور تؤكد اغتصاب اليهود للأراضى الفلسطينية، فالوعد يؤكد ذلك بصراحة ووضوح: «إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين»، أى لم يكن لإسرائيل أى ذكر أو حتى مجرد إشارة، فقد كانت دولة واحدة إنها فلسطين ولكنه الاستعمار، والصراع بين أهل الأرض الأصليين «الفلسطينيين» والمغتصب «اليهود» الذى أدى إلى ما هو مطلوب أو ما يُسمى الآن ب«حل الدولتين»، ورغم تنامى الموافقات الدولية بدولة فلسطين نجد من يقول وببساطة إن إقامة دولة فلسطينية ليست مسألة واقعية لأنه لا يمكن تحديد حدودها أو من يتولى إدارتها. ومع قتامة الصورة التى نشاهدها كل يوم من تدمير كامل لقطاع غزة، وإبادة جماعية، إلا أن ما يحدث من تزايد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، يؤكد أن هناك بصيصًا من أمل يخرج من بين الركام، ويؤكد أن المغتصب مهما دمر وأحرق إلا أنه لن يستطيع أن يطمس أو يمحو، فما هو موجود بالفعل فى الأرض من آثار تؤكد الوجود العربى والفلسطينى ومن لا يعرف فليسأل التاريخ، وإذا غُم الأمر عليه ولم يفهم، فجغرافية المكان وما بها من آثار، بكل تأكيد يجعل حتى الجاهل بالتاريخ يمكن أن يستدل على الهوية الفلسطينة ومن هم أصحاب الأرض، ومن هم المغتصبون.