وفقا لاتفاقيات أوسلو وما بعدها، كان المفترض أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67 قبل عشرين عاما على الأقل. ما حدث هو أن إسرائيل اغتالت إسحق رابين وسدت طريق السلام وحاصرت السلطة الفلسطينية وكانت السند الكبير للانقسام الفلسطينى واستمرت فى التوسع الاستيطانى لكى تنهى كل أمل فى قيام دولة فلسطين، ولتضع العالم أمام الأمر الواقع الذى يتم فرضه بحرب الإبادة وغطرسة القوة ومخططات التهجير. الآن، ومع إعصار الاعتراف الدولى بدولة فلسطين، يقر مجرم الحرب نتنياهو مرة أخرى بأنه قضى سنوات عمله السياسى فى العمل الدءوب والمجرم لإغلاق كل الطرق أمام -حل الدولتين- وقيام فلسطين المستقلة. ويدرك العالم أن ثلاثين عاما من التفاوض العبثى مع إسرائيل من أجل إقرار السلام العادل لم تكن - بالنسبة لإسرائيل - إلا فصولا من المراوغة وإضاعة الوقت وإجهاض أى فرصة للتقدم على الطريق إلى سلام حقيقى. ومع حرب الإبادة وجنون التوسع والإصرار على استمرار المذابح الإسرائيلية والتهديد بضم الضفة واستكمال تهويد القدس، كان على العالم أن يتحرك، وكان على أكبر الحلفاء الغربيين لإسرائيل أن يصححوا مواقفهم ويدركوا أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يمكن أن يتأخر أكثر من ذلك!! تدرك إسرائيل (ومعها الولاياتالمتحدة) أن ما يحدث هو نهاية طريق كان عنوانه أن يكون قيام دولة فلسطين مرهونا بموافقة إسرائيل وبشروطها(!!) وهو الطريق الذى أضاع عشرات السنين وأجهض كل الفرص ووضع المنطقة كلها على حافة الانفجار. تدرك إسرائيل أن الطريق ينفتح للشرعية الدولية، وأنها نفسها قامت بقرار دولى يتضمن فى نفس الوقت الاعتراف بحق فلسطين فى دولتها المستقلة، وتدرك أيضا أن اعتراف دولة كبرى مثل بريطانيا اقترن بإقرارها بأنها تصحح خطأها التاريخى منذ وعد بلفور(!!) وتدرك أنها ستكون الآن أمام موقف مختلف (سياسيا وقانونيا) لأنها تحتل أراضى دولة ذات سيادة اسمها فلسطين وعاصمتها القدس. فلسطين تقوم بإرادة دولية ستنتصر على كل العقبات، وستتحرر أرضها فى الضفة وغزة والقدس لتكون فلسطين لا لتكون منتجعات سياحية أو مستوطنات صهيونية(!!) لم يعد العالم قادرا على تحمل جرائم إسرائيل وأخطاء التاريخ. لا يستطيع نتنياهو حتى أن يكرر أكذوبته القديمة بأن الاعتراف بفلسطين يعرقل عملية التفاوض بينما يتباهى بأنه أفشل كل تفاوض مع الفلسطينيين على مدى عمره السياسى. يكتفى مجرم الحرب بأكذوبة لم يعد يصدقها أحد بأن الاعتراف بفلسطين مكافأة لحماس وليست حقا مشروعا لشعب فلسطين. المفارقة أن المكافأة الوحيدة للإرهاب ستكون حين يكون فى مقدور مجرم حرب مطارد من العدالة الدولية ومتهم بارتكاب الإبادة الجماعية أن يتحدث مرة أخرى - وربما أخيرة- من منبر الأممالمتحدة. ومع ذلك ربما تكون نهاية تليق بنتنياهو أن يشهد بنفسه كيف ينتصر العالم للحق الفلسطينى!!