رغم المظاهرات الحاشدة ضد الزيارة، ورغم غياب عشرات النواب والشيوخ الديمقراطيين وفى مقدمتهم كامالا هاريس نائبة الرئيس التى كان مفترضا أن ترأس الجلسة التى يتحدث فيها نتنياهو.. فقد كان المشهد داخل القاعة كاشفا لأسوأ ما فى السياسة الأمريكية المنحازة بلا قيد أو شرط للكيان الصهيونى الذى نشأ واستمر بالإرهاب وحده. كانت المرة الرابعة التى يتحدث فيها نتنياهو إلى الكونجرس لكن الظروف شديدة الاختلاف عن كل ما سبق. هذه المرة يأتى نتنياهو وهو مجرم حرب مدان من العدالة الدولية، ويداه ملطختان بدماء 40 ألف شهيد فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء يأتى ليلقى أطنانا من الأكاذيب المفضوحة والادعاءات الزائفة.. ومع ذلك يستقبله ممثلو السلطة التشريعية الأمريكية بهذه الحفاوة، ليكون المشهد كاشفا عن سقوط سياسى وأخلاقى غير مسبوق من دولة كبرى لم تتوقف عن الادعاء بأنها المدافع الصلب عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الشعوب! نتنياهو -من جانبه- قدم خطابا يليق بمجرم حرب وقاتل يعتبر الإبادة الجماعية لشعب فلسطين إنجازا يستحق الاحتفاء به من جانب نواب أمريكا وشيوخها!! فوقف يعدهم بالمزيد، ويقول لهم إنه يقتل أطفال فلسطين دفاعا عن إسرائيل.. وعن أمريكا!! ولو استمع نواب أمريكا فقط لصوت غالبية مواطنى إسرائيل نفسها وهم يطاردون نتنياهو ويطلبون إسقاطه أو لصوت شباب أمريكا المعارض للحرب.. لأدركوا أى جريمة يرتكبونها حين يقفون مع قاتل الأطفال ومجرم الحرب الذى ستدفع أمريكا غاليا ثمن جرائمه التى يصفقون لها حتى وهو يتهم المعارضين لسياسته من الشعب الأمريكى والمسئولين الأمريكيين بأنهم عملاء لإيران وأعداء للسامية!! ما قاله نتنياهو بعد ذلك ليس فيه إلا المزيج المعتاد من الأكاذيب والمغالطات والوعد بحرب بلا نهاية، وبإشعال النيران فى كل المنطقة.. وعلى أمريكا أن تقدم السلاح والمال والفيتو لأنه يحارب دفاعا عنها!!.. وبالطبع لا كلمة عن 40 ألف شهيد فلسطينى حتى الآن، ولا عن استباحة الضفة الغربية والقدس المحتلة، ولا عن تهديدات حليفه بن غفير بتغيير الأوضاع التاريخية فى المسجد الأقصى، ولا عن دولة فلسطين التى يعرف العالم أنه لن يكون سلام إلا بقيامها على حدودها المشروعة وبقدسها المحررة.. أما مستقبل المنطقة فيسضمنه بالتحالف مع دول السلام الإبراهيمى الذى فرضه ترامب فى فترة رئاسته الأولى ضمن مخططه لتصفية القضية الفلسطينية!! ليس هناك من جديد عند نتنياهو ولن يكون. وليس هناك ما يمكن إضافته إلى التواطؤ الأمريكى مع إسرائيل، الذى يجعل الدولة الأقوى فى العالم شريكة فى كل جرائم الكيان الصهيونى. سيعود نتنياهو إلى «تل أبيب»، ليواجه الواقع المرير وينتظر أمر الاعتقال الدولى من المحكمة الجنائية الدولية. وسيبقى هذا السقوط الأمريكى هو كل ما قدمته إسرائيل للدولة التى كانت تقود العالم تحت شعارات الحرية وحقوق الإنسان.. وستبقى الشعوب العربية رافضة للمشروع الصهيونى الأمريكى لتصفية القضية الفلسطينية تحت وهم «السلام الإبراهيمى»، أو أى مشروع وهمى آخر وسيبقى الحق الفلسطينى هو طريق السلام والاستقرار فى المنطقة.. ولو كره مجرمو الحرب، ومن يدعمونهم أو يحتفون بجرائمهم!