فى وسط هذه «العتمة» تجد وجوهًا مشرفة تسعى لحل مشاكل المواطن.. أى يعملون لوجه الله بوجه متجهم وملامح حادة متقمصًا شخصية ناظر المدرسة قال الموظف المسئول بالتراخيص بجهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة بلهجة حاسمة «فوت علينا بعد شهرين» كان الرد بمثابة صدمة لى.. سألته وهل هذا الطلب «الهايف» يستحق أن يقبع فى الأدراج لمدة شهرين مع أنه يخلص فى ساعة زمن.. قال: الطلبات كثيرة جدًا حنعمل إيه؟ شعرت بالغيظ منه لكننى لم أشأ الدخول فى معركة معه وهو يستحقها بالفعل، فكرت هناك من نشكو إليه لينهى هذا الإجراء البسيط جدا فلم أشغل بالى به وتركته وهو يقول: والله كنت متوقعًا منك هذا السؤال! هذه عينة من موظفى الجهاز الذين يتفنون فى تعطيل «المراكب السايرة» والعكننة على خلق الله، فهو لم يجد من يحاسبه أو على الأقل يسأله بينما يستطيع هو إن أراد أن ينهى هذا الطلب خلال ساعة واحدة لكنها البيروقراطية التى تعشعش فى أجهزة المحليات عمومًا وفى كل أحياء مدن مصر. لا أعرف ما الفائدة التى يجنيها مثل هؤلاء الأشخاص من تعطيل مصالح المواطنين وتكتشف خلال رحلتك البطيئة المزعجة فى جهاز تنمية القاهرة الجديدة أن هناك من يضيع الأوراق لتلجأ إليه مضطرًا لكى يزعجك، فلا فرق بين ذاك الجهاز وأى حى من أحياء العاصمة.. الحكاية واحدة والتفاصيل كما هى، بينما أنت تسعى لإنجاز طلبك حتى لا تأتى مرة أخرى. اكتشفت على مدى الشهور الماضية أن هذا هو حال معظم الموظفين فى المدن الجديدة وأنه لا فروق جوهرية كما كنت أظن بين الأحياء وأجهزة المدن وأنه لا وجود حقيقيًا للرقمنة كما ندعى زورًا وبهتانًا وأن التعامل من خلال الشباك الواحد أكذوبة كبرى من اختراعنا نحن ولا ذنب لأجهزة الحاسب الآلى التى لو نطقت لاتهمتنا بقلة الضمير وغياب الانضباط. من المفترض ألا نلجأ إلى «الواسطة» لإنهاء طلباتنا مطلقًا ومن المفترض أيضًا أن يعلم صاحب الطلب المدة القانونية للحصول على معاملته لأن ما يحدث فى هذا الجهاز مهزلة بكل المقاييس وخاصة فى قطاعات بعينها مثل التراخيص والعقارية فلابد أن يشعروك بأنك داخل على معركة كبرى وعليك أن تتحمل ولا تشكو أو تمل. الغريب أن هناك نوابًا لرئيس الجهاز يفترض أن تشكو لهم من طول بعض الإجراءات وهم مسئولون بالدرجة الأولى عن جميع الموظفين ورغم ذلك لا يقوم معظمهم بعمله ولدى قائمة بأسماء هؤلاء المتقاعسين والأغرب أن رئيس الجهاز السابق المهندس عبد الرءوف الغيطى الذى عين قبل عدة أيام مساعدًا لنائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية «ترقية» يقوم يوميًا بالمرور على أرجاء المدينة لمتابعة المشروعات والخدمات ومحدد مواعيد لاستقبال شكاوى المواطنين ورغم ذلك لا يقوم بالمرور على الموظفين أثناء العمل ليعرف ويسأل المتعاملين عن مشاكلهم ولذلك يشكو أغلب الناس ولا يستمع لهم أحد ولا تحل مشاكلهم. فى وسط هذه «العتمة» تجد وجوهًا مشرفة تسعى لحل مشاكل المواطن.. أى يعملون لوجه الله ومن هؤلاء وبصراحة شديدة الأستاذ محمد خليل المدير بمكتب رئيس الجهاز واجهة مشرفة يمتص غضب المواطن بسهولة ويبذل كل جهده للمساعدة والأستاذ عصام محرم رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية الذى تستطيع الدخول إليه فى أى وقت فيستقبلك بترحاب ويزيل عنك غضبك ويستمع إليك باهتمام ويساعد فى حل مشكلتك ويشرح لك خطوتك المقبلة دون تبرم أو ضيق.. هذه النماذج موجودة لكنها قليلة فى جهاز القاهرة الجديدة ولولاها لخرجت تصب جام غضبك على اليوم الذى دخلت فيه هناك. عمومًا جاء رئيس جديد لجهاز تنمية القاهرة الجديدة هو المهندس أحمد رشاد قادمًا من جهاز تنمية مدينة العبور أرجو أن يبدأ عمله وأمام عينيه خطة واضحة لحل مشاكل المتعاملين مع الجهاز بيسر وسهولة.