مازلنا نتابع قضية لعبة «روبلوكس»، تلك اللعبة الكارثية التي باتت تهدد براءة أطفالنا وسلامتهم النفسية والجسدية، ففي العدد رقم (1746) بتاريخ (11 سبتمبر 2025) كنا قد فتحنا ملف خطورتها، وكشفنا الأضرار الجسيمة التي تخلفها بين صفوف الصغار، بدءًا من استدراجهم لمحتويات غير لائقة، وصولًا إلى تعريضهم لابتزاز واستغلال ممنهج، فاليوم تتصاعد الأزمة على نطاق أوسع؛ إذ بدأت دول عديدة تتخذ إجراءات صارمة تجاه المنصة، أبرزها حظر خاصية الدردشة داخل اللعبة، بعدما تزايدت الشكاوى من كونها منفذًا يستغله الغرباء للتواصل مع الأطفال بطرق مشبوهة وخطيرة، هذه الخطوة تأتي لتؤكد أن الخطر الذي تحدثنا عنه لم يكن مجرد تحذير استباقي، بل واقعا تتعامل معه الحكومات بجدية متزايدة، تفاصيل اكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية. داخل تحقيقنا بالعدد الماضي وضحنا أن روبلوكس هي واحدة من الألعاب التي اكتسبت شعبية كبيرة في أوساط الأطفال والمراهقين على مدار السنوات الماضية، وبالرغم من المتعة الكبيرة التي توفرها والمزايا الأخرى التي سنتطرق إليها أيضًا، إلا أن لعبة روبلوكس الإلكترونية أثارت جدلاً واسعًا وقلقًا متزايدًا لدى أولياء الأمور، بعد تواتر بلاغات يومية عن استغلال الأطفال والتحرش بهم عبر منصاتها التفاعلية، ما دفع عدد من الدول الخليجية والعربية إلى حظرها نهائيًا، حماية للأطفال والمراهقين. كما انه قبل مثول الجريدة للطبع خرج مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية وحذر من تلك اللعبة اللعينة ووضح أنها تهدد أبناءنا، لم يتوقف الأمر هنا فقط، بل خرجت السعودية والإمارات و ألزمت الشركة بوقف محادثة اللعبة ومراقبة المحتوى، وبالفعل أعلنت شركة روبلوكس عن فرض قيود جديدة على بعض خصائص منصتها الشهيرة للألعاب في كل من السعودية والإمارات، وذلك في ظل تنامي المخاوف بشأن سلامة الأطفال وتشديد الإجراءات الرقابية في المنطقة. وكان هناك العديد من الدول كانت قد اتخذت تلك الخطوة من قبل وهم تركيا، وعمان، وقطر، والصين، وكذلك الكويت التي أعلنت الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات فى الكويت، عن حجب لعبةROBLOX روبلوكس في الكويت بشكل مؤقت، وذلك استنادًا إلى صلاحياتها القانونية في حماية المستخدمين، لا سيما فئة الأطفال ووضحت الهيئة، إن هذا القرار يأتي استجابة لشكاوى الأهالي والجهات المختصة في شأن ما تحتويه اللعبة من مخاطر على سلامة الأطفال، بما في ذلك التعرض لممارسات غير آمنة، واستغلال إلكتروني، وسلوكيات ضارة، فضلاً عن محتويات غير مناسبة وممارسات شرائية غير آمنة وأكدت الهيئة أن قرار الحجب مؤقت لحين انتهاء مفاوضاتها مع الشركة المشغلة، والتأكد من التزامها بحذف أي محتويات مسيئة أو خطرة، وتوفير معايير حماية كافية للأطفال، وذلك قبل إعادة النظر في رفع الحجب وكانت وزارة الإعلام طلبت من وزارة المواصلات، حجب لعبة روبلوكس في الكويت، نظراً لخطورتها على الأطفال وتلك الخطوة جاءت بعد مطالبات متعددة من شرائح كبيرة من المواطنين، حيث أكدوا أن اللعبة تخالف القيم الأخلاقية والعادات المجتمعية، كما تحوي مشاهد عنف دموية، وتشجع العنف والسلوك العدواني، فضلاً عن كونها تتضمن مشاهد تنافى العادات والتقاليد المجتمعية. رغم كل ذلك إلا أن الشركة مازالت تتعرض لانتقادات واسعة من خبراء وباحثين وأجهزة إنفاذ القانون بدعوى عدم توفير الحماية الكافية للأطفال من مخاطر الاستغلال أو التحرش، كما تخوض حاليًا عدة دعاوى قضائية في الولاياتالمتحدة مرتبطة بسلامة الصغار، إلا أن في الوقت الحالي بدأت دول اخرى بتنفيذ خطوة حذر الشات ايضًا مثل السعودية والإمارات وتركيا، وعمان، وقطر، والصين، والكويت، فالان الاردن ايضًا حظرت اللعبة، وقد أعلنت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأردنية أنها تواصلت مع القائمين على منصة روبلوكس وتم التوافق على حجب المنصة لغرف الدردشة كاملة للمستخدمين في الأردن، أسوة بالسعودية والإمارات، وأوضحت الهيئة، أنها تلقت تقارير ودراسات متخصصة، أظهرت أن بعض مكونات اللعبة، وخصوصاً غرف الدردشة، تنطوي على مخاطر تتمثل في إمكانية تعرض الأطفال للإساءة أو الاستغلال أو الترويج لسلوكيات غير آمنة، كما بينت تلك الدراسات، أن طبيعة هذه الغرف المفتوحة، واعتمادها على التفاعل المباشر مع مستخدمين مجهولين، يجعلها بيئة خصبة لنشر محتويات غير ملائمة أو محاولات تواصل ضارّة مع الأطفال. البحرين لم يتوقف الامر للأردن فقط، فقد كشف أحد النواب بدولة البحرين عن عزمه تقديم مقترح نيابي لإيقاف لعبة روبلوكس في مملكة البحرين، لأنه تلقى بلاغات يومية بشأن مخاطر مرتبطة باللعبة، وأوضح أنه بصدد التنسيق مع الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مؤكدًا توجهه إلى حظر اللعبة محليًا حفاظًا على سلامة الأطفال الرقمية والحد من المخاطر السيبرانية المرتبطة بها. وعن الآثار السلبية المحتملة على الأطفال بسبب لعبة روبلوكس، والتي من الممكن أن ينقذ الاهالي أطفالهم بسببها، وهي التعرض لمحتوى غير لائق وذلك لأن المحتوى يتم إنشاؤه بواسطة المستخدم، فقد يواجه الأطفال موادًا عنيفة أو جنسية غير مناسبة قد تكون مزعجة أو مؤلمة، التواصل مع أشخاص مجهولين، فتمنح ميزات التواصل في منصة روبلوكس فرصًا لأشخاص مجهولين بالتفاعل مع الأطفال، وهذا الأمر قد يجعلهم عُرضة للاستغلال، وايضًا، التنمر الإلكتروني فإن الطبيعة المجهولة لألعاب الإنترنت يمكن أن تسهل التنمر الإلكتروني وغيره من أشكال المضايقة التي قد يتعرض لها الأطفال، والتي يمكن أن تتطور إلى المطاردة الإلكترونية، وهذا بدوره يؤثر على نفسية الطفل، هذا بالاضافة الى الاستغلال المالى، فإن استخدام العملة داخل لعبةRobux، والآليات يمكن أن يشجع على الإنفاق المفرط، مما يؤدي إلى ضغوط مالية وربما تعزيز سلوكيات تشبه المقامرة، وخاصة بين الأطفال، واخيرًا، الإفراط في الجلوس أمام الشاشات، فجلوس الأطفال أمام لعبة روبلوكس يجعلهم يستهلكون وقتًا طويلًا أمام الشاشات، وهذا الأمر يجعلهم عُرضة لمشكلات صحية على المستوى البدنى والعقلى، مثل الإصابة بالسمنة نتيجة الجلوس فترة طويلة دون أي مجهود بدنى وما يترتب على هذه الحالة من مشكلات صحية أكثر خطورة، بجانب مشكلات مرتبطة بالصحة العقلية مثل تشتيت الانتباه وضعف التركيز. اقرأ أيضا: روبلوكس.. اللعبه الأخطر على الانترنت تستدرج أطفالنا لعالم مرعب وبالتواصل مع المهندس قال المهندس محمد ماجد، خبير تكنولوجيا المعلومات، بدأ حديثه قائلاً: إن لعبة روبلوكس أصبحت اليوم من أكثر الألعاب انتشارًا بين الأطفال والمراهقين، فلا يكاد يخلو هاتف واحد في أيدي هذا الجيل من وجودها، حيث يقضي كثير من الأبناء ساعات طويلة عليها ليلًا ونهارًا، غير أن ما ظهر أخيرًا من كوارث مرتبطة بها كشف عن وجه آخر خطير، إذ لم تعد مجرد لعبة بريئة كما تبدو من الخارج برسومات كرتونية وأشكال جذابة، بل تحولت إلى بيئة افتراضية مليئة بالمخاطر، تتيح لأشخاص غرباء استدراج الأطفال إلى أفعال خادشة وخطرة لا تتناسب مطلقًا مع أعمارهم، كما أن المشكلة الأعمق أن اللعبة تتيح غرفًا مغلقة ودردشات خاصة ومكالمات صوتية، ما يجعل الطفل مكشوفًا تمامًا أمام محاولات الاختراق النفسي والاجتماعي، وقد دفع ذلك بعض الدول إلى حظرها أو على الأقل تعطيل ميزة الدردشة داخلها، لكن الحقيقة أن الحجب وحده لا يمثل الحل النهائي، فكما يحدث مع شبكات القرصنة التي تفكك، قد يظهر لاعبون جدد، وتستمر الظاهرة بأشكال أخرى، فالحل الحقيقي يبدأ من سلاح الوعي، أن نربي أبناءنا على كيفية التعامل الواعي مع التكنولوجيا، وأن ندرك أن الإفراط أو سوء الاستخدام لأي وسيلة تقنية يؤدي بالضرورة إلى نتائج عكسية وخطيرة، فعلينا أن ننتبه إلى أن هذه التطبيقات لا تهدف في جوهرها إلى تسلية أطفالنا فقط، وإنما تقوم على دراسة سلوك المستخدمين وتحليل بياناتهم، من أجل إبقائهم أطول وقت ممكن على المنصة لتحقيق أكبر قدر من الأرباح. ورغم أن هذه المنصات قد تبدأ بنوايا حسنة، إلا أن غياب الرقابة الفعّالة يجعلها بيئة مفتوحة للاستغلال والإساءة، كما إن وعي الأسرة هو خط الدفاع الأول، فلا بد أن نتابع أبناءنا وهم يمارسون الألعاب الإلكترونية، وأن نوضح لهم أن التكنولوجيا أداة نافعة إذا أحسن استخدامها، لكنها قد تتحول إلى أداة تدمير إذا أسيئ استخدامها، فالمعركة الحقيقية ليست في حجب لعبة هنا أو هناك، بل في بناء جيل واعي قادر على حماية نفسه وسط عالم مفتوح بلا حدود.